Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Mar-2017

جماعة عمان لحوارات المستقبل تنتصر للمعلمين - بلال حسن التل
 
الراي - شكلت المبادرة التي طرحتها جماعة عمان لحوارات المستقبل مطلع هذا الأسبوع، والتي حملت اسم «تعزيز مكانة ودور المعلم الأردني» انتصاراً واضحاً للمعلم الأردني من طرف الجماعة،خاصة عندما أعلنت الجماعة في ديباجة المبادرة الأهداف التي تسعى إليها. وفي طليعتها إعادة الاعتبار للمعلم كقائد اجتماعي وتربوي، يجب أن يشغل المكانة اللائقة به، تجسيداً لما ورد في تراثنا من مقولات تمجد المعلم، من ذلك قول العرب «من علمني حرفاً كنت له عبداً» وقول الشاعر
 
قم للمعلم وفه التبجيلا
 
كاد المعلم أن يكون رسولا
 
فهذا هو الأصل الذي كان سائداً في كل مراحل ازدهار حضارتنا، وهذا هو المفهوم الذي أخذ به البناة الأوائل للدولة الأردنية الحديثة، لأن المعلم هو الذي يعد القادة السياسيين والاقتصاديين والمفكرين والفلاسفة.ومن ثم فإنه يجب أن يتمتع بالمكانة التي تتيح له مواصلة إعداد القادة، ورفد المجتمع باحتياجاته من القوى المؤهلة لإدامة تطور وتقدم هذا المجتمع، وبغير ذلك تبدأ المجتمعات بالتراجع والتقهقر والشواهد على هذه الحقيقة أكثر من أن تعد.
 
وجماعة عمان لحوارات المستقبل في سعيها لإعادة المعلم الأردني إلى مكان الصدارة الاجتماعية، تستند إلى حقيقة أن دور المعلم يتجاوز مهمة تزويد الطلاب بالمعارف والعلوم،إلى بناء منظومة القيم والسلوك، أي الإعداد النفسي والعقلي والمعرفي للطالب، والمعلم بهذا المعنى هو المؤتمن على هوية المجتمع المادية والمعنوية وبنائه الأخلاقي بالإضافة إلى بنائه المعرفي.
 
وحتى يستعيد المعلم مكانته في مجتمعنا، فإنه لابد من إعادة بناء العلاقة مع المعلمين داخل الحرم التعليمي وخارجه، على أساس الحب والتكريم والوفاء والتوقير. وهي العلاقة التي شهدت في السنوات القليلة الماضية الكثير من مظاهر الاختلال، الذي لن يتم إصلاحه إلا إذا تم نبذ كل السلوكيات الشاذة التي تؤذي المعلم، والتي وصل بعضها حد ضربه وإهانته، وهو الأمر الذي يتنافي مع أبسط القواعد الإنسانية ناهيك عن أصول التربية. وعن المكانة اللائقة التي يجب أن يشغلها المعلم.
 
وفي إطار إعادة بناء العلاقة مع المعلم أكدت جماعة عمان لحوارات المستقبل في مبادرتها حول المعلم الأردني على ضرورة أن يعامل المعلم على أنه قدوة ونموذج ومثال يحتذي به، في نفس الوقت الذي دعت فيه الجماعة إلى أن يحرص كل المعلمين على تجسيد هذه المعاني في سلوكهم وعلاقتهم مع الآخرين، ومع طلابهم على وجه الخصوص.
 
لذلك أكدت الجماعة في مبادرتها على ضرورة أن يجمع من يمارس رسالة التربية والتعليم بين ثلاثة أمور أساسية وجوهرية لأي معلم،أولها الكفاية والتمكن في حقل تخصصه بصورة علمية وعملية،وقد أسهبت المبادرة في هذه النقطة، فوضعت تصوراً شاملاً لآليات وإعداد المعلمين، وتأهيلهم ومعرفة ميولهم ورغباتهم، ومدى قدرتهم على حمل مسؤولية التعليم، مع التأكيد على أهمية استمرار عملية التأهيل للمعلم طوال فترة عمله ليظل على تماس مع آخر العلوم والنظريات العلمية والتربوية، من هنا تضمنت مبادرة جماعة عمان لحوارات المستقبل مقترحاً يقضي بمنح المعلم إجازة مزاولة مهنية تجدد كل خمس سنوات بعد أن يجتاز المعلم سلسلة من الاختبارات.
 
بالإضافة إلى الكفاية والتمكن، فقد اشترطت مبادرة جماعة عمان لحوارات المستقبل أن يتحلى المعلم بالفضائل والأخلاق الحميدة، بالإضافة إلى أخلاقيات المهنية وأن يكون متمتعاً بالدافعية الإيجابية العالية للعمل في ميدان التربية والتعليم، فالرغبة هي الأساس لنجاح أي شخص في أداء عمله، فكيف إذا كان هذا العمل عملاً رسالياً كعمل المعلم.
 
وجماعة عمان لحوارات المستقبل تؤمن من خلال مبادرتها، أن هذه الأهداف وهي في مجملها تعالج الجانب المعنوي في مكانة المعلم، لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع دون أن نوفر للمعلم سبل العيش الكريم، لذلك دعت الجماعة إلى أن يكون راتب المعلم هو الراتب الأعلى في سلم كل رواتب موظفي الدولة، انطلاقاً من إيمانها بأن النهوض بالمكانة الاجتماعية والمادية للمعلم هي المدخل الحقيقي للنهوض الشامل بالمعلم والتعليم، ومن ثم النهوض بالمجتمع كله. كما دعت إلى وضع نظام مالي خاص لرواتب المعلمين ومكافآتهم وترقياتهم، بحيث تستمر عملية تحسين أوضاع المعلم المادية طيلة سنوات عمله.
 
إن لهذا الانتصارمن جماعة عمان لحوارات المستقبل للمعلمين مبرراته المنطقية، ذلك أن المعلم هو الحلقة الأهم في العملية التربوية والتعليمية، وأنه لا يمكن إصلاح التعليم في أي مجتمع دون أن يتمتع المعلم فيه بالمكانة التي تليق به، كما دلت على ذلك كل التجارب خاصة المعاصرة منها، كما هو الحال في اليابان وماليزيا وسنغافورة وغيرها من الدول التي كان إصلاح وضع المعلم بها مدخلاً إلى إصلاح التعليم، ومن ثم إلى الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فالمعلم هو الذي يعد القائد السياسي والمصلح الاجتماعي والمخطط الاقتصادي ومن ثم فإن الانتصار له انتصار لهؤلاء جميعاً.
 

Bilal.tall@yahoo.com