Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Sep-2017

الظلم - د. فايز الربيع
 
الراي - ظلال المصطلح يوحي بمعناه، نقول ظلام دامس، أي لا تستطيع الرؤية من شدة الظلام، نقول ظلمة الليل، يقابلها إشراقة الصباح، يقول الإمام الشافعي، (مثل من ينقل عنا دون أن يعرف دليلنا، كمثل حاطب ليل لا يدري إن كان في حطبه أفعى تلدغه).
 
من انواع الظلم، ظلم الإنسان لنفسه، عندما لا يستبين طريق الحق، تمضى الحياة به، ولَم يستبن الحق، الذي أراد الله له أن تكون فيه سعادته في الدنيا والآخرة. (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى، قال ربي لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا، قال كذلك اتتك آياتنا فنسيتها وكذلك الْيَوْمَ تنسى) ومن هنا كان المعنى اللغوي لكلمة (كافر) الذي يغطي الحق، ونقول لغطاء آنية الطبخ- كفرتها- أي غطيتها، حتى لا يرى ما بداخلها.
 
ويترتب على ظلم الانسان لنفسه، أن يشتق لنفسه منهجا ربما يتداخل فيه هواه، ولذلك نقول (ان الدين هو اختيار الهي، وليس اختيارا بشريا) أي لا يجوز أن تجعل لنفسك دينا ليس من عند الله ولا يرتضيه لك.
 
وتنتقل دائرة الظلم من ظلم للنفس، الى ظلم للغير، فيتجبر الإنسان بأخيه الانسان ويمارس عليه شتى انواع الظلم، بدءا من دائرة الأسرة ومرورا بدائرة المجتمع.
 
انشأت الدولة الاسلامية أو دولة المسلمين عبر تاريخها ديوانا أسمته ديوان المظالم، وكان على نوعين، ديوان العامة، وديوان الخاصة، وكان ديوان الخاصة تحت الإشراف المباشر للخليفة، يجلس فيه يوما في الأسبوع لسماع شكاوى من له مظلمه لم يستطع الديوان العام القيام بها والمتعلقة بكبار موظفي الدولة بما فيهم، أقارب الخليفة، وينفذ أمره برد المظالم الى أصحابها.
 
يقول ابن خلدون (الظلم مؤذن بزوال العمران) أي ان الدولة الظالمة مصيرها الى الزوال وقيل (ان الدولة الكافرة تنتصر بالعدل، وتزول الدولة المسلمة بالظلم) هذه سنة كونية (ولن تجد لسنة الله تبديلا) (ولن تجد لسنة الله تحويلا) هذه قاعدة في زوال الدول والحضارات نلمسها من استقراء التاريخ، ومعرفة العبرة فيه، لإن قصص التاريخ ليست للتسلية وإنما للعبرة، (لقد كان في قصصهم عبرة لإولى الألباب) من انواع الظلم ان يؤمر الفاشل على الناجح وأن يقود الفاشل مسيرة المجمتع كان ذلك من أسباب سقوط الاتحاد السوفيتي، كما هو معروف في تاريخنا الحديث.
 
في واقع مجتمعنا وفى إدارتنا، إن كان هذا سلوكا مرضيا عنه، نجد في كل يوم قصصا في كل مستويات الإدارة عن انواع من الظلم، الذي يمارس بأشكال مختلفة، يصل فيها المنافق والمطبل والمسحج، الى موقع متقدم ويقدم فيه أهل الولاء على أهل الكفاية، ومن هنا تصبح محصلة الأدارة فشلا على فشل لتكون الادارة بالمصالح والعلاقات بدل الإدارة بالنتائج وتكافؤ الفرص فيعاقب المنتج ويكافأ الفاشل وهي منظومة يشكو منها كل من يعمل في الأدارة.
 
الله سبحانه وتعالى حرم الظلم على نفسه وحرمه على العباد وقال تعالى (والله لا يحب الظالمين) (وإن كثيرا من الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض) وللحديث بقية.