Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Mar-2018

رئيس قوي.. دولة قوية!! - محمد كعوش

 الراي - عرف المرشح للرئاسة فلادمير بوتين كيف يختار شعار حملته الانتخابية لجذب الناخبين الروس الى صناديق الاقتراع وتأييدهم له في المرحلة الحاسمة التاريخية.

خاض بوتن معركته تحت شعار « رئيس قوي.. روسيا قوية «، وهو الشعار الذي يلبي طموحات وآمال وتطلعات الشعب الروسي في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والعسكرية في المرحلة الراهنة.
والحقيقة أن الانتخابات الروسية كانت منظمة منضبطة، وتمت بسهولة لافتة، حتى قيل إن احد رواد الفضاء الروس ادلى بصوته وهو في محطته الفضائية، وبهذه المناسبة لا نريد أن نقول إن ما حدث في روسيا هو « عرس ديمقراطي»، فلنترك « الأعراس « لدول العالم الثالث،أما الديموقراطية فلنتركها للدول الغربية والمتشبهة بها، لأنها بضاعة أميركية كاسدة، تستخدم كسلاح ضد الدول والشعوب المناهضة للهيمنة الأميركية.
ومن خلال قراءة واقعية متأنية لنتائج الانتخابات الرئاسية في روسيا نجد ان المعركة بنتائجها كانت فاصلة بين تاريخين، لأن نتائج الاقتراع لم تجدد لبوتن وتعيده الى الكرملين وتنصيبه رئيسا لروسيا فحسب، بل تم تطويبه زعيما لروسيا، فاصبح قيصرها الأكبر الجديد، كما أن فوزه كرّس ولادة عالم متعدد الأقطاب، رغم كل حملة التشويش والشغب الغربية التي بلغت الذروة عشية الانتخابات، والتي وصلت الى حد التلويح والتحدي المعلن بتوجيه ضربة صاروخية لسوريا، وكذلك توجيه اتهتامات لموسكو باستخدام الغاز لتسميم الجاسوس المزدوج سكريبال.
هذه الاتهامات الاستفزازية لم تتوقف عند حدود الموقف البريطاني بل تجاوزته نحو العمق الأوروبي، فسارعت فرنسا والمانيا الى اعلان موقفهما المؤيد والداعم لحكومة تيريزا ماي، وكذلك الولايات المتحدة التي حاولت جر العالم نحو حافة الهاوية بهدف اضعاف موقف بوتين في معركته الرئاسية. لكن بوتين ادرى بواقع بلاده الداخلي ويعرف تطلعات الشعب الروسي، الذي رد على الحراك الاستفزازي الغربي بمزيد من الالتفاف حول قيادته فكان هذا الفوز الكاسح لبوتين.
وبهذه المناسبة من الضرورة التذكير بدور وحصة الحزب الشيوعي الروسي، وكان من الممكن أن تكون حصته اكبر لولا وجود مرشحين شيوعيين اثنين في معركة واحدة، ولكن الثابت أن الوجود الشيوعي في الساحة الروسية يشبه الوجود الناصري في الشارع المصري، أي انهم يمثلون حضور الماضي الجميل فحسب.
وهنا نعترف بأن نتائج الانتخابات الروسية استفزت واغضبت الغرب، فحدثت اتصالات مكثفة بين قادة عدد من الدول الآوروبية، لدراسة كيفية الاستمرار في خلق العراقيل والمتاعب في طريق «الزعيم الروسي»، وربما تصل للمطالبة بفرض عقوبات جديدة ضد روسيا ومحاصرتها اقتصاديا، ولكن يبدو أن قادة هذه الدول المتحمسة والمندفعة في مواجهة موسكو، من الذين يريدون مداعبة النمر الروسي، ولا أقول الدب الروسي الذي اصابته الشيخوخة، هؤلاء يعولون على الموقف الأميركي، ولكنهم لا يعرفون الى اين ستوصلهم هذه الطريق.
أقول ذلك لأن قادة اوروبا، وغيرهم، ما زالوا يعرفون ترمب ومزاجه المتقلّب وسلوكه الجامح. الحقيقة أن لا أحد يستطيع أن يتوقع حجم وشكل وماهية ردود فعل الرئيس ترمب تجاه هذه حزمة الأزمات التي تواجهه على أكثر من جبهة فالولايات المتحدة سعىت مع حلفائها الى توجيه ضربة ضد سوريا بعد اتهامها باستخدام اسلحة كيماوية في الغوطة، واعلنت موقفا مساندا لبريطانيا في مواجهة تداعيات ازمة الجاسوس المزدوج سكريبال، وفي ذات الوقت أعلن ترمب بعد تهنئة بوتن، انه يسعى الى لقاء قمة معه لبحث قضايا استراتيجية منها الصراع في سوريا والحد من سباق التسلح والزمة مع كوريا الشمالية.
امام هذا المشهد المرتبك المعقّد تبقى الأبواب مفتوحة أمام كل الاحتمالات، لأن لا ثوابت عند عتبة البيت الأبيض!!