Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Mar-2017

الشعوب الأردنية الشقيقة - سامح المحاريق
 
الراي - مرة بعد أخرى تنطلق الجدالات الساخنة بين الأردنيين على مواقع التواصل الاجتماعي وتنتقل الأجواء من تبادل الآراء ووجهات النظر إلى حملات التصنيف والتخوين في تراشق ساخن يظهر بوضوح مسألتين تستحقان التوقف طويلاً عندهما، يمكن أن توصف الأولى بالتمسك بالكتالوج الأيديولوجي الصارم الذي لا يعتبر الأردن سوى أرضاً لتطبيق جزء من مشروع أوسع إسلامياً كان أو قومياً أو أممياً، فالأردن بالنسبة لمن يحملون المواصفات القياسية تأتي في المرتبة الثانية، وتتحدد صورتها بقدر ما تتلاءم مع الإطار الذي يحملونه في داخلهم، ومع أن هذه الحالة تتواجد في دول عربية أخرى تحمل من عوارض اضطراب الهوية الكثير، إلا أن القناعات العقائدية أو الأيديولوجية تشكل في الأردن تقاطعات متشابكة ومعقدة لشيوع الحس السياسي بين المواطنين بصورة تفوق غيره من الدول.
 
الشاغل السياسي مركزي في الأردن، وهذه مسألة طبيعية لبلد دخل صراعاً وجودياً على امتداد عقود من الزمن وتصادف ذلك مع مستويات تعليم مرتفعة وتواجد لتنظيمات سياسية متباينة وجدت في الأردن فرصة للتماس مع المواجهة على اختلاف النوايا والأهداف، ومع ذلك، فإن العمل السياسي متغيب في الأردن، والممارسة السياسية لم تكن حاضرة، وتراجعت بشدة أمام تصاعد الحضور العشائري والجهوي، فالأردني عادة ما يمتلك خطاباً سياسياً مختلفاً عن قراره الانتخابي، ولذلك فالنقاش السياسي في الأردن يحمل المسحة التطهرية أو ما يشبه غسل اليد من كل جوانب السلبية أمام مساحات العمل المتاحة، ويأتي بنبرة عالية ومتشنجة تجعل من يقرأ عن الأردن على غير دراية كافية بالمجتمع يتخيل أن الأردن يعيش على فوهة بركان.
 
المسألة الثانية تتعلق بالتباين الشديد في التعريفات التي يقدمها الأردنيون لأي قضية، فالجميع تقريباً يتحدث عن المسؤولية القومية، والجميع تقريباً يشكو من تبعات وتكاليف ما يظهر أنه استجابة من الدولة لمسؤولياتها القومية، وفي النهاية لا يمكن لأحد أن يعرف على وجه اليقين ما الذي يتوقعه الأردنيون ممن يقدمون شيكاً مفتوحاً من الولاء والحماس لأي دولة عربية تدعي الممانعة أو المقاومة، كما أن أحداً لا يمكنه أن يعرف تحديداً ما مصدر شكوى الأردنيين من الدول العربية الأخرى، وما الذي يريدونه على وجه الخصوص، وبالطبع لا يمكن لأحد أن يعرف موقفاً شعبياً أردنياً واحداً أو متجانساً أو متشابهاً من ايران أو تركيا، والغالبية تتعامل مع قضايا حرجة وحساسة من منطق التعامل مع السباق المشتعل بين برشلونة وريال مدريد!
 
الأردنيون يتراشقون بكل توتر وعصبية على الفريقين، وربما يحدث ذلك في مختلف أنحاء العالم، ولكن الطبيعي ألا يتم حشر موقف فريقين كرويين من اسرائيل وفلسطين في قضية التعصب لتشجيع أياً منهما، فالفريقان مؤسستان تجاريتان في النهاية، ويسعيان وراء مصالحهما، ولاعبو كرة القدم موظفون، وحتى من ادعى أنه جيفارا زمانه مثل مارادونا لم يتردد في التوجه للبكاء على حائط البراق، ولكن الأردني بطبيعته لا يمكنه إلا أن يخلط الأوراق وأن يعقد البسيط، ويصنع القبة من الحبة.
 
ظاهرة التراشقات تستدعي بالفعل وقوفاً بالتحليل والفهم، خاصة أنها تجعل أي شخص موضوعي يحاول ترسيم صورة للأردن في هذه المرحلة يستشعر في مرحلة ما أنه بصدد التعامل مع الشعوب الأردنية الشقيقة.