Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Oct-2018

يحدث في بلاد الرافدين !! - محمد كعوش

 الراي - لا اعتقد أن مشكلات العراق وازماته المزمنة قد انتهت بانتخاب رئيس الجمهورية الجديد ، أو تكليف عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة البديلة، لأن الأزمة في العراق اعمق وأخطر وأكبر، تعود جذورها الى بداية الاحتلال قسّم العراق، والقبول بكامل بنود دستور بريمر وتعليماته التي ما زال النظام في بغداد يمارسها ويلتزم بتنفيذها حتى اليوم، اضافة الى الوجود العسكري الأميركي المسكوت عنه، المنتشر في القواعد العسكرية بانحاء العراق، ودور الادارة السياسية – العسكرية المخفية، التي تضم عددا كبيرا من الخبراء الأميركيين الذين يتدخلون بالشؤون العراقية المحلية تحت عنوان خبراء في الحرب على الارهاب والحد من النفوذ الايراني.

منذ الاحتلال اصيب العراق بلوثة المحاصصة الطائفية والعرقية عن سابق اصرار وتصميم، وهي اللعنة التي جلبت لبلاد الرافدين المتاعب والمشكلات المعقدة، فصار العراق مثل لبنان، يخرج من ازمة ليواجه اخرى، وبصراحة أقول إن النخبة السياسية الحاكمة والمرجعيات الطائفية والقبلية والحزبية المستفيدة من هذا الواقع غير معنية بالتغيير، وتحولت الى قوى شد عكسي في محاولة يائسة بائسة واهمة لوقف حركة التاريخ، وصد حركة التغيير.
وعندما نتوقف امام المشهد العراقي نرى من الفصول ما يثير الدهشة والضحك والسخرية، فالأنتخابات في كل السلطات تتم وفق تسويات ومصالح النخبة الحاكمة، أو انها تتعطل كما حدث في الانتخابات النيابية التي تم اعلان نتائجها بعد ثلاثة اشهر، وهو ما لم يحدث في أكثر البلدان تخلفا واستبدادا.
وعند الحديث عن الطبقة الحاكمة نراها قد تحولت الى طبقة مستفيدة فاسدة، لا يهمها قضايا الوطن وهموم الناس وخصوصا الطبقة الفقيرة التي تتوسع دائرتها يوميا لأن هكذا نظام يعيد انتاج الفقر بشكل أكبر.
في مثل هذا الحال يحق للعراقيين التساؤل بغضب، لأن بلدهم ينتج نفطا يساوي المليارات ولكن المواطن العراقي المسكين غير قادر على تأمين حصته من الماء الصالح للشرب أو حصته من الكهرباء في اوقات تصل فيها درجة الحرارة الى خمسين درجة ؟
هم يعرفون أن ثروات البلاد منهوبة، وأن هناك من يتقاسم الغنائم بحراسة المليشيات التي تغوّلت على الدولة بكل سلطاتها، بحجة محاربة الارهاب ومواجهة التكفيريين، وملاحقة»المندسين»في الحراكات الشعبية في الموصل وغيرها، والمحزن أن المرجعيات الدينية التي خلطت الدين بالدولة، اخذت مداها في ادارة الدولة والهيمنة السياسية، وصارت تساند وتدعم الحاكمين الفاسدين والمتنفذين على حساب مؤسسات الدولة والعدالة في توزيع الثروات وتتجاهل صرخات المحرومين.
في مثل هذا الواقع اعتقد ان ازمات العراق تتواصل ولن تتوقف عند حد، الا اذا تم الغاء وشطب كل مخلفات الاحتلال، والغاء المحاصصة وفصل الدين عن الدولة، وانهاء حالة التبعية والتجاذب القائم المتواصل بين التبعية لواشنطن وبين الخضوع للنفوذ الايراني، وفي النهاية يجب اجراء مصالحة وطنية وفتح الباب امام كل الأطياف السياسية للمشاركة في صياغة مستقبل العراق الجديد، وبغير ذلك ستبقى بلاد الرافدين متعبة متورطة غارقة في الفوضى والعنف والفساد.
m.yousefkawash@gmail.com