Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Sep-2018

“نيويورك تايمز”: الشرق الأوسط بحاجة لقرارات صعبة للتقدم نحو السلام
 
لندن- “القدس العربي”- إبراهيم درويش - “القطع المحطمة للسلام في الشرق الأوسط” هذا ما وصف به المعلق توماس فريدمان المنطقة بمقاله في صحيفة “نيويورك تايمز” بمناسبة الذكرى الأربعين على توقيع اتفاقية كامب ديفيد التي يقول إنها كانت العلامة الكبرى لصناعة السلام في الشرق الأوسط: “كم سقطنا منذ ذلك الوقت وهذا يجعلني أبكي”.
 
فبدلا من حدوث تقدم يبدو الفلسطينيون والإسرائيليون وكأنهم يتجهون رويداً رويداً نحو الانفصال. فبدون تقدم جدي فالحكم الفلسطيني القائم مهما كان شكله سينهار وعلى إسرائيل تحمل المسؤولية الكاملة عن الصحة والتعليم والرفاه الإجتماعي لـ 2.5 فلسطيني في الضفة الغربية. وعندها يجب على إسرائيل أن تقرر الإطار القانوني الذي ستحكم الضفة الغربية من خلاله إما دولة ثنائية القومية أو دولة تمييز عنصري وكلاهما “كارثة على الديمقراطية اليهودية” كما يقول فريدمان.
 
ويضيف أن الكثير من الأطراف تتصرف بطريقة سيئة بادئاً بالإشارة إلى حركة حماس التي تدير غزة ويقول إنها تواصل استراتيجية الفداء البشري وترسل موجة بعد موجة من المحتجين إلى السياج الحدودي مع إسرائيل بدون هدف وأحياناً بدون أن يلاحظها أحد. و”هذا مخجل”.
 
“لعنة”
 
ويقول إن حماس كانت “لعنة” على الفلسطينيين. ففي الوقت الذي كان مفتاح أي تقدم فلسطيني نحو الحل مع إسرائيل هو إشعار الأخيرة بأنها آمنة ولكن غير آمنة أخلاقياً بسبب استمرارها في احتلال الأراضي تقوم حماس بعملية حفر لا تنتهي للأنفاق والهجمات الحدودية وبدون أن ترفق بعرض لحل الدولتين بشكل تجعل من إسرائيل غير آمنة ولكنها راضية أخلاقياً عن استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية.
 
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو (بيبي) فيقول فريدمان إنه كان استراتيجياً بارعاً في مواجهة إيران والتعامل مع روسيا في سوريا. وفي الجانب الفلسطيني لم تكن لديه سوى استراتيجية علاقات عامة “فهو يستخدم كل ملكاته العقلية ليقنع أمريكا بأن الطرف الفلسطيني هو المسؤول عن غياب التقدم في العملية السلمية، وبدون أن يقدم بديلاً جديداً أو قديماً أو افكاراً حول كيفية الإنفصال عن الفلسطينيين لكي يتجنب خيار الدولة ثنائية القومية أو دولة التمييز العنصري. ويعلق أن نتنياهو سيدخل التاريخ كرجل ربح كل نقاش وخسر إسرائيل كديمقراطية يهودية.
 
وبالنسبة لدونالد ترامب، فهو ليس أول رئيس أمريكي يتبنى فقط استراتيجية موالية لإسرائيل بل وإستراتيجية موالية للاستيطان اليهودي. فمن أجل إرضاء قاعدته الإنجيلية المتطرفة والمتبرعين اليهود الكبار مثل شيلدون أديلسون قام بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس بدون الطلب من إسرائيل تقديم ثمن لما قدمه لها. بشكل يعطي “فن التخلي” بدون أي مقابل. وهو الآن يقوم بإلغاء برامج الدعم الأمريكي للفلسطينيين خاصة التعليمية والصحية كعقاب لهم على عدم التفاوض على خطة جارد كوشنر التي لم تتضح ملامحها بعد، في وقت التزم فيه بالصمت تجاه الإستيطان الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية.
 
“حبس الأنفاس”
 
وعن السلطة الوطنية في رام الله يقول فريدمان إنها على ما يبدو تبنت استراتيجية “سأحبس أنفاسي حتى يصبح لون وجهي أزرق” من الغضب. وترفض التفاوض مع فريق ترامب على قرارات ترامب الفردية الحمقاء ونقله السفارة وشعورها بالإحباط من عدم تلقيها أي شكر لا من إسرائيل أو الولايات المتحدة بسبب تعاونها الأمني في الضفة. وفي الوقت نفسه كشف استطلاع في مارس/ آذار أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن السلطة الوطنية مثقلة بالفساد. ويعتقد فريدمان أن السلطة بحاجة إلى استراتيجية وبشكل سريع لأن استراتيجية التحدي ولعب دور الضحية لا تعمل. كما أن الوضع القائم يضر بالفلسطينيين مع أن كل طرف يتحمله في الوقت الحالي، وعليه فالسلطة بحاجة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
 
ويقدم فريدمان اقتراحات للسلطة، منها أن إدارة ترامب تتحدث عن دعم حلفائها العرب للخطة، لكن هؤلاء لن يدعموا خطة لا تفي بالقدر الأدنى من المطالب الفلسطينية. وبدورهم لن يرضى الفلسطينيون بالحد الأدنى هذا بدون غطاء عربي. ويطالب فريدمان محمود عباس بالذهاب لحلفاء ترامب الأربعة العرب- مصر والسعودية والأردن والإمارات – ويقترح عليهم القبول بشكل جماعي بخطة ترامب وكوشنر حالة شملت الخطة معيارين: الدعوة لدولة فلسطينية متجاورة لا مجموعة من الكونتونات غير المترابطة وتمنح الفلسطينيين نوعاً من السيادة على القدس الشرقية حيث يعيش فيها 300 ألف فلسطيني. وعلى السلطة القبول بأن دولتها ستكون منزوعة السلاح. وبهذه الطريقة سيحصل العرب على الغطاء الذي يريدونه لإقناع الرأي العام والفلسطينيين على الغطاء للتعامل مع ترامب. ولو لم تتضمن الخطة أياً من المعيارين فيجب على ترامب أن لا يزعج نفسه ويخرج خطته للعلن لأنها ستموت قبل وصولها للعالم العربي علاوة على الضفة الغربية. وفي حالة تبني فريق ترامب المبادرة الفلسطينية- العربية وجعلها جزءاً من خطته فسيجبر نتنياهو على تقديم تنازلات خاصة أنه لم يظهر أي استعداد للتنازل في موضوع الدولة الفلسطينية وقضية السيادة الفلسطينية على القدس. واستطاع نتنياهو مواصلة عناده بسبب مقاطعة الفلسطينيين المفاوضات.
 
خيار الرفض
 
كما أن تبني كوشنر- ترامب المبادرة العربية في مطالب الحد الأدنى سيضع نتنياهو أمام خيار الرفض بشكل يكشف عن موقفه الحقيقي أو القبول من خلال التخلي عن العناصر اليمينية في حكومته وتشكيل حكومة تشرف على التفاوض. ويشير فريدمان لتعليق المبعوث الخاص للشرق الأوسط دينيس روس الذي قال إن الفلسطينيين لا يريدون خسارة سلطة الحكم في الضفة الغربية. وفي الوقت نفسه لا تريد أمريكا او إسرائيل فراغاً لأن كل الفراغ في الشرق الأوسط يملأ بشيء أسوأ. ويعلق روس أن المبادرة الفلسطينية العربية بمطالب الحد الأدنى قد تكون أساساً للتفاوض وتعطي الفلسطينيين الغطاء للعودة إلى طاولة المفاوضات والضغط على إدارة ترامب تقديم خطة أكثر جدية أو الكشف عن عدم جدية واشنطن.
 
ويختم فريدمان مقالته بالقول إن أنور السادات ومناحم بيغن واجها خيارات صعبة وقاما بالإختيار. ونحن في هذه المرحلة مرة اخرى فالبنسبة للفلسطينيين إما العدم او المسالمة. أما إسرائيل فإما الإنفصال أو دولة ثنائية القومية وتمييز عنصري. وخيار جارد كوشنر وترامب يكمن في خطة جدية والتعامل بقسوة مع كل الاطراف بما فيها إسرائيل أو البقاء في بيوتهم.