وكان بداية انطلاقة الجيش العربي الهاشمي على وحي من رسالة الثورة العربية الكبرى ونبل رسالتها. فاصبح جيشنا العربي الشجاع وريثاً للثورة العربية الكبرى التي قادها المغفور له بإذن االله الشريف حسين.

اما العودة للحديث عن الثورة العربية الكبرى فيحتاج لتوثيق بداياتها ومراحلها وابطالها. لقد اطلق تلك الثورة العربية الاولى والوحيدة في تاريخ امتنا العربية الشريف حسين ضد الدولة العثمانية المحتلة.

وبدأت الثورة في مكة المكرمة بطلقة واحدة من بندقية الشريف حسين في 1916/6/1.

وكان لدوي تلك الطلقة صدى في جدة والطائف والمدينة. وامتدت الثورة ضد العثمانيين بعد اخراجهم من الحجاز حتى وصلت سوريا، وتم اسقاط الحكم العثماني المحتل فيها كذلك في العراق. وكانت الثورة نتيجة السياسة العثمانية الاستبدادية خلال الحرب العالمية الاولى. وتمثلت بالتجنيد الاجباري ومصادرة الاملاك وحدوث مجاعة عام 1915 .كذلك سياسة القمع لجمال باشا الحاكم العسكري لسوريا.

الى جانب تراكمات العلاقة المعقدة بين العرب، والأتراك منذ ذلك الوقت حتى مؤتمر باريس 1913 .وكسر الجيش العثماني على امتداد خط القتال من المدينة المنورة وحتى دمشق. ثم دخول الجيش البريطاني من سيناء إلى فلسطين بقيادة الجنرال (إدموند ألنبي) ومنها حتى لواء إسكندرون؛ في 9/3 /1918.

انسحب العثمانيون من دمشق، وقبلوا بالهدنة ونهائيًا بمعاهدة (سيفر) والتنازل عن أملاكهم في نجد، والحجاز، وسوريا، والعراق ومصر.

وبعد مرحلة الانتصار العسكري للثورة اتجه الرأي لإقامة اتحاد دول عربية ويرأسها الهاشميون: الحسين وفيصل وعبد االله. لكن احتلال الفرنسيين لسوريا وعدائهم لفيصل منع من تحقيق فكرة الاتحاد، فتوّج فيصل ملكًاً على العراق، وتمكّن عبد االله من انتزاع تاج الأردن بوصفه «سوريا الجنوبية» وفي 1921/3/1 قدم المغفور له الشهيد الملك عبداالله للأردن وكان اميراً وشكل اول وزارة برئاسة رشيد طليع.

اما تأسيس الجيش العربي (Legion Arab (فبدأ بضم القوة النظامية التي جاءت مع الامير عبداالله الى القوة التي كانت موجودة في شرق الاردن بقيادة (بيك باشا) اضف اليها بطارية مدفعية جبلية وتوزيعها على مناطق (1 (الكرك (2 (البلقاء (3 (عجلون بالإضافة لقوة الشرطة المحلية ثم شكلت قوة الامن العام وتولى علي خلقي الشراري مستشار الامن والانضباط. ثم شكل (بيك باشا) قوة الامن

(1) (200 (رجل – قوة الدرك المحلي.

(2 (150 كتيبة الفرسان.

(3 (220 الكتيبة النظامية.

.الهجانة 150(4) ثم التحاق عدد من الضباط من الحكومة الفيصلية بعد مغادرة فيصل سوريا وقدوم الامير عبداالله الى معان في 25 ايار 1922 اعلنت شرق الاردن امارة مستقلة تحت الانتداب البريطاني يحكمها الامير عبداالله.

في 11/ايلول/1923 الغيت مديرية الامن العام والحقت الوحدات التابعة لها بالقوة السيارة فأصبحت جميع القوى العسكرية في شرق الاردن خاضعة لقائد واحد (بيك باشا) واطلق عليها اسم الجيش العربي باثر رجعي من (1/ايلول/1923 (وسمي الجيش العربي لأنه منذ تأسيسه ضم جنوداً وضباطاً عراقيين وسوريين ولبنانين وفلسطينيين ومصريين وسودانيين ثم عين في 10 تشرين اول 923) بيك باشا) قائداً عاماً للجيش ثم تطور تنظيم الجيش العربي حتى اصبح ما نراه اليوم جيشاً منظماً وقوياً ومهما يكن فالثورة العربية اعتبرت أحد أبرز تجليات القومية العربية بشكلها المعاصر، وشكّلت محطة مفصلية في تاريخنا العربي ووعيها، ولا تزال ألوان علم الثورة العربية الكبرى، أساس أعلام عدد كبير من الدول العربية، والحركات السياسية.

ولقد كانت لسياسة التتريك الدور الأساسي لاشتعال الثورة، كذلك احتقار العرب ووصفهم في مناهج المدرسة الحربية وتشكيلات الجيش العثماني بعد عناصر الغجر واليهود وانهم عناصر لا تتصف بالشجاعة والبسالة. وكانت الثورة العربية وضعت بالاتفاق بين الشريف حسين وقادة الجمعيات العربية في سوريا والعراق قرار استقلال العرب وإنشاء دولة عربية واحدة، وقد وعدت بريطانيا العرب من خلال مراسلات الحسين ومكماهون (1915 (بالاعتراف باستقلال العرب مقابل اشتراكهم بالحرب جانب الحلفاء ضد الأتراك.

خاصة أن الأتراك حلفاء للألمان في الحرب العالمية الأولى وقامت بريطانيا بتسليح العرب لخوض الحرب ضد الأتراك وبسبب التطلعات القومية العربية لبناء دولة عربية ناهضة ،تنقل العرب من عصر التخلف إلى الارتقاء الحضاري، قامت جمعيات عربية فوجدت في الشريف حسين وأولاده حليفا لها في أهدافها. بدأت باجتماع الشريف حسين باللورد كيتشنر المفوض السامي في القاهرة عام 1914 واتفق على استمرار الاتصالات بين الطرفين.

وكذلك مراسلات بين الشريف حسين والمعتمد البريطاني بالقاهرة السير (هنري مكماهون).

وتضمنت رسالة الحسين نصوص بروتوكول دمشق كأساس للتحالف مع البريطانيين ضد الأتراك، ومطالبة بالاعتراف بخليفة عربي للمسلمين.

وتعهدت بريطانيا بالاعتراف بالاستقلال العربي ، لكن بريطانيا أبدت بعض التحفظات لتساعدها على التهرب من التزاماتها، وكانت خدعة على العرب، كونها وضعت مخططات مع حليفتها فرنسا لاقتسام الأراضي العربية وضمها لممتلكاتها عن طريق اتفاقية سايكس بيكو وأيضا إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين.

تمكنت الثورة من طرد الاتراك من الحجاز وشرق الأردن، وساعدت المجهود البريطاني الحربي. لكن بريطانيا بدأت تنفذ مخططاتها في التجزئة والاحتلال وقسمت البلاد لثلاث مناطق

(1 (جنوبية تشمل فلسطين تحت ادارتها.

(2 (شرقية تمتد حتى حلب شمالا تحت إدارة الملك فيصل.

(3 (وغربية تضم الساحل السوري تحت الإدارة الفرنسية.

اتبع ذلك بالغزو الفرنسي وفرض الانتداب البريطاني على فلسطين وشرق الأردن والعراق والانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان. واستمرت مسيرة بناء الجيش العربي – القوات المسلحة الاردنية وتطويرها وكذلك الاجهزة الامنية الاردنية بدعم حثيث لم يتوقف منذ عهود المغفور لهم بإذن االله الشهيد الملك عبداالله وثم الملك طلال والملك حسين والملك عبداالله الثاني حفظه االله.

فاصبح للأردن جيش عربي هاشمي عظيم – وهو بالفعل وريث الثورة العربية الكبرى.