Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Dec-2017

انتباه.. قرار القدس مقدمة لخطوة أخرى! - محمد كعوش

 الراي - في مسرحية يوليوس قيصر لشكسبير عبارة مهمة يقولها كاسيوس لصديقه بروتوس: «الخطأ ليسفي اقدارنا بل في انفسنا، لأننا ضئيلو الشأن». يبدو أن واقعنا العربي مثل حال كاسيوس وبروتوس، لذلك تقوم دول اخرى بصياغة مستقبلنا وتقرير مصير الدول والأمة ، في حين نرى بعضنا العربي مشغول بالفتن والغدر والإنتحار والتدمير الذاتي ، وربما ، في الآتي ، ما هو اسوأ ، لأن في الجعبة ما زال الكثير من الخناجر!

ما يقلقنا أكثر، أن ردود الفعل العربية والأسلامية الرسمية على قرار الرئيس الأميركي بنقل السفارة الى القدس واعلانها عاصمة لأسرائيل جاءت غير كافية ، بل باهتة بلا قيمة على ارض الواقع، ولاحظت أن البعض تنحّى وترك الساحة لفيروز لتقوم بالواجب، فمعظم الفضائيات العربية اكتفى ببث اغاني فيروز حول القدس، اغانيها التي هزمت اغاني الخراب وحمت الجمال العربي الذي لا تدمره الحروب.
 
هذا الجمال تمثله الإنتفاضة الشعبية في فلسطين المحتلة ، التي حملت الأمل لكل المخلصين من العرب. وبمناسبة ذكر الانتفاضة لا بد من التذكير بذلك الرمز المقعد ابراهيم ابو ثريا الذي نهض وانتفض حتى صعد يحلق في فضاء القدس بجناحي شهيد ، اضافة الى صورة الشاب معصوب العينين ، التي انتشرت في معظم وسائل الأعلام في العالم ، الى جانب الأم المتمردة المقاومة التي اشتبكت بقوة مع مجندات اسرائيليات.
 
صور ومشاهد رمزية ناطقة بالحق والحقيقة ، وهي افضل رد على الذين اغتالوا الثوابت وتركوا الزمن للمشروع الصهيوني كي يتحرك بحرية دون ضغوط او مقاومة. ولكن الجيش الذي يغتال المقعد ويعتدي على السيدات ، ويخيفه الأطفال فيفرط باستخدام العنف ضدهم ، هو جيش مرعوب في مجتمع يعاني من ازمة وجودية ، لا يحتمل رؤية الفلسطيني امامه لأنه يذكره بالهوية الأصلية الأصيلة الحقيقية لهذه الأرض ، ويذكره بأنه دخيل ومحتل لا يمكن ان يعيش الا في ظل البندقية والخرافة.
 
وهنا من الواجب أن ندرك أن في البلاد العربية من يجهل الصهيونية كحركة وعقيدة لها قادتها وفكرها ومشروعها واهدافها المرحلية القريبة والبعيدة ، والتي تهدد مصالح وأمن معظم الدول العربية. والحقيقة أن المملكة ، قيادة وحكومة وشعبا ، تخوض معركة سياسية ودبلوماسية متواصلة ، لأنها تدرك معنى التطورات والتحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني ، كما تدرك معنى القرار الأميركي المشبوه حول القدس ، الذي يهدد المصالح الأردنية أيضا ، خصوصا بالنسبة للوصاية الهاشمية على المقدسات الأسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة ، اضافة للضرر الذي يمكن أن يلحق بالآردن في حال عدم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
 
كذلك من الواجب الاشارة الى موقف لبنان الصلب والثابت ، قيادة وحكومة وشعبا ، تجاه قضية القدس والقرار الأميركي المدان ، لأنه يهدد المصالح اللبنانية ، والخشية من فرض التوطين ، خصوصا اذا كانت الولايات المتحدة ستلحق هذا القرار بقرار يلغي حق العودة ، وهي ، أي واشنطن ، تراقب باهتمام حجم ردود الفعل العربية حول قرار الرئيس ترمب للقياس عليه.
 
في لبنان اليوم حوالي 180 ألف فلسطيني من المسجلين كلاجئين رسميا ، وهذا يعني أن الوجود الفلسطيني في لبنان هبط الى النصف ، بالمقارنة مع الارقام التي كانت متداولة في السابق ، وسبب هذا التناقص يتمثل بالهجرة المتواصلة باتجاه الولايات المتحدة وكندا والدانمارك والسويد وهولندا والنرويج ، نتيجة التضييقات على حركة وسبل عيش الفلسطيني في لبنان.
 
اخيرا نقول أن في المشهد ما يثير الشكوك والريبة ، خصوصا عند الحديث عن صفقة قد تفرض تسوية ، او تصفية ، القضية الفلسطينية ، لأن الولايات المتحدة لم تكن وسيطا شريفا في مفاوضات عملية السلام الوهمي منذ البداية ، بل كانت طرفا منحازا وخصما دائما للمصالح الفلسطينية والعربية ، ولكن البعض لم يرد أن يقتنع في السابق لأسبابه الذاتية.