Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Feb-2019

موسم الهجرة إلى المعارضة!* ماجد توبة

 الغد

من بين كل صنوف وأنواع المعارضات التي يمور بها الواقع الأردني اليوم، لا تستوقفك وتستفزك سوى معارضة صف طويل من مسؤولين سابقين، باتوا لا يوفرون منبرا ولا مناسبة حتى يمطرونا فيها بحكمتهم و”حاكميتهم” وهو يشرحون سلبيات الحكومة الحالية وأخطاءها، وينظّرون علينا؛ نحن الشعب المسكين، بما نستحق من حكومة أخرى وسياسات مختلفة تكون قادرة على انتشال البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية!
خذ مثلا؛ تعيينات الحكومة الأخيرة لأشقاء نواب بمناصب عليا، والتي استفزت الشارع وأثارت استنكاره باعتبارها محاباة وخروجا عن العدالة والشفافية، ولا تستقيم مع الشعارات التي رفعها الرئيس عمر الرزاز. لم يتأخر معارضو الحكومات السابقة المتقاعدون أو سمّهم المنتظرون حتى تقدموا الصفوف في النقد والهجوم، عبر مقالات وتغريدات ووشوشات في صالونات النميمة الخاصة بهم، وعاد شعار “ألم نقل لكم” كاستهلال لـ”الطخ” على الحكومة ورئيسها وعلى سياساتهم.
نفهم أن الشارع والناس غاضبة ومستاءة من الأوضاع العامة ومن حقها النقد والهجوم على الحكومة وسياساتها، بل وحتى أن أغلبية من أيدوا أو تفهموا الرزاز وسياساته قد شعروا بالخذلان والإحباط بعد قصة التعيينات الأخيرة، لكن ما يصعب فهمه أو هضمه هو هجوم مسؤولين ووزراء سابقين على الحكومة، تحديدا على خلفية هذه التعيينات، حيث في البال سلسلة طويلة لا تنتهي من التعيينات والترضيات والتنفيعات لنواب عبر الحكومات السابقة المتعاقبة، ومنها الكثير مما وثق في الإعلام، قبل أن تذروه رياح النسيان.
نعم؛ من حق الجميع أن يعبر عن رأيه في الشأن العام وينتقد أو يشيد بهذا القرار أو ذاك، لكن الأمر يحتاج أحيانا لقليل من الخجل، عندما ينبري مسؤولون سابقون للتنظير وتصيد الأخطاء 
والنقد بلا حساب مستغفلين الناس وذاكرتهم، ومتناسين أن حصاد سياساتهم وقراراتهم وقرارات حكوماتهم هي ما أوصلنا اليوم إلى هذه المرحلة القاسية والخربة، التي أفقدت الناس ثقتها بكل شيء. 
وانت تقرأ مقالا أو منشورا لمعارض “مستجد”، كان مسؤولا سابقا يحكم ويرسم، وتراه ينظّر اليوم عن الحاكمية والشفافية والأمانة والرؤية الاصلاحية المتكاملة تعتقد للوهلة الأولى أنه قادم من سويسرا، بعد أن خدم بها وزيرا أو رئيس وزراء وأصلح أوضاعها وشؤونها، وجاء اليوم إلى الأردن تواضعا وتنازلا منه ليخدم أهلها لوجه الله وإيمانا بدوره الإنساني! يتناسى أو يتذاكى ليعتقد أن بلدنا ضيقة وأن ذاكرة الناس قصيرة لينسوا إبداعاته وسياسات الحكومات التي خدم بها، وأوصلتنا إلى هذا الدرك من الفاقة والأزمات.
أحيانا يدفع بعض المعارضين “المستجدين” أو الباحثين عن دور وموقع على أشلاء الحكومة الحالية أو هذا المسؤول أو ذاك للتعاطف مع هذا المسؤول رغم إيمانك أنه أخطأ ويستحق النقد والهجوم لتقصيره أو تجاوزه، لكن حجم التهافت والتذاكي والشره بالبحث عن دور جديد للمسؤول العاطل عن العمل، يكون أكبر وأسوأ من أن تجد نفسك تقف معه بذات الموقف، فأنت تعرف أنها “قلوب مليانة مش رمانة” وأن وراء الأكمة ما وراءها! 
رحم الله معارضا مستجدا ومنتفعا عرف قدر نفسه فوقف عندها!