Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Oct-2017

مهام مُغَيَّبة عن مدارسنا اليوم - ماسة الدلقموني
 
 
الغد- لن نُنَمّق الحقيقة، وصلنا لمكان لا نُحسد عليه، وأصبحنا نُخرِّج بالمجمل عُقَدا إنسانية ومشاكل نفسية عوضاً عن ثروة عقلية، وبدأت لعبة اللَّوم تحوم كمرضٍ مستعصٍ أصابنا. تعبت الأيدي من كثرة الإشارة؛ المناهج عقيمة، الأساتذة غير مؤهلين، البُنْية التّحتية غير صالحة للطلاب، المديرون لا يتقنون فن الإدارة ...الخ. كل هذا الوقت والجهد والتحليل مأخوذ من حق طلابنا الذين لا يعرفون أفضل مما يقدم لهم... فمن يُربَّى على الضرب يراه جزءاً طبيعيّاً من نهاره، ومن يُربَّى على الخوف يتأصَّل في شخصيته، ومن يُربَّى بدون أمل يقود مستقبلا بائسا.
لن نُنَظِّر عليكم هُنا، ولن نتحدث من برجٍ عاجي، نُدرك قدر المسؤوليّة التي تحملون، والجهد الذي تبذلون، ونعرف أنّ نجاح أي مُؤسّسة يكمن في نجاح إدارتها... المحاسبة على ما مضى لا نفع فيها اليوم... سنُناشد ضمائركم سائلين كلا منكم أن يعيد حساباته في قدرته على التأثير في هذه الأزمة التّعليميّة التّي تمس أهم فئات مجتمعنا من أطفال وشباب بعيداً عن لُعبة الّلوْم.
أقوم بالعديد من الأبحاث ولا أتوانى عن حضور المؤتمرات لمعرفة سر نهوض التعليم في بعض الدول التي وُصِفَت لسنوات - ورُبَّما عقود – بالتّأخّر، فلا أجد سياسة واحدة تجمع بينهم، بل أجد إرادة موحدة، وقناعة مشتركة، بأن المسؤولية تقع على عاتق كُلّ من يعمل في هذه المهنة. أجد يقظة ضمنية على اختلاف المحاور المُؤثِّرة في العملية التعلمية. وأخيراً، أجد إيماناً مطلقاً بأنّ الوصول للمبتغى يكمن في معادلة الجُهد المُوَجَّه المُستَمر والوقت. لن نُحمّلكم المسؤولية لما نحن عليه اليوم، فما أنتم إلّا طرف من أطراف المعادلة، وأيّ طرفٍ هذا! ربما نُلخّصه بأنكم أحد الأعمدة الأساسيّة في توجيه المؤسّسة بكلّ موظّفيها وقاصديها نحو رؤيةٍ موحدةٍ لما نُريد أن يعيشه ويختبره طلّابنا فيما يُسمى بيتهم الثاني. 
أبحث في المُتطلّب الوظيفي للمدراء، فأجد عشرات وعشرات النقاط من متابعة ومراقبة وتوجيه وتقويم، ولكنني لا أجد فيها ما يتطلع إليه طلّابنا ومعلّمينا في شاغلي هذا المنصب القيادي. ثلاث مهام مُغَيَّبة في معظم مدارسنا اليوم، ثلاث مهام ضمن تأثير كل مدير ومديرة بغضِّ النّظر عن الظروف المحيطة، ثلاث مهام تحمل في ثناياها نبض التّغيير الذي نحن في أمسِّ الحاجة لاستشعاره اليوم.... الإلهام، والقُدرة على خلق جوٍّ إيجابي، وتطوير الذات المستمر... ثلاثةُ مفاتيح بأيديكم... مُرتبطة بشكل مباشر بإرادتكم، وبشخصكم، وبقناعاتكم.
نتمنّى لو كان الوضع مختلفاً اليوم، لو كانت الميزانيات المُتاحة منطقيّة، ولو كان معظم المُعلّمين والمُعلّمات على درجة عالية من التأهيل، ولو أُعِدَّت مدارسنا بِبنْية تحتيّة سليمة تُحاكي مُتطلّبات هذا الجيل؛ فكُلّ النِّقاط المذكورة ما هي إلا مُتطلّبات أساسيّة، بلْ ومُسلّمات للنهوض بهذه المِهْنه الرّاقِية حيث تتواجدون، وما هي إلّا مُطالبات لا يجب التّواني عن تحقيقها من قِبَل صانعي القرار وكل مسؤول ذي صلاحية، فاليد الواحدة لا تُصفّق... ولكن إلى حين... حِمْلُنا الثَّقيل بات عِبْئاً على تلك الأيدي... على تلك العُقول المُزْهِرة... وعلى تلك الأرواح البريئة التي تقصد مدارسنا اليوم؟ فما ذنبهم؟ وما دوْركم؟