Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Mar-2018

تيار معاول الهدم - عائشة الخواجا الرازم

 الراي - تأسس جوهر الإنسان على الخلق الكريم ، وانبثقت من الخلق الكريم إدارة الحياة , ثم تبعها انبثاق نظم المجتمع, فسمي مجتمعا ولم يطلق عليه اسم ( منفرد ) وابتدأ الأصل بالأخلاق ثم اجتمع شمل البشرية بفطرة التراحم والإحساس ! فصاحب الخلق الطيب هو كل إنسان مهما علا شأنه أو تواضع، والإنسان مخلوق بأحسن تقويم في فطرته وتكوينه وقلبه الذي ينبض بالدمعة عند ولادته ، ذلك لأن الدمعة هي ندى الرحمة والشفقة والإحساس. وغير ذلك فهو الشواذ العجيب...!!

من هنا يكون الإنسان مفطورا مهندسا بإبداع خالقه على إعمار الأرض والتضحية للحفاظ عليها ، ولا يمكن لحيوان أن يعمر الأرض ويشيد أعمدتها بالعلم والعمل والتضحيات والصبر على المواجع مثل الإنسان طبعا وفطرة ! لكن البشرية وسبحان االله انشقت إلى تيارين متسابقين نحو الهيمنة كل على التيار الآخر... فآمن تيار أنه معيار للخير ومضى يبني للآخر.. وصدق التيار الثاني أنه معيار للشر لا محالة مضى يهدم ما يعمره الآخر... و
 
مع أن الشر والخير نجدان واضحان ويمكن للبشرية الاصطفاف في تيار المودة واللين والإحساس. ويسمو الكون وتتألف طوباوية الموئل من تيارات غير بشرية وتنضم الغابة تحت سقف الموئل إياه وتتناغم الأخلاق والرأفة والإحساس بين الوحش وبين الناس... لكنها سنة الخالق في الخلق... فيختار كل طريقه ويسبح في تياره ، فهذا مخلوق يدرك أنه معجون بخلطة موصوفة بالخلق الحسن ، فيهيم بالحفاظ عليها وارتقائها مصدقا إياها بعظمة العمل وعمران الأرض بالطول والعرض ، لكنه يفاجأ خلال خوضه لتيار الخير بأن اتجاهات تياره تتعرقل في محطات التيار الثاني وأن الأمواج عالية صاخبة شديدة اللولبيات في الوقت الذي تظهر أمواج تيار الخير منسابة سلسة المسار تتهادى بثقل من عليها لامعة تتلون على سطحها أشعة شمس النهار وقمر الليل ، فينشغل بالتجديف بما أوتي من قوة لتسهيل المسار والاستمرار للوصول ليابسة المعمار.
 
وتشتد المنازلة ، فلا يعثر في منازلته في بحر التيارات إلا على حطب ناشف يعلوه الرماد رغم وجود الماء في بحر الحياة...وهنا يبدأ الصراع لبث السخونة في رماد الكائن الذي فطره خالقه على الإحساس... فيأمل بنفخ أنفاسه فيها علها تشتعل وتهب من بلادتها وكومتها ! فتكون المفاجأة المريرة بانتشار الرماد في وجه مخلوق الخير الكريم الذي كرمه خالقه بالحيوية والوقوف الدائم.
 
أسوق مثل هذا القول الشبيه بانعفار الرماد في وجه المصدق المؤمن بأمانة العمل والإبداع ومعمار الأرض المسمى بوطن تطبيقا لحزن المرحلة ، ولأن المرحلة أجثم من جمل ميت على صدر حمامة ، وتلك هي مسخرة الدنيا التي أسهم الكسول الفارغ الطافي بانخفاضها ، ولولا أنها دنيا لما حملت بهارج الدناءة وحجبت السمين بالغث.
 
ولو بحثنا في جوهر الإنسان المخلوق في أحسن تقويم ، لضبطنا في حوزته أرفع خيوط النسيج وأثمنه معدنا بين المخلوقات التي تدب على الأرض... فيه من الإعظام والإكبار لخالقه من خلال وفائه لأرضه وعرضه وحاجات الناس , حاملا ثقلا هائلا من المجاديف مقابل المعاول ويصارع لاعتراض المعاول سواء أكانت في بحر وطنه وبحر الحياة أم في برها..وفي مجتمعنا يتكدس مخزن مهول بمعاول الهدم واعتراض السبل... يستخدمه ويوسعه بمهارة أصحاب الهدم من قبيل الاسترخاء والفراغ والهمالة ومراقبة التيار العامل الجاد ، والذي يتشبث طوال إبحاره في تيار الخير بمجاديف النجاة وتخطي أمواج الآخر ومصائد الغرق..ومع الأسف تتردى الحالة الإنسانية العاملة اليقظة تحت محاسدة الرخيص لأمانة العبد الشكور لنعمة التقويم الحسن ، فقد تتفطر أقدام المخلص بشواغل النجاح واليقظة ، بينما تتفطر أقدام الكسول بتخمة الملل والهجوم على الأرض فذاك ينحت من طين العظم معمار الأرض ، وذاك يلتهم المعمار بمعاوله معتبرا إياها تمر الأصنام...!!