Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Aug-2018

خريف النخبة - سامر محمد العبادي

الراي - لعل أهم ما طرقته الأعوام الأخيرة هو أنها أوجدت"شبابيك"إلكترونية حطمت الجدران التي شابت الحياة السياسية في مجتمعنا لفترة طويلة، وجسرت هوة التباعد بين القواعد والنخب، أو تستطيع القول إن الشعبوي غلب النخبوي وسحب البساط من تحت قدميه، حتى بتنا أمام حالة من النقد تبتلع أي حديث عن معظم نخبتنا وبخاصة السياسية منها.

إذ بتنا نرى أن كل من نجح في الوصول إلى مرحلة يمثل فيها مصالح الناس، يقف أمام حالة من"التراءي"أمام أعين العامة على مدار الساعة، فلايستطيع أن يسير أي خطوة إلى الأمام إلا وأراد أن يبرر خطواته ويتحسس رأسه كل حين.
أمام مشهد متعاظم من النقد والانطباعات الصلبة، وحالة من الشبابيك الإلكترونية الكبيرة والكثيرة، بتنا نجد سؤالاً يطرق العقول ويمتزج بالوجدان..هل"النخبة"مسألة حقيقية وهناك فئة لها الحق في الحديث باسم لسان الناس؟ أم أننا امام حالة من"خريف للنخبة"ويعبرعنها ما يقوله الناس في يومياتهم من حالة تذمر متزايدة. ولربما، ما يصح فيه القول عالمياً وعربياً، يصح بالحالة الأردنية، إذ باتت النخب إما نماذج مطابقة للمخيال الشعبي، وما ينشده في صفات"البطل"والمخلص أويكون بصورة "نخب"لاترى فيها الناس سوى بلاءٌ وجد للنقد، ولا يقبل منها أي خير نافع.
أردنياً، منسوب"النقد"متزايد، وحالة الشكوى تتدافع وتتوالى عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفي المجالس، والإعلام يسابق الحدث لتناول أي شخص أو ظاهرة، وردها إلى الفساد، حتى تآكلت النخب أمام شبابيك رقمية لم يعد يخفى عليها شيء.
وما بين سؤال حقيقة النقد والروايات المتداولة، وفقدان كثير من نخبنا المقدرة على تمثيل مصالحنا، والحديث بوجداننا وباسمنا، يكون السؤال: هل لحق الخريف بنخبتنا؟
أم أن المجتمع بدأ بتمهل دورة جديدة لإنتاج نخبته؟ أم أن كل من يتنطع للمسؤولية سيجد نفسه أمام امتحان عسير، ويسعى لتجاوز"محنة"المسؤولية ليفوز بقلوب الناس ويمر عبر نوافذ الجميع كنخبوي طابق الانطباع الشعبي.
السياقات التي تبحث عن أجوبة عن النخبة ودورها كثيرة، بينها الرجل الذي هدد بالانتحار من على شرفة مجلس النواب مقاطعاً أهم الاستحقاقات الدستورية.. إذ كانت صرخته وسط "النخبة"أن جعلت من البعض أن بها تلقفه قبل أن يسقط وحاول آخرون تأجيله وانبرى اليه رئيس الحكومة ليستمع إليه.
هذا المشهد لربما في محاولة تفكيكه اجابة على سؤال هل باتت بعض نخبتنا أمام الخريف؟ أم أن المجتمع يعيد انتاج نخبة تتواءم والمتغيرات التي أعربت عنها أدوات التواصل وكثرة النوافذ في مجتمعٍ مفتوح قلت فيه الزوايا الداكنة.
ففي لحظة الاستحقاق الدستوري الأهم، وفي مجلس الشعب، توزعت الأدوار بين من طالب"صاحب المظلمة"أن يؤجل شكواه ويتريث، فيما انبرى آخرون بالاكتفاء بتشجيعه على القفز، لا لشيء إلا ليسلم جسده من أي أذىً وشكواه قابلة للحل في زمان ومكان آخر، وفئة أخيرة حملت صوت صاحب الشكوى لمسامعها لتتبنى قضيته.
أصحاب الفئات الثلاث عبروا عن دور النخبة وصورها في مجتمعنا.. أمام شكاوى كثيرة، ويبدو أن خريف النخبة موسم طبيعي في المجتمعات الحيوية القادرة على اعادة انتاج الذات، ولو بحملٍ زائدٍ من النقد.