Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Apr-2017

قراءة في الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك - د. عثمان ناصر منصور
 
الراي - جاءت الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك استمراراً لرؤية جلالته نحو التطوير والتحديث والإصلاح الذي ينشده الأردن في جميع المجالات وعلى كافة الصعد الحياتية، في محاولة لبناء المستقبل الأفضل، والتقدم إلى مصاف الدول الرائدة في التعليم على مستوى العالم.
 
لقد نجحت دول كثيرة في التقدم والرقي عندما جعلت جُل اهتمامها في العنصر البشري، فاستثمرت في التعليم، وطورّت المناهج، وحسنّت مكانة المعلم واهتمت به، و اعادة للتعليم هيبته ووقاره، ورسخت البناء في العقول المبدعة، فتجاوزت محطات صعبة، ووصلت إلى التقدم والمنافسة عالمياً وتصدرت تلك الدول المسابقات الدولية في التعليم في العالم مثل فنلندا، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية، واليابان.
 
إن استحضار التجارب الدولية في مواكبة التحديات والتغلب على الصعوبات، ووضع الخطط الاستراتيجية طويلة المدى، ومتابعة التنفيذ في كل مرحلة منها، وتقييم التجربة أولا بأول للوقوف على نجاحها، وتجاوز المعوقات ووضع الحلول اللازمة لها، ربما أكثر ما نحن بحاجة إليه هذه الأيام، وما الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية إلا بداية رسم معالم لطريق طويل، ما زال في بدايته، يحتدم حوله النقاش، ليرنو إلى المستقبل الأفضل للأجيال القادمة، ليعود الأردن كما كان، رائدا ومبادرا ومتميزا في مخرجاته التعليمية، وقدراته البشرية.
 
والحديث عن قطاع التعليم بجزئيه المدرسي والتعليم العالي غير منفصل، فالمدخلات الجامعية القوية، هي مخرجات مدرسية قوية، والمخرجات الجامعية الكفؤة هي أولى حلقات التطوير والنهضة، بما تملكه من رؤى وأفكار، وقدرة على مواجهة التحديات، ورسم معالم المستقبل المشرق لوطننا، ليتقدم بثبات ويخطو نحو الأمام، ليصبح تجربة ناجحة ومميزة وحاضرة عند الحديث عن مجتمعات الإنتاج والمعرفة.
 
إن مدارسنا كانت وما زالت مصنعا للعقول النيرة والمفكرة والمبدعة والقادرة والمتميزة، ولطالما كانت حاضنة للإبداع والمبدعين، فهناك طاقات كامنة في نفوس الطلبة ترنو إلى البحث والتفكير، والتعمق، والتنافس، والتميز، لا ينقصها إلا الدافعية ، والتي إذا ما توفرت للطلبة سيبدعون وترتفع درجة المنافسة فيما بينهم، فينعكس الأثر على قدراتهم، وعلى تقدمهم وتطور مستوياتهم العلمية والمعرفية، وتعمق تفكيرهم، الأمر الذي سينعكس على نتائجهم في المسابقات والاختبارات الدولية، فيضع الأردن جنباً إلى جنب مع الدول الرائدة في التعليم؛ ولعل ذلك كله يحتاج منا:
 
- الاهتمام بتطوير مختلف المهارات الحياتية للطلبة من خلال استحداث المناهج التي تعزز ذلك. وتشجيع الطلبة على الانخراط في كافة النشاطات المدرسية المنهجية منها وغير المنهجية.
 
- الاهتمام بالبيئة الصفية الملائمة والمناسبة ، فالبيئة الصفية الجاهزة والمزودة بكافة الإمكانيات والتجهيزات والادوات عنصر هام في نجاح العملية التعليمية، وتحقيق الاهداف التدريسية.
 
- استحداث وبناء المختبرات المدرسية التخصصية التي تعزز الإبداع وتبث روح المنافسة بين الطلبة، وتصقل مواهبهم ، وتنمي قدراتهم، مما ينعكس على مستوياتهم التحصيلية ، وقدراتهم المعرفية.
 
- إنشاء المراكز البحثية المصغرة على مستوى المدرسة لرعاية المبدعين وأصحاب القدرات الفائقة والمواهب، وتبني ابداعاتهم ومشاريعهم وتقديم الدعم لها، من خلال التعاون مع المؤسسات المجتمعية الخاصة منها والعامة.
 
- التوسع في المراكز البحثية والبيئات الحاضنة للإبداع على مستوى مديريات التعليم، لترتفع روح المنافسة بين الطلبة، وتتنافس الإبداعات والاختراعات والاكتشافات فيما بين الطلبة، وتتوسع فيما بعد على مستوى الوطن ليكون هناك مركزا وطنيا لأبحاث طلبة المدراس ومشاريعهم المتميزة واختراعاتهم واكتشافاتهم، يوفر الدعم اللازم ويتبنى الإبداع والمبدعين، من خلال الشراكة التامة مع القطاع الخاص الذي سيستفيد من هذه المشاريع في تحريك عجلة الاقتصاد، وهذا كله سنعكس على مستويات التنمية في المجالات كافة.
 
- الاهتمام بتنمية مهارات المعلمين من خلال الاستمرار في تدريبهم على الأساليب التعليمية الحديثة في التدريس، والتقويم، ومتابعة الطلبة، ففي ظل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، لم يعد التلقين وحفظ المعلومات وتسميعها واسترجاعها وقت الاختبار كافيا؛ بل أصبح الطالب بحاجة أن يفهم المعلومة، ويفكر فيما حولها، ويربطها بما سبقها، ويستنتج معلومات جديدة، تصبح ثابته ولَبِنة أساسية من لبناته المعرفية، يستدعيها وقت الحاجة ويستخدمها في المكان والزمان المناسبين، وبذلك يصبح التعلم ذا معنى.
 
- ربط البحث العلمي بالمناهج المدرسية من خلال الأنشطة الصفية، واللاصفية، وذلك لتعويد الطالب على ممارسة التفكير العلمي، لمواجهة المشكلات والصعوبات التي تواجهه، ومحاولة التغلب عليها باتباع الأساليب العلمية المناسبة، وربط ذلك كله بما يعانيه المجتمع من مشكلات وتحديات، وتشجيع الطلبة على المشاركة والمساهمة في وضع الحلول الناجعة لها، وفي هذا جانب وجداني قيمي، يُشعر الطالب بأنه عنصر فاعل في مجتمعه، وأن له دور في حل المشكلات المجتمعية، فيتعزز لديه الانتماء، ويرتفع المستوى القيمي لديه في تمثل السلوكيات الإيجابية في حياته اليومية.
 
وأما الجامعات فهي منارات للعلم والعلماء، والبوابة الاهم في عجلة النمو والتقدم، فهي مصنع العقول المتميزة والنيرة، ومحطة مهمة من محطات بناء المستقبل لوطننا؛ وفي ظل التحديات المعاصرة، و أمام التسارع الكبير في الثورة المعلوماتية والمعرفية، وفي عصر أصبحت سمته الانفتاح؛ أصبح لزاما على الجامعات:
 
- الاهتمام ببناء المراكز البحثية استمرارا لما هو موجود في المدارس، ولكن بتوسع مدروس وموجه ، لحث الطالب الجامعي على البحث العلمي، والاستكشاف، والبحث عن المعلومة، والمساهمة في وضع الحلول لكثير من المشكلات المجتمعية، والمشاركة في صنع واتخاذ القرارات، وتقديم الحلول الناجعة لكثير من الصعوبات والمعوقات.
 
- التغيير في أساليب التدريس الجامعية، وكذلك أساليب التقويم المتبعة في تقييم الطالب، من خلال التشجيع على التفكير العميق المبني على الفهم والتحليل والربط وطرح الأسئلة وإثارة النقاش البناء، وتبادل الأفكار، ومشاركتها مع الآخرين، والوصول إلى الاستنتاجات المناسبة التي ترفد شخصية الطالب بالعلم وتمده بالمعرفة.
 
- تحديث البيئات الصفية بما يتطلبه العصر الحالي من استخدام التكنولوجيا، وتفعيل دور الطالب في الغرفة الصفية، واتاحة المجال له ليكون محاورا، ومناقشا ومشاركا، ومبادرا، ونشطا لينعكس ذلك كله في مهاراته الشخصية والحياتية والمجتمعية على السواء.
 
- إنشاء ما يسمى» بيوت الخبرة» البحثية من أعضاء هيئة التدريس، وتسويقهم في المجتمع المحلي، ليستفيد المجتمع من قدراتهم وابداعاتهم وخبراتهم في الإرشاد والتوجيه وعقد الدورات التدريبية التخصصية، والقيام بالمحاضرات التثقيفية والتوعوية لأفراد المجتمع المحلي، ويتم ذلك من خلال عقد الشراكات بين بيوت الخبرة والمؤسسات التربوية والصناعية والتجارية، لتحصل الجامعة على نسبة من الاستثمار ، ويستفيد المجتمع من هذه الخبرات والكفاءات في الجامعة، وهذا فيه انعكاس على التنمية المستدامة في كافة مؤسسات المجتمع.
 
- تشجيع الطلبة على البحث العلمي، والعمل التشاركي في إنتاج الأبحاث العلمية، وإقامة المسابقات البحثية، ودعم الأبحاث المتميزة، والمتميزين، وتبني أفكارهم، وتعزيزها، لما لها من دور كبير في رفد المجتمع بالخبراء والمبدعين، وإسهامها في جانب مهم من جوانب التنمية المجتمعية المستدامة، وانعكاس ذلك كله على الاقتصاد.
 
إن التعليم عماد الأمة، وسبب نهضتها وتقدمها، فمن خلاله تفرض الدول نفسها، وبه ترنو إلى سلم التقدم والإبداع، ولطالما كان الاستثمار به مجديا ونافعا وصائبا، ومفيدا، تنعكس آثاره على المجتمع وأفراده، فينمو الاقتصاد وتتحقق التنمية المستدامة، ويحدث الرخاء الاجتماعي، وهذا ما يجب أن يدركه كل فرد في المجتمع.
 
وأختم بما قاله جلالة الملك:» لا بد أن نعمل دون تردد أو تأخير، يدا واحده، مؤسسات ومعلمين، طلبة وأهالي لنحقق مبتغانا، فكل يوم يمضي تمضي به فرصة لأبنائنا في تحقيق ما يستحقون ، فلا نضيعها عليهم».