Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Apr-2020

نـاي على إربـد..

 الدستور-عمر أبو الهيجاء

إربد هذا الوقت، تنثر شعرها عند مفارق البيوت وتصلي طويلا، أيٌّ الطرقاتِ توصلني إلى مدارسها الهاجعة بين يدي الله، بيوت ناسها نيام في حضرة الغيم الناشف من لغة لمطر.
 
إربد هذا الوقت، إربد الخرزات تطوّق أعناق عشاقها الذاهبين إلى تلها الصاح على رشقات مدفع رمضان.. وصوت المسحراتي «أبو العبد» و»جهاد حجازي»..
 
لا لم تنم اربيلا ليلها وحيدة في الرائحة المعتمة ..
 
هي الآن تخرج من ثيابها المبللة بريق الحواكير والطوابين
 
وعلى مرآى الحالمين وتشعل أغاني الحصادين ..ترسم على وجه التراب.. وجه الوطن تراتيلنا وأهازيج الصبايا حين يدلفن إلى الينابيع يتراقصن مبتهجات.
 
إربد هذا الوقت، تعزف لحن الفجر والحارات ناقصة ملح البيوت، كأن سهام الريح تمتد الآن نحو شريانها وجفنها تكحله صافرات الإنذار، وقطط الليل تموء وحدها على منافذ البيوت.
 
إربد هذا الوقت، تأخذني إلى ضحكات الطفولة في مدارس الوكالة ..ضحكات كأنها إيقاع اللحظة المؤجلة في الشرفات ..شرفات تُكبر بصوت مبحوح في زمن مصاب بـ»كورونا» الاختناق الذي يلف عالما كسولا ..عالما مطفأ التأمل في الحياة.
 
يا لشوارع إربد الآن.. شوارع يقتلها غياب الخليقة وجرس الكائنات حين يملأ الأرض بالموسيقا.. موسيقى الكون المريض.. هي حرب بيولوجية تعصف بالخليقة!!..كوني بردا وسلاما على البلد الآمين.
 
إربد هذا الوقت، ها أنا أتذكر وأمضي إلى مقاعد الدرس الأول على مصاطب المخيم، وحنفيات وكالة الغوث.. حنفيات منتصبة على رأس الشارع.. أذكر حبات زيت السمك والبائعة المتجولين في أزقتها.
 
أذكر بائع الفلافل «قلى قلينا»
 
أذكر أغاني الحصاد والحصادين..
 
أذكر أبو أحمد بائع القماش و»الصوف ربيعي» ..
 
أذكر باعة «الصبر» وتجوالهم بين البيوت.. أصواتهم تفتتح نهارات إربد..
 
أذكر مطحنة «الشرايط» تحت سور المدرسة
 
أذكر عربات الخيل والتكتك والمراجيح
 
أذكر الشهداء والصواريخ حين تزورنا في غفلة من الليل
 
أذكر أمي وهي تغسلنا بالمواويل والعتابا وتراويد الجدات
 
اذكر المظاهرات ..الأغاني الحماسية في وداع الشهداء
 
أذكر كرامة العز والنصر المبين ..أتذكر.. أتذكر
 
وما زلت أذكر إربد حين نحملها داخلنا
 
وننام مطمئنين عليها.
 
إربد هذا الوقت، تحملنا إلى شمس لن تغيب.. تطير بنا كعصفور لم ينم على جراحه ويواصل التغريد.. تحملنا إلى «عرار» ووصفها ..تحملنا إلى مبدعيها: «نايف أبو عبيد، إدوارد حداد، نمر حجاب، إبراهيم الخطيب، سهيل السيد أحمد، هاشم غرايبة، محمد مقدادي، نادر هدى، خليل قنديل، يحيى القيسي، سميحة خريس، نبيل حداد، زياد الزعبي، عطاف جانم، عبد السلام صالح، محمود عيسى موسى، مهدي نصير، حسن البوريني، نضال القاسم، سليمان الأزرعي، أمين الربيع، خولة شخاترة، ليندا عبيد، حسين، طي حتاملة، منصورالعمري، إيمان العمري».
 
تحملنا إلى : «خالد أبو خالد، أحمد الخطيب، خالد أبو حمدية، مهند ساري، غسان تهتموني، يونس أبو الهيجاء، سلطان الخضور، حربي المصري، عبد الرحيم مراشده، عبد الرحيم جداية، عبد الفتاح النجار، حسن ناجي، باسم دلقموني، عبد المجيد جرادات، محمد الصمادي، صالح القاسم...إلخ
 
إربد هذا الوقت،
 
نايّ دمعة الحنين على شفاه الطيبين
 
نايّ على الكتب والدواوين الحزينة على أرصفة اليرموك
 
نايّ على كشك «أبو العبد الزرعيني» ومكتبة «عطية»
 
نايّ على مقهى الانشراح، الكمال، الأريزونا، المنشية
 
نايّ على مطعم «أحمد الفلافل» و»ياسين الفوال» و»اسكندر»
 
نايّ على المسجد الكبير والشيخ «بركات»
 
نايّ على سينما الفردوس، الزهراء، والدنيا
 
نايّ علينا حين نمضي تخنقنا صافرة الإنذار
 
وكورونا الألم
 
نايّ على «بيت عرار الثقافي» و»رابطة الكتاب» مواقد الحرف ..
 
نايّ على متحف السرايا وكرسيّ عرار
 
نايّ على الريح حين تهب على القصيدة ونتلو جراحنا
 
نايّ على أسمائنا حين نحفرها على حجارتها الأكثر سوادا
 
نايّ على الأردن حناء البيوت
 
نايّ على إربد وهي تصعد من ارتعاشها للسماء
 
نايّ عليها في احتدام النار والسعال
 
نايّ على الكلام
 
ونايّ على الحياة.