Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Jun-2018

تحديات الخروج من (غرفة الانعاش) - احمد ذيبان

 الراي - أمر طبيعي أن تحدث مشاورات ومفاوضات ، لتشكيل حكومات تضم ائتلافات حزبية في دول الديمقراطية، ربما تستمر بضعة أشهر في بعضها ، حسب مخرجات الانتخابات البرلمانية التي تتنافس فيها أحزاب سياسية، لكن فيما يتعلق بالحالة الاردنية لا توجد معايير واضحة ،بشأن كيفية تشكيل الحكومات واختيار الوزراء، حيث لا يوجد أحزاب لها حضور مؤثر في البرلمان ،يمكن أن تشكل حكومة على قاعدة الاغلبية ، كما لا يتم اجراء «مسابقات» مثلا ، يتنافس فيها أصحاب المؤهلات والخبرات والطامحون بالحقائب الوزارية !

ما يحصل هو اجتهاد الرئيس في اختيار الوزراء وفق معرفته الشخصية ،وربما يكون لبعض الجهات في الدولة دور في ترشيح بعض الاسماء، وبغض النظر عن مدى صلاحية هذه الالية في تشكيل الحكومات ، وقدرة الرئيس المكلف والجهات المساندة على حسن الاختيار ، فإن «إرضاء الناس غاية لا تدرك»، وتوزيع الحقائب على أسس مناطقية واجتماعية واقتصادية وربما عشائرية..الخ ، لا بد أن تقابل تشكيلة أي حكومة جديدة بانتقادات ، منها ما هو موضوعي وبعضها شخصي ، كما حدث من ردود فعل على تشكيلة حكومة الرزاز ، من قبل أوساط سياسية ونيابية ،ومن قبل الرأي العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وذلك يطرح ضرورة الاسراع بإجراء إصلاح سياسي حقيقي، يقود الى إحداث تغيير آلية تشكيل الحكومات، وذلك يتطلب إدخال تعديلات جوهرية على قانوني الانتخاب والاحزاب ، فهناك أكثر من «50 «حزبا سياسيا مرخصا ، لكنها على أرض الواقع غير فاعلة وليس لها حضور في البرلمان ، بسبب ضعفها في الشارع أولا ، وثانيا بسبب قانون الانتخاب الذي يضيق الخناق على تنمية الحياة السياسية ، ويحرم الاحزاب من فرص زيادة حصتها في البرلمان.
الانطباع الاولي الذي عكسته تصريحات الرزاز في المؤتمر الصحفي ، كان ايجابيا ، لكنها حتى الان أقرب الى
«إعلان نوايا»،تحتاج الى ترجمة عملية يلمس نتائجها المواطن، ورغم اختلاف شخصية الرئيس عما سبقوه ،
فقد سمع الرأي العام الكثير من تصريحات ال» سوف « من قبل حكومات سابقة ، وها هي النتائج ماثلة
للعيان.. وضع صعب اقتصادي ومالي ، تمثل بمديونية هائلة تتناسل وعجز مالي يتزايد ، وارتفاع كبير في
الأسعار ونسبة الفقر والبطالة ، وانتظار المساعدات والمنح الخارجية التي لا تقدم لوجه االله !
أما القرارات التي اتخذتها الحكومة الجديدة ،فهي تصحيح لأخطاء الحكومة السابقة،سواء بالنسبة لسحب
مشروع قانون ضريبة الدخل،أو معالجة مرضى السرطان ،وإعادة النظر بالضريبة على سيارات «الهايبرد»..الخ
،لكن الناس ينتظرون اجراءت وقرارات ،تتعلق ب»فك لغز» تسعيرة المشتقات النفطية، وإعادة النظر بضريبة
المبيعات.. وتغيير حقيقي للنهج ،بما يكفل توفير حد أدنى من العدالة الاجتماعية الخ.
التحديات أمام الحكومة كبيرة جدا، متداخلة بين الاقتصادي والسياسي ، وكثيرا ما يتم تبرير الأزمة المالية
والاقتصادية ، بالحروب الاقليمية وإغلاق الحدود مع دول الجوار خاصة العراق وسوريا،والعبء الناجم عن الهجرة
السورية، ورغم أهمية ذلك لكن الحقيقة أن الأزمة متراكمة ،وتدحرجت مثل كرة الثلج منذ ثلاثة عقود، وأذكر
أن رئيس الوزراء عام 1999 السيد عبد الرؤوف الروابدة، أطلق «صرخة مدوية « ،حيث أعلن أن الاقتصاد الاردني «
في غرفة الانعاش» !
حينذاك لم يكن في سوريا حرب أهلية ،ولم تتدفق على الاردن أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين ، وكانت
الحدود مفتوحة والتبادل التجاري قائما، وسبقت «صرخة الروابدة «غزو العراق الذي وقع عام 2003 ،وما تمخض
عنه من نتائج كارثية ،بل كان العراق في ذلك الوقت يقدم للأردن النفط ،بأسعار تفضيلية وجزء منه مجاني !
وفي ذلك الوقت لم يكن ثمة حديث عن «صفقة القرن»، وضغوط على الاردن بشأن قضية القدس ، وبعد
مرور» 18» عاما على تصريحات الروابدة ،لا يزال الاقتصاد في «غرفة الانعاش « ، إن لم يكن في غرفة «العناية
الحثيثة»، بمعنى أن هناك سوء ادارة وهدرا للموارد وانفاقا غير مبرر ،تتحمل مسؤوليته جميع الحكومات التي
تولت المسؤولية منذ التسعينات، فضلا عما يتحدث به الرأي العام عن ملفات فساد لم يتم التعامل معها بجدية !
لا مجال بعد اليوم لاخفاء شيء عن الناس ، وقد أصبح العالم أشبه ب» كرة زجاجية « بفضل ثورة التكنولجيا
الرقمية، ومنصات التواصل الاجتماعي التي أتاحت للجميع هامشا واسعا للنقد والتعبير عن الرأي، وكشف المعلومات بجرأة غير معهودة !
Theban100@gmail.com