Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Feb-2018

إغلاق كنيسة القيامة: أَبعد من فرض «الأرنونا»! - محمد خروب

 الراي - الخطوة غير المسبوقة بإغلاق كنيسة القيامة حتى اشعار آخر, في بعدها الديني و دلالتها السياسية, المحمولة على غضب رؤساء الكنائس التي تتشارَك الإشراف على كنيسة القيامة‘ وهي البطريركية الارثوذكسية والبطريركية الارمنية والراعية الكاثوليكية، تفتح الطريق امام مرحلة جديدة (إذا ما تواصَل إغلاق الكنيسة) يُمكن ان تضع حدا لعمليات التنكيل والتضييق والملاحقة المتواصِلة من قبل سلطات الاحتلال, ضد الكنائس المسيحية. ليس فقط من اجل الإستحواذ على مزيد من الاراضي بأساليب قائمة على الإحتيال والخداع والرشوة واستغلال الأزمة المالية التي تعانيها الكنائس المختلفة, وانما ايضا في دفع المزيد من المسيحيين الفلسطينيين للهجرة ومغادرة الاراضي المحتلة، وتوظيف هذا النزيف المستمر في المكون المسيحي الفلسطيني, من اجل تحميل «الإرهاب» والتعصب الاسلامِيَّين مسؤولية تفريغ الاراضي المقدسة من سكانها الاصليين وملح ارض فلسطين التاريخية، وإظهار الاحتلال وكأنه بريء من هذه الارتكابات العنصرية, المُغرِقة في طابعها الديني وايديولوجيتها الصهيونية.

وَصف رؤساء الكنائس الثلاثة قرار بلدية القدس المحتلة بانه «هجوم منهجي ضد الاقلية المسيحية في البلاد المقدسة».. يعني ضمن امور اخرى ان صبرَهم قد نفد, ولم يعد بمقدورهم تحمّل كل هذه الخطوات المدروسة والممنهجة الرامية الى «اضعاف الوجود المسيحي في القدس»، كما جاء في الرسالة, التي رأت في قرارات بلدية الاحتلال «خرقاً لاتفاقات قائمة والتزامات دولية».
يصعب صرف النظر عن «البعد السياسي» في قرارات بلدية الاحتلال, التي نصّت على ان «الاراضي التي بيعت او التي ستُباع من قِبل الكنيسة بدءاً من العام 2010 ستتم مصادرتها من قبل الدولة، بهدف منع بيع اراضي واسعة في القدس، في الاساس من قبل الكنيسة اليونانية (الارثوذكسية) والكنيسة الكاثوليكية لشركات خاصة».. اي لا مانع لو لو بيعت الى جمعيات استيطانية مثل عطيرت كوهانيم, او لليهودي المتعصِّب الملياردير ايرفين موسكوفيتش, كما حدث في البلدة القديمة او في بلدة سلوان (يصفونها بلدة داود) وما يُخطَّط الان في جبل الزيتون (يسمونه جبل المشارف) إذا مسموح ومُرَحّب به في نظر مجلس بلدية المدينة المحتلة, الذي يسيطر عليه المتطرفون من الليكود وحزب المستوطنين (البيت اليهودي) والاحزاب الدينية.
اضافة بالطبع الى ان بلدية الاحتلال ستفرض ضريبة الأرنونا (الُمسقّفات) على جميع عقارات الكنائس, مثل المكاتب والمدارس وكافة المباني التي توجد بملكية الكنائس, باستثناء «اماكن العبادة» التي ستُعفى من ضريبة كهذه.
ثمة بعد سياسي ربما لم يجر التطرق اليه في رسالة رؤساء الكنائس, وهو ان القبول او الخضوع لقرار بلدية الاحتلال هذا, سيعني حتما الاعتراف بالقدس «الموحّدة» عاصمة لاسرائيل، ليس بعد قرار ترمب وانما منذ ان سنّت الكنيست قانون «القدس الموحدة» بعد عدوان 5 حزيران 67 وتحديدا في 27حزيران 1967, الامر الذي لم يعترف به الفاتيكان. كذلك الحال في معارضة البابا الحالي فرنسيس, لقرار الرئيس الاميركي وتمسّكه
بالقانون الدولي.
 
يقول نير بركات، رئيس بلدية القدس المحتلة, الليكودي المتطرف وأحد المنافسين على رئاسة حزب الليكود, الذي يعيش الان مخاضا عسيرا في ظل ارتفاع الاصوات داخله الداعية الى استقالة نتنياهو, ورفع شعار «الحزب اهم من الاشخاص». يقول بركات: «بلدية القدس لها علاقات جيدة وعلاقة احترام مع كل الكنائس في المدينة، وستواصِل الاهتمام باحتياجاتها وحماية حرية العبادة الكاملة فيها.. مع ذلك – يُضيف الصهيوني المتطرف – لا يمكننا التسليم بأنه فقط في القدس, يكون هناك فنادق وقاعات ومصالح تجارية معفِّية من الارنونا، فقط لأن اصحابها هم الكنائس، وذلك خلافا لحيفا وتل ابيب, التي تجبي رسوم الارنونا من العقارات التجارية التابعة للكنائس». ليس ثمة شك بان بلدية الاحتلال لن تتراجع عن قرارها الذي يجد دعما من قبل الاحزاب اليهودية المتطرفة الممثلة في المجلس البلدي فضلا عما تجده قراراتها من حماسة في اوساط اعضاء الكنيست المنتمين للاحزاب الدينية وتلك الاستيطانية, سواء كانت من الليكود او البيت اليهودي او كولانا (كُلّنا) الذي تقدمت بمشروع القرار المقدّم للكنيست النائبة عنه راحيل عزاريا، وهي التي كانت تشغل قبل انتخابها للكنيست, نائبة رئيس بلدية القدس المحتلة.
ما يعني ان المواجهة قد تستمر, ولا احد يعرف ما اذا كان رؤساء الكنائس سيحشدون دعما دوليا او عربيا او حتى من الفاتيكان, لموقفهم الرافض – حتى الان – لقرار بلدية الاحتلال الذي اعتبروه «خطوة تتعارض والاتفاقات الدولية, التي وقّعت عليها «الدولة». كما «تُناقِض الوضع التاريخي القائم بين الكنائس وبين الحكومات التي تحكم القدس».. فضلا عن وصفهم القرار بانه «مُميّز وعنصري موجه فقط نحو أملاك الطائفة المسيحية في البلاد المقدسة»، مُذكِّرين في رسالتهم بأن هذا القرار «يشبِه القوانين التي سُنّت ضد اليهود, في فترات ظلامية في أوروبا»..
نحسب ان إشارة كهذه على ما حدث لليهود في اوروبا, لن يكترث بها انصار ارض اسرائيل الكاملة وحكومة اليمين المتطرف. ولن يجدوا في «إحيائها» سوى محاولة للتحريض عليهم, او ربما سارعوا الى وصفها بانه «لا سامية جديدة»، تريد منع اليهود من حقِّهم في حكم البلاد التي اورثهم اياها «الربّ».
kharroub@jpf.com.jo