Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Feb-2019

الموسوعة الفلسطينية.. عمل يرسخ ويصون الهوية الحضارية لفلسطين والقدس*عبدالله كنعان

 الراي

يقوم المنهج العلمي المتبع عند المؤرخين على أسس وقواعد دقيقة، هدفها الخروج بدراسات علمية متزنة تتصف بالجدية والصدق، لذا فإن الباحث والمؤرخ المعني بتتبع تفاصيل تاريخ فلسطين والقدس يستند في دراسته وتحليله لتاريخها العريق على الموضوعية والشمولية، حيث يبني موضوعيته على الصدق القائم على الدلائل والإشارات الثابتة التي ترد في الروايات التاريخية المجمع على صحتها وعلى المضامين التي يستقيها من النقوش والوثائق وغيرها، في حين نجده يهدف في شموليته إلى الإحاطة بجميع المجالات والنواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لفلسطين والقدس، طوال فتراتها المتجذرة في عمق التاريخ الإنساني العالمي.
 
وانطلاقاً من هذا المنحى والوعي التاريخي للأمة وحضارتها الممتدة عبر قرون، نستشعر نداء الأمير الحسن بن طلال حفظه الله من خلال كلمات وكتابات ومقابلات ومتابعات سموه حول الشأن الفلسطيني والمقدسي الذي يؤكد ضرورة بذل الجهود الفردية والمؤسسية في مجال إنتاج المؤلفات العلمية التاريخية التي من شأنها تدوين تاريخ وهوية فلسطين والقدس، مشيراً سموه الى أن هذا الواجب الذي ينبغي تبنيه من الجميع وبجدية، يأتي ونحن نقف اليوم أمام نتاج علمي هائل تقوم على إخراجه والترويج له إسرائيل وتنشره مكتوباً أو في وسائل الأعلام التابعة لها، أو المؤيدة لسياستها المخادعة، وبشكل تحاول فيه إسرائيل ومؤيدوها تأييد ادعاءاتها الزائفة، وتشكيك الأجيال العربية والإسلامية بتاريخها وثوابت هويتها الحضارية الأصيلة وهذا التشكيك والتضليل المتعمد من إسرائيل يشكل خطراً يجب مجابهته والتصدي له.
 
ولا يخفى على أحد أن مدينة القدس تحديداً حظيت دون غيرها من مدن فلسطين بدراسات أجنبية كثيرة بخاصة في مجالات التاريخ والجغرافيا، إلى جانب زيارتها من قبل عدد كبير من الرحالة والمستشرقين الذين دوَّن، معظمهم مشاهدات وأخبار حولها، ووضع العديد منهم وبشكل غير علمي أو موضوعي أخبار ومشاهدات غير صحيحة أو دقيقة، جاء بعضها نتيجة ميولهم المؤيدة للحركة الصهيونية وخدمة لمصالحها الباطلة، ولكن يتوجب الالتفات إلا أن البعض الآخر من هذه الرحلات الأجنبية المدونة ضمت معلومات تؤكد على عروبة المدينة، وتشير إلى عدم وجود ما تدعيه إسرائيل من مزاعم وأكاذيب حول كثافة وجودهم وآثارهم فيها، مما يتطلب من المؤرخين والباحثين الاهتمام بمثل هذه الدراسات المحايدة والاستشهاد بها في مؤلفاتهم لدحض زيف إسرائيل، وتدعيم دراساتهم بأقوال وحقائق يذكرها ويدونها غير العرب، مما يظهر أن حقيقة تاريخ وهوية فلسطين العربية الأصيلة متفق على صحتها من العرب وغيرهم، وهنا يمكن صياغة المشروع القومي والعلمي الذي يؤكد حقنا في فلسطين ويعمل كما يقول الأمير الحسن بن طلال على ((إثبات عروبة أرض فلسطين وبجهد فكري وثقافي أصيل، يؤكد بلغة علمية واضحة لا جدال حولها أن فلسطين عربية ولها أصل وشعب يعرف باسمها ولهم تاريخ طويل حافل)).
 
هذه الحقيقة لا تنكر التنوع الذي ساد المجتمع في ظل السيادة العربية الإسلامية، بل إن الحضارة العربية الإسلامية في فلسطين والقدس قدمت للعالم كله نموذجاً للمجتمع المتنوع المتجانس، الذي كانت حالة الوئام والألفة سمته العامة طوال تاريخه، ويلتفت الأمير الحسن بن طلال دوماً إلى خاصية ايجابية في المجتمع الإنساني وهي ظاهرة التنوع في المجتمعات ويعتبرها دعامة قوة لا عنصر ضعف وتناحر، ولكنه يشدد على جعلها ايجابية والاستفادة منها في سبيل تقدم مسيرة الإنسانية مما يتطلب ضرورة رفعها شعاراً وعملاً يقوم على نشر ثقافة حضارة التسامح وقبول الآخر، ومن أقوال سموه في هذا الصدد ((لا بد من الاعتراف أن هناك ثراء عظيماً في التنوع والتعدد في المجتمع والذي يمكن النظر إليه كغاية نبيلة ويجب أن لا يكون سبباً للفرقة، بل يتعين أن يكون أساساً لنشأة رابطة شعوب متكاملة ومتجانسة))، وهذا يدفعنا إلى حقيقة مهمة وهي دعوة الجميع إلى المشاركة في بناء الهوية الوطنية والمحافظة على الكرامة الإنسانية النبيلة ونشر ثقافتها.
 
وقد لفت سمو الأمير الحسن بن طلال قبل أيام وخلال افتتاحه مؤتمر تاريخ وآثار الأردن في ايطاليا إلى دور المؤسسات والمنظمات المعنية بالثقافات والهويات الحضارية للشعوب في تفعيل مشاركة المجتمعات المحلية في الحفاظ على تراثها وهويتها وتأهيلهم وتدريبهم في هذا المجال، وهذا من شأنه التأكيد على زيادة الصلة والعلاقة والروابط الوطنية بين المكان والإنسان، وهنا تجدر الإشارة إلى أن سياسة إسرائيل التهويدية تقف حاجزاً ضد علاقة الإنسان الفلسطيني والمقدسي بأرضه وحقوقه الشرعية فيها، الأمر الذي يتطلب من المنظمات الثقافية العالمية الحد من تعديات إسرائيل وإلزامها بقبول قرارات الشرعية الدولية بهذا الخصوص، بما فيها قرارات منظمة اليونسكو والتي رفضت في قراراتها جميع الإجراءات الإسرائيلية التي تطال القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وتهدد الهوية الفلسطينية وابرز هذه الإجراءات سياسة الاستيطان والتهويد المستمرة.
 
ومن هنا وبسبب جميع المنطلقات والمضامين السابقة التي أوضحناها، نجد أن صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال ومن خلال رعايته حفل إشهار الموسوعة الفلسطينية الصادرة باللغة الانجليزية للدكتور محمد هاشم غوشة، لا يألو جهداً على الإطلاق تجاه دعم القضية الفلسطينية والقدس وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ونيل حقوقه على الدوام.