Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jul-2019

الرزاز بدأها.. والمعاني يكملها* محمود الخطاطبة

 الغد-لن أتكلم عن نظام العلامات في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي) وما فيه من ثغرات، ولا عن طريقة احتساب المعدل، الذي يُحسب من خلال أوزان المواد وهي غير متساوية، على حد قول وزير التربية والتعليم وليد المعاني، ولا عن “موضوعية” الأسئلة التي تبلغ 30 % من مجموع أسئلة الامتحان العام، ولا عن الرقم بعد العشرية الأولى وكيفية تقريبه إلى واحد صحيح.. فتلك أمور أشبعت تحليلًا وتمحيصًا ونقدًا.

وأتمنى ألا يفهم من كلماتي هذه بأنها موجهة ضد الطلبة المتفوقين وأولئك الحاصلين على معدلات مرتفعة، لكن ما حصل من ارتفاع المعدلات إلى حدود غير مسبوقة من ذي قبل، يضع ألف إشارة استفهام على امتحان كنا قبل أعوام قليلة نُفاخر به العالم أجمع ونباهي به الدول، وخصوصًا المجاورة والعربية، لدرجة أنها ذهبت مثلا حاصل على “توجيهي أردني”.
إن حصول نحو 12 ألف طالب وطالبة على درجة ممتاز، أي معدل 90 % فما فوق، ومع احترامي لجميع هؤلاء الطلبة وذويهم، فهذا يعني أنه سيكون لدى الأردن بعد أربعة أعوام إلى خمسة أعوام من الآن، خبراء وكفاءات في أكثر من تخصص.. وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فإن الأردن سيكون لديه بعد عشرين عامًا من الآن 60 ألف خبير ومختص في مجالات عدة.
وهنا يجب التنبه لنقطة في غاية الأهمية، هل الأردن قادر على استيعاب هذا العدد من “الخبراء” بعد عقدين أو ثلاثة عقود، فحتى دول الخليج العربي لن تستوعب طلابنا، وبالأخص مع ازدياد “عاصفة” تقليل اعتماد الجامعات الأردنية من قبل هذه الدول، التي تُعتبر نوعًا ما، وجهة أبنائنا بعد حصولهم على الشهادة الجامعية الأولى.
أي نظام ذلك الذي يدخل العقل، يحصل من خلاله تسعة من الطلبة على نفس الدرجة (99.9 %)، ما يعني أن هؤلاء مبدعون في كل المواد لدرجة الكمال.. ولقد تعلمنا منذ الصغر بأن المواد العلمية ليس مستحيلًا أن يُسجل فيها الطالب علامة كاملة، ولكن هيهات أن يحصل مثل ذلك في المواد الأدبية، وبالأخص اللغتين العربية والإنجليزية، اللتين فيهما مواضيع تعبير، تحتاج إلى وقت أكثر من وقت الامتحان كي يبدع فيها الطالب.
لا أقلل من قدرات الطلبة، لكن اللوم يقع على وزارة التربية والتعليم وعليها أن تتحمل المسؤولية كاملة، وعلى رأسها وزيرها وليد المعاني الذي أكمل مهمة رئيسه عمر الرزاز، الذي كان قبل ذلك وزيرًا للتربية والتعليم، ويسجل له بأنه أول من بدأ بـ”زعزعة” امتحان (التوجيهي) عندما جعل أسئلته تمتاز بسهولة غير مسبوقة.. والأصل أن الأسئلة توضع وفق مستويات ثلاثة، حتى يكون هناك عملية فرز لأولئك الطلبة المتفوقين، ومن ثم تبنيهم ليكونوا عونًا للوطن.
كما قام الرزاز، حينها، بإقرار نظام العدد المفتوح من التقدم لدورات الامتحان، ما أثر كل ذلك سلبًا على رزانة الامتحان، والتي ستكون حتمًا على حساب المحتوى والمنتج، وبالتالي إفشال التعليم.
نعلم بأن امتحان “التوجيهي” كان يشكل عوامل خوف وقلق ومنغصات وتعقيدات وتوتر للطلبة وحتى ذويهم.. وكأن لسان حالنا يتطابق مع المثل الشعبي “يا بطخه يا بكسر مخه”، فقبل الرزاز كانت الامتحانات بزمن الوزير السابق محمد الذنيبات تمتاز بصعوبة غير مسبوقة وكأنها نوع من الانتقام من الطلبة.
فعندما يقفز عدد الحاصلين على معدل 99 % من طالب واحد العام 2015، إلى 300 العام الحالي، والحاصلين على معدل 98 % من 22 طالبا العام 2015 إلى 1100 طالب العام الحالي، وعدد الحاصلين على معدل 91 % فما فوق من 2013 العام 2015 إلى 10546 العام الحالي.. فذلك يعني أن الأمر جلل وبحاجة إلى دراسة عميقة وجدية من قبل خبراء تربويين وأكاديميين بُغية الوقوف على مدى نجاعة امتحان الدورة الواحدة وسلبياتها وايجابياتها.
فعندما كانت الامتحانات تُعقد وفق نظام الدورتين، لم تكن المعدلات مرتفعة إلى هذه الدرجة، مع أنه كان يُسمح بتجزئة أوراق الامتحان على أكثر من دورة.. إلا إذا كان الهدف من كل ذلك هو إنجاح نظام امتحان الدورة الواحدة، ولو على حساب الطالب والمنتج والمحتوى، أو التعمد بإبقاء الجامعات الحكومية غير رشيقة ومديونة دائمًا، أو إنعاش الجامعات الخاصة.
بقي أن نقول، كيف ستتعامل الحكومة مع موضوع التشجيع على التعليم المهني والتقني، وبالتحديد في ظل ارتفاع المعدلات، وكيف ستقنع الطلبة أصحاب المعدلات العالية وذويهم بالتوجه إلى ذلك التعليم؟