Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-May-2018

لكل رئيس اميركي (عقيدته)....مَن يعرِف (عقيدة ترمب)؟ - محمد خروب

 الراي - عُرِف عن جورج بوش الإبن الذي  وُصِف (عن حق) بأنه جاهل وأرعن ورهين عصابة المحافظين الجدد, تبنّيه عقيدة شعارها: «مَن ليس معنا فهو ضِدنا». والذريعة.. محاربة الإرهاب, والتهديد «بضرب كل مَن يُؤوي أو يدرب أو يمول الإرهاب كائنا من كان». وكان باراك أوباما تبنّى عقيدة «الإحتواء» وبخاصة لدول رأى فيها خصماً لبلاده أو مارِقة أو عدوّة, مثل الصين وايران وروسيا (بالترتيب), وقبلهم عرَف العالم عقيدة كارتر وشعارها «حماية دول الخليج» بعد التدخّل السوفييتي في افغانستان. لكن ليس بمقدور أحد الزعم بمعرِفة «عقيدة ترمب» أو الإضاءة على تماسك دبلوماسيته أو كُنه إستراتيجيته, حتى بعد انضمام اليمينيان المتطرِّفان بولتون و بومبيو... الى إدارته. «عقيدة» يمكن الإتكاء عليها لتحليلها واستقراء ما تتوفر عليه من استراتيجيات وتكتيك، اللهمّ إلاّ اذا كان شعاره الشعبوي الإنتخابي «أميركا أولاً» وأنه «سيُعيد لأميركا...عظمتها», هما اللذيّْن يُشكِّلان صلب هذه العقيدة العدوانية التي باتت عليه الدولة العظمى, التي طالما زعمَت أنها تسعى لنشر الديمقراطية وقيم الحرية في العالم, وها هي تتصدّر «محور الشرّ الجديد» الذي لا يتوقّف عن زرع الخلافات والحروب والشقاق بين الدول والشعوب, تُشارِكه في ذلك دولة العدو الصهيوني, التي يراها وقادتها... نموذجاً وحليفاً ربما وحيداً في هذا العالم, الذي ترتفع فيه درجة الكراهية للسياسات الأميركية والصهيونية على نحو غير مسبوق.

صحيح ان الرئيس الأميركي نجح «عالمياً» في خطف الأضواء وتصدُّر الأنباء, بقراراته الإستفزازيّة وفي الأساس غير المُتوقّعة حتى بالنسبة الى أقرب الناس اليه, رغم أن وقائع الأشهر الخمسة عشر التي قضّاها – حتى الآن – في البيت الأبيض, تشي بأن لا أحد مقرّب اليه أو يحوز منصباً أو موقعا مضموناً, إلاّ انه صحيح ايضاً ان الغاءه القمة ثم (تراجعه المفاجئ والملتبس) التي كان مقرراً عقدها في سنغافورة بينه والزعيم الكوري الشمالي كيم جون اون في الثاني عشر من حزيران الوشيك، أثار ضجة واستغراباً في معظم العواصم ذات الشأن في القرار الدولي. (دع عنك العواصم العربية التي تُتقِن لعبة التثاؤب والإنتظار) بل ربما الغضب عند بعضها, كون ساكن البيت الأبيض يواصِل دبلوماسية العبث والإزدراء التي يمارسها بلا خجل أو خشية, في قضايا وملفات بالغة الحساسية في المشهد الدولي, والتي قد تقود الى تدهور كارثي في علاقات العواصم الكبرى, على نحو يمكن ان تتدحرج الى حرب عالمية ثالثة. كالحال الذي كان عليها العالم في فترة سابقة من هذا العام, عندما بدأ ترامب وكيم يتبادلان الأوصاف المُهينة, وخصوصاً التباهي بحجم ونوعية «الأزرار النووية» التي يتوفّران عليها, وكانت نبرة ترمب, كعادة اليانكي الأميركي... إستعلائِية ومتغطّرِسة.
بين الثامن من آذار الماضي والرابع والعشرين من أيار الجاري, تدفقت مياه كثيرة في الأنهار الأميركية
والكورية الشمالية, وسالت أطنان من حبر وكالات الأنباء والصحف التي غطّت تصريحات الجانبين ومعهما كل مَن له صلة بالملف الكوري الشمالي, الذي وضعته ادارة ترمب على رأس جدول أعمالها (مع الإتفاق النووي الإيراني بالطبع), وإن كان كثيرون توقفوا عند العدائية المتصاعدة ولغة الإملاءات التي كانت تفوح من تصريحات المسؤولين الأميركيين, الذين بدَوا وكأنهم يريدون من بيونغ يانغ الإستسلام الكامل ورفع الرايات البيض, والذهاب الى سنغافورة لتوقيع صك الإستسلام, تحت طائلة العقوبات والحصار والخنق, وصولاً الى شن الحرب التي ستمحو كوريا الشمالية عن وجه الأرض. وهو كلام ردّده ترمب وأركان ادارته, آخره لمحطة اليمين المُفضّلة لديه (فوكس نيوز) على النحو التالي: «نُريد نزع الأسلحة النووية بشكل كامل, يمكن التحقّق منه ولا عودة عنه في كوريا الشمالية». فيما ذهب نائبه الإفنجيلي التبشيري مايك بنس أبعد من ذلك بتحذير الزعيم الكوري من «المراوغة» لأن كوريا الشمالية ستلقى مصير.. ليبيا.
لم تصمت بيونغ يانغ بل وصفَت تصريحات بنس بأنها «غبية وتنم عن جهل», ما أثار حفيظة ترمب, الذي توهّم أن النيات الحسنة التي أبدتها كوريا الشمالية, سواء تجاه سيؤول أم إغلاق موقع التجارب النووي «بونغي ري» نهائياً، تعني أنها باتت مهيّأة للإستسلام, وما عليه سوى زيادة ضغوطه وإجبار «كيم» القدوم الى القمة لإشهار هزيمته. رافقت ذلك حملة إعلامية خبيثة, وصلت حدود الإيحاء بأن «كيم» يخشى حدوث «انقلاب عسكري» ضده إذا ما غادر الى سنغافورة, والزعم بأنه سيقوم بإلغاء القمة أو تأجيلها, بعد أن كان ألغى محادثات رفيعة المستوى مع الشطر الجنوبي, احتجاجا على استمرار المناورات العسكرية بين الجيشين الأميركي والكوري الجنوبي... (ماكس ثاندر).
لكن الإلغاء جاء من ترمب وليس من الذي يخشى الإنقلاب عليه، ولم يكتف ترمب بإطاحة القمة بل خرَج على العالم في خفة وغطرسة, ليُحذِّر»كيم» من «هول الترسانة العسكرية التي يتوفرعليها جيشه القوي جدا, بموازنته العسكرية التي تبلغ 700 مليار دولار»، «والتغنّي بقدراته الهائلة والقوية», الى الزعم أنه «يُصلِّي كي لا يضطَّر أبداً الى استخدامها».
فهل ثمة رئيس كهذا الذي يُمارس أبشع وأسوأ درجات الإستفزاز والغطرسة تجاه دول كبرى كروسيا والصين ويزدري الإتحاد الأوروبي ويصف رؤساء الدول بألفاظ وأوصاف سوقِيّة وهابطة ويهدّد الجميع بالعقوبات, دون احترام للقانون الدولي أو مصالح وكرامات الشعوب, ويُبدي جهلا مكشوفاً على نحو لم يكن عليه قادة دول عديدة... صغُرَت أم كبُرَت؟.
تداعيات الغاء القمة ستتواصل (إذا لم يتم التراجُع «اميركياً» عن ذلك) ولن تنجح واشنطن في مواجهة استحقاقات الغضب المتصاعد الذي عبّرت عنه عواصم القرار الدولي, وبخاصة انه «الإلغاء» جاء بعد انسحاب ترمب من الإتفاق النووي مع ايران وتلويحه بفرض عقوبات على كل مَن «لا يمتثِل» لقرارِه... مُفرِط الرعونة
kharroub@jpf.com.jo.