Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Feb-2019

معارك نيابية طائشة*نبيل الغيشان

 الراي

لم تعد مسلیة أو مضحكة تلك الكؤوس او الشتائم المتطایرة تحت قبة البرلمان، فقد أصبحت ظاهرة مخيفة تأكل من رصید النظام السیاسي والسلطتين التنفیذیة والتشریعیة وتسيء لمجمل النظام الديمقراطي وعموم العمل البرلماني والسياسي والحزبي.
 
لقد كشف «الربيع العربي» عورات الشرق، أنظمة وشعوبا ومؤسسات. فقد كنا نعوم على مستنقع من المياه الآسنة والعادات السيئة التي كشفتها «ثورات» الشوارع العربية، ورغم مرور عاصفة التغيير في الإقليم إلا أن ارتداداتها زادت أمورنا تعقيدا وسوءا.
 
نعم «الربيع العربي» كان مفاجأة غير سارة لنا جميعا وهذا يفسر ما يجري في كل مكان من كراهية وعنف وإرهاب، اشتباك في الشارع ومناوشات في البرلمان وحرب إشاعات وأخبار كاذبة على صفحات التواصل الاجتماعي، وبات كل واحد لا يحتمل حتى نفسه.
 
نجلس على مقاعد الديمقراطية لكننا غير ديمقراطيين، ننتظم في الأحزاب ولا نؤمن بفكرة العمل السياسي، ندعو للدولة المدنية ونخالف معاييرها، نتدين ولا نفي بشروط الدين الشرعية، وكل واحد منا ينتظر الفرصة لينقض على الأخر، لا نقبل الاختلاف في الرأي، ولا نقبل أن يعبر الآخر عن رأيه او حتى عن فكرته.
 
وهذا كله نتيجة غياب الفهم الحقيقي للديمقراطية التي نمارسها، ونتيجة لسوء الاختيار الذي نقع فيه كل مرة، فالاستبداد يحفر جرحا عميقا داخل النفس البشرية ليس من السهولة علاجه او الخلاص منه.
 
ومن حق الأردنيين اليوم أن يتساءلوا، هل تمثيلهم في البرلمان حقيقي؟ هل يعكس رغبات الأغلبية؟ هل التمثيل يحقق مصالحهم؟ والجواب هنا برسم الجميع، ويتحمل وزره الجميع أفرادا ومؤسسات.
 
والمسألة في غاية البساطة، فإما أن تصنع مستقبلك بنفسك او تدع الآخرين يصنعونه لك، وما نحتاجه ليس طلسما، فشعوبنا تستحق منا أكثر مما نعطيها، وخلاصنا لا يكون إلا بإزالة الاستبداد من العقول أولا وثم نبحث عن مبادئ الشفافية والمحاسبة والحداثة واحترام الرأي الآخر.
 
نحتاج الى ترسيخ القيم ووضع المعايير للممارسة الفضلى في العمل النيابي، وأول الأشياء تغيير في التشريعات العامة والخاصة، ابتداءً من شروط الترشيح وشروط الاقتراع واجتثاث ظاهرة شراء الأصوات، وحضور النائب تحت القبة وطريقة ممارسة دوره وضوابط عمله.
 
لا يخفى على احد أن الممارسات السلبية يرتكبها في كل مكان أفراد لكن المجتمع يدفع ثمنها، والكل مقتنع بأن الأفعال السلبية تحت القبة ستقصر من عمر المجلس النيابي والحكومة معا، وهذه الحقيقة لا يؤخرها إلا عدم وجود قانون انتخاب جاهز، فالقانون الحالي عليه ملاحظات ملكية وشعبية، ولا يمكن أن تجري الانتخابات المقبلة بدون تعديل القانون.
 
حل مجلس النواب لن يكون خلاصا ومنجاة من الأخطاء المجانية التي يرتكبها البعض، بل هو هروب من الواقع المر، لان لا ضمان بان انتخاب مجلس جديد سيخلصنا من أخطائنا، والأصل أن ينهي كل مجلس نيابي مدته الدستورية وان نحافظ على مبدأ «مجلس يسلم مجلسا».
 
وإذا ترسخت هذه الفكرة الدستورية في العقول، سيكون هناك استقرار في العمل النيابي، وسيعي الناخب خطورة دوره أمام صندوق الاقتراع. فإكمال المجلس النيابي مدته الدستورية تعتبر مكافأة للمجالس الايجابية وفي نفس الوقت تعتبر عقوبة للناخب او الممتنع عن التصويت إذا كان المجلس سلبيا وغير مقنع.
 
عندها نفهم جميعا أن من يتحمل وزر أخطاء المجالس النيابية هو الناخب، لان من يصنع مجلس النواب هو من يصل الى صندوق الاقتراع وأيضا من يتقاعس عن الوصول إليه.