Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Nov-2019

دفاعًا عن الفطرة السليمة*حسين الرواشدة

الدستور

بأمر مولانا الشيخ اكتب عن ظاهرة «بائعات الهوى « التي تشهدها بعض شوارعنا العامة، أملاً في «الثواب» الذي قال: إن الله تعالى سيعطيه لكل من ينهض لمواجهة هذه «الفاحشة»، مع انني ادرك تماماً بأن ثمة فواحش أخرى «كبيرة» تمارس في مجتمعنا وتحتاج لمن يتصدى لها، ومن بينها فاحشة الافقار وفاحشة الفساد والغش والتدليس وغيرها، لكن ما علينا، فما اشار اليه مولانا هو جزء من حالة «التسفل» التي اصابت مجتمعنا، وانحدرت بأخلاقيات البعض الى «الجهر» بممارسة الرذيلة، وعدم الخوف من أي رادع، حتى كدنا نعتقد بأننا امام حالة «عموم البلوى» التي اشار اليها فقهاؤنا، أو «الخراب» العام الذي اصبح يحتاج لما هو أبعد من «الوعظ» والارشاد، إذ�' إن اصلاح «اخلاقيات» المجتمع وتصحيح مسارات «الضمير العام» فيه هو الاولوية التي تتقدم على غيرها من الاولويات.
«نازلة» بائعات الهوى بما يجرى في الشوارع، وانما تتجاوزه الى «تجارة» تكاد تكون منظمة، ولها شبكاتها التي يتولاها «اشخاص» باعوا ضمائرهم واخلاقهم، وقد سمعت من كثيرين ان ثمة عناوين معروفة لهؤلاء، وأنهم يستغلون - بشتى الوسائل - شبابا وصبايا صغارا، ويستدرجونهم للوقوع في «المصيدة» التي تبدأ بممارسة «الزنا» ثم تمتد لتعاطي المخدرات والسير في طريق الانحراف بكل ما يحفل به من جرائم.
 سمعت احدى الاخوات تشكو في احد البرامج الاذاعية بأن «العمارة» التي تسكن هي واولادها فيها تحولت الى «بؤرة» لممارسة الفاحشة تحت مسمى «الشقق المفروشة»، قالت المرأة، إنها رأت طالبات صغيرات يدخلن مع زبائنهن الى العمارة، وانها اشتكت للشرطة والمحافظة، لكن ما ان توقف الامر اسبوعا حتى عاد مرة اخرى، وناشدت آنذاك المسؤولين بأن يأخذوا الامر على محمل الجد، فهذه الممارسات دفعتها وغيرها من السكان الشرفاء الى ترك العمارة، كما انها تحولت الى مصدر «خطر» لكل الحي بعد ان اصبح المكان مشبوها، وكل من يدخل اليه او يخرج منه مشكوكاً فيه ايضاً.
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول، هذا مفهوم، كما ان «فضيلة» الستر مقدمة على فضيلة «الاشهار» وخاصة في مسألة تتعلق «بالزنا»، والفاحشة عموماً، وللتذكير فان تاريخنا الاسلامي لم يشهد الا حالتين فقط أقيم فيهما حدّ «الزنا»، وبالاعتراف لا بالشهود، بمعنى ان المطلوب هنا ليس اقامة «الحد» لان ذلك يكاد يكون مستحيلاً لما يترتب على اقامته من شروط يعرفها فقهاؤنا، لكن هذا الذي يحدث في شوارعنا جهارَ نهار يحتاج الى ما هو أبعد من «الردع» والعقوبة، فهو جزء من حالة «التسفل» الأخلاقي التي اشرت لها سالفا، وهو ايضا جزء من منظمة الفساد التي بدأت بالاموال والامتيازات وامتدت الى الاجساد والضمائر، وهو ايضا عنوان لاهمال مؤسساتنا التعليمية والدينية والاقتصادية في بناء الإنسان الصالح وتحصين المجتمع القوي، وتمكين الفضائل من «الانغراس» في الناس لردعهم عن الوقوع في الضعف الذي يفضي الى انتصار الغرائز على القيم والفطر السليمة..
لا يعني ذلك -ابدا- ان نغض أعيننا عن هذه «الكوارث» الاخلاقية انتظاراً بعودة المجتمع الى «استقامته»، فنحن بحاجة الى «عصا» القانون وعين الدولة بأجهزتها الامنية والرقابية، ونحن بحاجة الى يقظة «الشهامة» لدى المجتمع لكي نتصدى - جميعا - لمثل هذه المظاهر المخجلة، ولكي لا تتحول الى «مصائد» سهلة لابنائنا ولزوارنا، ولا الى «عناوين» للسياحة «المشبوهة» التي يحاول البعض الترويج لها على حساب القيم التي نعتز بها.