Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Sep-2017

معاني الهجرة النبوية الشريفة - عبد الوهاب الفراية
 
 
الراي - ودعت الامة الاسلامية عاما.. واستقبلت عاما اخر من اعوام تاريخها الحافل الذي كانت فيه الهجرة النبوية الانطلاقة الكبرى ونقطة التحول العظمى، التي نقلته من مرحلة مكة المكرمة مرحلة الاعداد والتحضير والتربية للعناصر والكوادر المؤمنة الصادقة التي بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن أوى, وناصر في المدينة المنورة بعد الهجرة المجتمع الاسلامي الاول، البناء المتميز الراسخ في جميع الحقول والميادين، على هدى من الرسالة الربانية التي حملها هذا الرسول الاعظم رسالة خاتمة للناس كافة من اجل تحقيق خيرهم وسعادتهم في الدنيا والاخرة (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين).. (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين)، ويفيض حدث الهجرة على النفس المؤمنة بأنواع من العبر والعظات.. وهي تتدبر في امر الامة وما أصابها من وهن وضعف وما تعاني منه من فرقة واختلاف وتنازع، وما تواجه من تحديات وصعوبات، وما تتعرض له من غزو واعتداءات.
 
فالهجرة تمثل عنوان الانطلاق وبها كان الانتقال بالاسلام من دين بلا قوة ولا دولة، الى دين تقوم عليه دولة، وحق تحميه وتسنده قوة، لينتشر في رحاب الارض دعوة خير وهداية وبر ورحمة، تمنع الظلم وتحقق العدل وتصون كرامة الانسان وتقدم للمجتمع الانساني اشمل معرفة واروع حضارة. فأذا ذكرت الهجرة ذكر العمل والتطبيق والانجاز والانتصار قال تعالى: « الا تنصروه فقد نصره الله اذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار أذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم «.
 
فالهجرة لم تكن في التاريخ الاسلامي هروبا وخوفا وجبنا، أنما كانت خطة محكمة لبناء المحضن الذي سترتكز إليه الدعوة.
 
فما كانت الهجرة الا ليأخذ هذا الدين طريقة الى التطبيق الشامل والممارسة الكاملة، ومن هنا جاء الحث على الهجرة والبيان الواسع لفضل المهاجرين والانصار قال تعالى: « ( إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير « فقدمت الايات الكريمة المحافظة على العهود والمواثيق على الاخوة في الدين حثا على الهجرة ودعوة اليها وبذلك استحق المهاجرون والانصار ثناء المولى جل وعلا (هم المؤمنين حقا لهم مغفرة ورزق كريم) وهكذا يتجلى في الهجرة اقتداء هذا الدين بما حمل من مبادئ في الزمان والمكان.
 
كما يتجلى فيها الانتقال النوعي من الماضي بالاضافة الى الحديث عن معاني الوحدة والتكافل والمؤاخاة والقدوة في ضرورة التخطيط والاعداد والاخذ بالاسباب واهمية التوجه الى التنمية الشاملة والبناء المتكامل لكل طاقات الامة وفعاليات المجتمع.
 
ونحن في الاردن العربي الهاشمي نقدم نموذجا في الجد والعطاء والتأخي والتكافل والشعور بمعاناة الامة وهمومها والدعوة الى تعاونها وتكاملها ووحدة صفها.. وقيادتنا الهاشمية وفية للرسالة تدعو ان نعيش معاني الهجرة واقعا وسلوكا وتضرب المثل تلو المثل وتحقق الانجاز اثر الانجاز في بناء هذا الحمى الهاشمي الصامد المرابط.. نعم لقد اقام احفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الارض الطيبة دولة راسخة البنيان تفهم الاسلام رسالة خير وهداية وتعيش ثوابت الاصالة وافاق المعاصرة ومعاني الايمان وحقائق العلم في نسق متوازن ووسطية صادقة تلبي اشواق الروح ومتطلبات العمل وحاجات الحياة.. نعم وضع القواعد والاسس الملك المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين طيب الله ثراه، واعلى البنيان والقواعد الملك الباني المغفور له بفضل الله ورحمته الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وها هو ابنه وخليفته من بعده الملك عبدالله الثاني يحمل الراية ويواصل مسيرة الخير والعطاء.. وفقه الله وسدد على طريق الحق خطاه، واكرمنا جل وعلا بأن تعود علينا هذه الذكرى في كل عام والوطن في تقدم وامان والامة في كرامة وعلو ووحدة وتكامل.