Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Mar-2018

أين روسيا من ملف السلام في المنطقة ؟! - فيصل ملكاوي

الراي -  روسيا عادت دولة كبرى لها نفوذ واسع على الساحة الدولية ، كما انها اصبحت عبر سوريا ذات نفوذ واسع ايضا في المنطقة ، ولم يعد بالامكان الحديث عن القضايا الاقليمية والدولية دون الحديث عن روسيا ودورها ، ولم يعد بالامكان تجاهل موسكو ،ان لم يكن بالشراكة ، فان ذلك يتم بالمناكفة والتصدي لخيارات وحلول القوى الدولية سواء عبر سلاح الفيتو في مجلس الامن الذي لم تعد روسيا تتردد باستخدامه اتساقا مع رؤيتها ومصالحها ودعما لمواقف حلفائها ايضا في كل انحاء العالم. الظهور الروسي بات جليا في الملف السوري وفي الازمة الاوكرانية وكوريا الشمالية والملف النووي الايراني ، وكل ما يرتبط من تطورات على الساحة الدولية ، بل تحاول روسيا اخذ دور الند ازاء اي ملف قائم او مستجد ، ولم تعد موسكو تترك الامور في سياق امساك الغرب وعلى راسه الولايات المتحدة بزمام العالم وقضاياه وصراعاته وازماته وترتيب اوضاعه ، بل ان مواقف موسكو في تواتر تصاعدي ازاء كل الملفات والازمات، حتى ان الكثير من المراقبين باتوا يتحدثون عن بدء الحرب الباردة الثانية بين الغرب ممثلا بالولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة ثانية.

 
ومع كل هذا الطيف من التطورات على المشهد الدولي جراء ظهور روسيا مجددا على الساحة الدولية كقوة فاعلة ومؤثرة ، ومع كل تدخلات روسيا في العديد من القضايا والملفات الاقليمية والدولية، الا ان ملفا رئيسيا في الشرق الاوسط ،وتتاثر به الساحة الدولية مباشرة ، لا زال الموقف الروسي منه ملتبسا من حيث الدخول فيه كشريك فاعل وهو ملف الصراع العربي الاسرائيلي وما يتعلق به من عملية سلام مجمدة ومرشحة لتداعيات غاية في الخطورة مع اقتراب خطة الرئيس الاميركي دونالد ترمب المسماة ( صفقة القرن ) التي اتخذ فيها الرئيس الاميركي وفريقه في البيت الابيض جانب الحكومة الاسرائيلية تماما دونما اكتراث للاطراف الاخرى، ولا حتى القوى الدولية التي انتقدت هذه السياسة الاميركية التي تتخلى عن قواعد ومرجعيات السلام خاصة حل الدولتين.
 
بالنسبة لروسيا فانه من الجدير بالذكر انها كانت عند اطلاق عملية السلام احد الاطراف الراعية لهذه العملية مع الولايات المتحدة الاميركية، لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات ، انفردت الولايات المتحدة ليس فقط بعملية السلام الشرق اوسطية ، بل برعاية العالم وشؤونه كاملة وفق مبدأ احادية القطبية ،وغابت موسكو عن الساحة الاقليمية والدولية في اطار مشاكلها الاقتصادية والسياسية والامنية التي نتجت عن انهيار الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية ، وضاع في خضم ذلك الدور الروسي في الاهتمام والانخراط بعملية السلام الشرق اوسطية، وانفردت الولايات المتحدة به لكن دون اي نتيجة تذكر ، خاصة على الصعيد الاسرائيلي الفلسطيني ، والسبب عدم القدرة والرغبة في الضغط على الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة للالتزام بالسلام ومرجعياته واتفاقياته الموقعة خاصة مع السلطة الوطنية الفلسطينية.
 
في هذه المرحلة يتم تلمس لغة روسية اكثر تصاعدية ازاء عملية السلام–ان بقيت هناك عملية–ولاحظنا الدعوة الاخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للطرفين الاسرائيلي والفلسطيني للاجتماع والتفاوض في موسكو دون شروط مسبقة ، الفلسطينيين رحبوا بالدعوة في اطار بحثهم عن تعددية لرعاية السلام ، والحكومة الاسرائيلية لم ترحب ،لكنها لم ترفض، لانها لا تريد اغضاب موسكو ، وهي تعرف ان بيضة القبان في هذا الشان لا زالت في واشنطن والتي يقدم ساكن البيت فيها هذه الايام لاسرائيل كل شيء ويتعاطى مع الحكومة الاسرائيلية وكانها الطرف الوحيد على الساحة.
 
العالم الغربي رغم رفضه لقرارات الرئيس الاميركي بشان القدس ، فانه اكد انه لا يريد ولا يرغب ان يحل محل الولايات المتحدة كراع للسلام ، والصين لديها موقف سياسي واخلاقي قوي في هذا الشان بضرروة المضي بالسلام وفق حل الدولتين ، لكن كل هذه الاطراف لا زالت ،بما فيها موسكو، لا تريد ولا ترغب بمنافسة الولايات المتحدة بشكل مباشر على رعايتها لعملية السلام رغم المخاطر الداهمة على هذه العملية المجمدة اساسا، ومع ذلك فانه يمكن تطوير مواقف هذه القوى وفي مقدمتها موسكو لاجل تكاملية مع الدور الاميركي لضمان ان تبقى العربة على السكة وعدم استفراد طرف واحد بقيادتها بالاتجاه الذي يريد ، خاصة اذا ما زالت القناعة لدى العالم ان احلال السلام في المنطقة يتعدى كونه مصلحة اقليمية الى انه مصلحة عالمية ايضا وبذات القدر.