Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Feb-2019

تصاعد العنف في أفريقيا الساحل والصحراء*حسن أبو هنية

 الراي

تتكاثر التقارير الأمنية والبحثية التي تحذر من تصاعد العنف والإرهاب في إفريقيا، ويذهب بعض الخبراء إلى القول أن إفريقيا ستصبح الساحة الأكثر عنفا وجذبا للجهاديين والجبهة المفضلة للجهود الدولية في محاربة الإرهاب، وتشهد منطقة الساحل والصحراء الإفريقي اضطرابات أمنية متزايدة؛ وتؤكد دراسات وتحليلات عديدة صادرة عن مراكز أبحاث مرموقة على أن وتيرة العنف وحالة عدم الاستقرار الأمني بهذه المنطقة مرشحة لمزيد من التصعيد نظرا لتوافر جملة من الأسباب والشروط والظروف المحلية الإثنية والسياسية والبيئية، وتزايد حدة التنافس الدولي على ثروات القارة السمراء، وقد دفع تزايد خطر التنظيمات الإرهابية وتعددها وتنوعها في منطقة الساحل والصحراء القوى الدولية والإقليمية إلى مزيد من الانخراط في جهود مكافحة الإرهاب.
 
رغم تصاعد مخاطر العنف والإرهاب في منطقة الساحل والصحراء خلال الأعوام الأخيرة، إلا أنها نادرا ما تحظى بتغطية إعلامية، وقال تقرير لمؤتمر أمني دولي إن تصعيدا في الهجمات العنيفة المرتبطة بالجماعات الإسلامية في منطقة الساحل بغرب أفريقيا يعكس القدرات المتزايدة لهذه الجماعات ومقدرتها على التواصل عبر الشبكات، وحسب مقتطفات من تقرير تم إعداده لمؤتمر ميونخ الأمني السنوي ونشرته «رويترز» في 8 فبراير الجاري فإن ثلاثة أرباع المعارك التي وقعت مع قوات الأمن الحكومية خلال 2018 بادرت بها هذه الجماعات، وستبحث أشغال مؤتمر ميونخ، قضايا الأمن والإرهاب، الذي سينعقد من 15 إلى 17 فبراير الجاري بمشاركة أكثر من 600 من زعماء الحكومات وصناع القرار الآخرين، وكان مؤتمر ميونخ الدولي للأمن قد بدأ عقده إبان الحرب الباردة، ويعتبر المؤتمر أهم ملتقى للخبراء في مجال السياسة الأمنية على مستوى العالم، وبشير التقرير الذي يستند إلى بيانات المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية إلى أن عدد القتلى نتيجة النشاط الإسلامي المسلح زاد إلى 1082 بالمقارنة مع 2017.
 
أثار مصرع خمسة جنود أميركيين في كمين في النيجر في أكتوبر 2017 الشكوك حول حجم التورط الأميركي في أفريقيا، فقد عززت الولايات المتحدة الأميركية من وجودها العسكري في منطقة الصحراء الكبرى والساحل، بشمال غربي أفريقيا، وهي حالياً تقوم ببناء أكبر قاعدة عسكرية في تاريخها بالنيجر بحلول 2024، ويوجد حالياً ما يقرب من 7500 من العسكريين الأميركيين بأفريقيا؛ وبحسب «مؤسسة الثقافة الاستراتيجية» في دراسة نشرت في 31 أغسطس 2018؛ فإن السياسة الأميركية الجديدة لمحاربة الإرهاب بالساحل والصحراء، تديرها القيادة الأميركية الأفريقية (AFRICOM). وتعتمد برامج مراقبة من دون طيار، وشن غارات عبر الحدود، وجمع معلومات استخباراتية.
 
ثمة مزيد من الانخراط الدولي في إفريقيا على نحو مقلِق، إذ تواصل الصين وروسيا توسيع دائرة نفوذهما، وتعزيز وجودهما في جميع أنحاء إفريقيا على أمل التفوُّق على الولايات المتحدة،بينما تحاول فرنسا الحفاظ على نفوذها ومصالحها،وتتواصل جهود قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية في المنطقة، من خلال «عملية بارخان»، والتي يشارك فيها نحو 4500 جندي فرنسي، ومع كل الجهود المتعلقة بحرب الإرهاب،تبدو هذه حربا يكسبها الجهاديون حسب تقرير لـ"الإيكونوميست"بعنوان"ساحة المعركة القادمة مع «الارهاب": القتال ضد «داعش» ينتقل إلى أفريقيا» في يوليو 2018، فقد ازداد عدد الحوادث العنيفة التي تتورط فيها المجموعات الإرهابية في أفريقيا بنسبة تزيد على 300 في المائة بين العامين 2010 و2017؛ كما ارتفع عدد الدول الأفريقية التي تختبر نشاطاً متشدداً مستداماً بأكثر من الضعف لتصل إلى 12 دولة في نفس الفترة، وفقاً للمركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية، وهو جزء من وزارة الدفاع الأميركية، ويبدو العديد من المسؤولين الغربيين يائسين، ومن دون نشر المزيد من القوات «ما من شك في أننا سنخسر»، كما يقول مسؤول فرنسي كبير.
 
تعاني دول إفريقيا الصحراء والساحل من ضعف الإمكانات والقدرات العسكرية والأمنية، وقد قامت أميركا وبريطانيا بتدريب القوات النيجرية وتزودها بالمشورة والاستخبارات، كما تخرج القوات الأميركية الخاصة أيضاً في دوريات مشتركة مع الجيش في النيجر، وتجري فرنسا عمليات عسكرية كثيفة عبر منطقة الساحل. وتدفع القوى الغربية رواتب مجموعة «جي-5»،التي أنشئت في 2015، وهيقوةإقليميةلمكافحةالإرهابتضمقواتمنبوركينافاسو،وتشاد،ومالي،وموريتانياوالنيجر، وثمة"كثافة في الحركة الأمنية» بشكل متزايد للقوات العسكرية في المنطقة بما في ذلك بعثة للأمم المتحدة وعملية بارخان الفرنسية وأربع بعثات من الاتحاد الأوروبي لتدريب الجيش والشرطة.
 
تضم منطقة الصحراء والساحلخليطا من الجماعات الجهادية، تدين بالولاء لتنظيم «القاعدة» أو تنظيم «داعش» وتشمل هذه المجموعات حركة الشباب في الصومال، وبوكو حرام وفصائلها في نيجريا، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي، وفي كل بلد حسب ا"لإيكونوميست» قد يكون الصراع مدفوعاً إلى حد كبير بالمظالم المحلية. لكن المتمردين يشتركون في بعض السمات الأيديولوجية. وقد تعززت الكثير منها بسبب الانهيار الذي أصاب ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011، وهو ما أدى إلى تسرب الأسلحة من مخازن السلاح الليبية، كما تطورت شبكات التهريب التي تعمل في كل شيء، من البشر إلى المخدرات، عبر منطقة الصحارى. وهناك إشارات على أن الجهاديين يتعلمون من بعضهم البعض ويمتصون الأموال والدعم من الجماعات المتطرفة في الشرق الأوسط.
 
رغم الجهود العسكرية والأمنية التي تبذلها دول عديدة للحد من تنامي العنف والإرهاب، فإن هناك من يرى أن المعركة الدولية مع الظاهرة الإرهابية وتناسل تنظيماتها بالساحل والصحراء؛ يقتضي الرجوع إلى الأسباب المركزية للظاهرة، والمتمثلة في الصراعات الإثنية والسياسية والجغرافية المجالية حسبخالد يايموت، فالطابع المحلي لظاهرة الإرهاب يبقى أحد أهم مفاتيح فهم حركة التمرد المنعش للإرهاب المتمسح مسوح الدين. ذلك أن الظروف المحلية، ووجود القوات الأجنبية سواء الأميركية أو الفرنسية بالمنطقة، عاملان يعقدان من الوضع الحالي؛ على اعتبار أن التدخلات والقواعد الأجنبية، تحمل في طياتها استراتيجية لحماية المصالح الأجنبية بالمنطقة. وبينما ينظر إليها رسمياً، على أنها سياسة للقضاء على الأسباب الحقيقية للإرهاب، يواجه شعبياً بالمقاومة المسلحة. وهذا الوجود الأجنبي سواء كان مؤسساً، كما هو الحال بالنسبة لقوات «جيش الساحل» (ج 5)، أو القوات الخاصة الأميركية وقواعدها بالنيجر؛ ينظر إليه من طرف السكان المحليين بكونه سيطرة أجنبية على أراضيهم وثرواتهم.
 
خلاصة القول أن إفريقيامرشحة أن تكون الساحة القادمة للجهاديين وحروب الإرهاب، إذ يشبه بعض الخبراء صعود الجهادية في إفريقيا بصعود طالبان في أفغانستان في العام 1993، وحسب التقارير ما تزال التهديدات التي يشكلها الجهاديون في إفريقيا على الغرب في مرحلة جنينية، ويمكن التعامل معها بكلفة يمكن تحملها من الدم والمال، فإن ترك الخطر يتفاقم قد يسمح له بأن يكبر حتى تصبح القوى الغربية مجبرة على التدخل مباشرة وعلى نطاق واسع، لكن خبرة الغرب في أفغانستان منذ العام 2001 تنطوي على درس آخر حسب «الإيكونوميست"فالتدخل العسكري وحده لا يستطيع أن يحل المشكلة، لكنه يمكن أن يعيق الجهاديين ويشتري الوقت لاستعادة ولاء الساخطين والمهمشين. وهذه، في الجزء الأكبر منها، وظيفة حكام إفريقيا المحاصرين بالمتاعب إذا كانوا أهلاً للاطلاع بها.