Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Apr-2019

اتهامات فلسطينية متبادلة*حمادة فراعنة

 الدستور-وصفت حركة حماس حكومة فتح الائتلافية برئاسة محمد إشتيه على أنها «حكومة انفصالية، فاقدة للشرعية الدستورية والوطنية « وهو تقييم لو صدر عن تنظيم فلسطيني آخر غير حركة حماس، لكان ممكن التوقف عنده والتدقيق به لتقييم مدى مصداقيته، أما وأن يصدر عن حركة حماس فيمكن الرد عليه حسب قول أحدهم : « شوفوا مين بيحكي عن الشرعية والدستورية «، وكأن حركة حماس تلتزم بالشرعية وتحترم الإجراءات الدستورية، الأمر الذي يتطلب التوضيح لمن لا يعرف، ولمن لا يتذكر الوقائع التالية : 

أولاً : لا شك أن حركة حماس تملك من الرصيد النضالي مما يؤهلها لأن تكون في الموقع القيادي، وهذا ما حصل فعلاً وحقاً، حينما شاركت بانتخابات المجلس التشريعي عام 2006، حققت فوزاً يعكس انحياز أغلبية المصوتين الفلسطينيين في الضفة والقدس والقطاع لصالحها، وحصولها على 74 مقعداً مقابل حصول فتح على 45 مقعداً، ولكن هذا النجاح الذي تتباهى به حركة حماس وتصفه على أنها فازت به عبر انتخابات تشريعية ديمقراطية نزيهة، هذه الانتخابات تمت من قبل فتح وتحت سمعها وبصرها وإجراءات أجهزتها ومؤسساتها، وهي سلمت بنتائجها، وهذا يُسجل لحركة فتح في سجل الشرف لها، وعليه كلف الرئيس الفلسطيني، رئيس حركة فتح، كلف رئيس كتلة حماس النيابية إسماعيل هنية بتشكيل الحكومة، وتشكلت فعلاً من حركة حماس . 
ثانياً : تدعي حركة حماس أنها قامت بحركة حسمها العسكري خوفاً من انقلاب متوقع من قبل حركة فتح، وهذا يعني أن فتح لم تقم بالانقلاب وهو مجرد تكهنات وتقديرات من قبل حماس، ولكن حماس قامت بانقلاب دموي أطلقت عليه قرار الحسم العسكري في حزيران 2007، أي أنه لم يكن ديمقراطياً ولا سلمياً ولا مدنياً، بل استولت على السلطة ومؤسساتها في قطاع غزة بقوة السلاح، ولا تزال إلى يومنا هذا تتحكم بقطاع غزة منفردة طوال إثنى عشر سنة متواصلة، مثلها مثل كل الأنظمة الشمولية المتسلطة . 
ثالثاً : أن طرفي الانقسام فاقدة لشرعيته القانونية والدستورية، وإنتهت ولايتهما : ولاية الرئيس وولاية المجلس التشريعي، ولذلك لا يحق لهما ولكليهما، أو لاحدهما أن يدعي الشرعية، أو يتهم شريكه بفقدان الولاية، أو في تحمل استمرارية الانقسام، فكلاهما متورط باستمرارية الانقسام، وكلاهما لا يحبذ الاحتكام إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى، وكلاهما يستأثر بما لديه من مؤسسات، فتح بمؤسسات سلطة رام الله ومنظمة التحرير، وحماس بمؤسسات سلطتها الأحادية المنفردة في قطاع غزة . 
رابعاً : كلاهما متورط في العلاقة مع الاحتلال ويستمد بقاءه من علاقته مع الاحتلال، فتح عبر التنسيق الأمني، وحماس عبر التهدئة الأمنية، وكلاهما ضد المقاومة ولا تعنيه، والمقاومة بالنسبة له، مجرد حكي وكلام غير مسؤول غير مدفوع الثمن . 
خامساً : رغم كل الملاحظات الجوهرية التي يمكن أن تسجل على حركة فتح، ولكنها تسعى لشراكة الفصائل التي تتبع لها، وتسمح بإجراء انتخابات للنقابات ولمجالس طلبة الجامعات وللبلديات وتنجح فيها ومن خلالها حركة حماس في الضفة الفلسطينية، وهذا يُسجل لحركة فتح، بينما حماس لا تسمح بالانتخابات، لا بلدية ولا نقابية ولا طلابية في قطاع غزة، فهي تفرض هيمنتها وتسلطها وإنفرادها مثل كل الأحزاب الشمولية اليسارية والقومية والدينية التي هُزمت، وهي ستهزم بعد نجاح تجربتي الجزائر والسودان، وسيلفظها شعب غزة الباسل، الذي انتصر على تفوق شارون، سيتفوق على قمع حركة حماس وتسلطها، إن لم تحترم شعبها الذي أعطاها وأعطته، وطالما أن امتيازات قياداتها بائنة فاقعة وشعب غزة يجوع سيلفظها كما تم لفظ الأحزاب والتنظيمات المنفردة التي حكمت السودان والجزائر والعراق وليبيا واليمن وتونس، فالشعوب صبرها يطول ولكنها في نهاية الطريق لا تهاب الخوف ولا القمع ولا البطش ولا الموت، فكرامتها هي الأثمن وشعب غزة له الكرامة التي سيستعيدها من تسلط حماس وانفراديتها .
وأخيراً يمكن التوقف أمام التردد الطريف أن طرفي الانقسام كل منهما يتهم الآخر أن إجراءاته تخدم صفقة القرن، وهذا صحيح مئة بالمئة نعم كلتاهما فتح وحماس تعملان لخدمة صفقة القرن مجاناً واتهاماتهما المتبادلة صحيحة ودقيقة طالما أن الانقسام هو الأولوية لديهما، والشعب الفلسطيني وحده يدفع ثمن انحدارهما السياسي.