Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jul-2018

ماذا بعد إغلاق" باب الأتاتوركية".. وإطلاق"الأردوغانيِّة"؟ - محمد خروب

 الراي - تقترب الذكرى الثانية للانقلاب المزعوم (15تموز 2015 (الذي شكّل فرصة "تاريخية" للرئيس التركي

اردوغان،كي يمضي قُدماً ويسرّع إجراءاته لتجسيد"حلم حياته"في تكريس"الاردوغانية"،نهجاًونظام حكم  وخصوصا أسلَمَة المجتمع التركي والتحكّم بمفاصل الدولة التركية،تشريعياً وتنفيذياً وسلطة قضائية على نحو لايسمح حتى بتداول السلطة على "النظام"الذي اوصله وحزبه(الجديد..وقتذاك) في العام 2002 الى السلطة،ويُلغي في الان ذاته غالبية القوانين التي سمح بها النظام"البرلماني"الذي قام مع إعلان جمهورية مصطفى كمال في العام،1923 وإن كانت تجربة ديمقراطية غير مكتمِلة الأركان،نظراً لسطوة المؤسسة العسكرية على القرار السياسي وخصوصا الحزبي وتواطؤ السلطة القضائية معها،كي تحولان دون تجسيد ارادة الناخبين الاتراك في تفويض الحزب/الاحزاب لتشكيل الحكومة العتيدة.وهي سطوة كانت على الدوام تلقى دعما وترحيبا اميركيا حاراً،أسهَم – ضمن امور اخرى – في خلق وتواصل الازمات السياسية، فاقمتها الانقلابات العسكرية واشهرها الاعوام 1960 ،1971 ،1980والآخر الذي اتّخذ طابع التهديد بنزول الدبابات الى الشوارع،ما ادّى (شباط العام 1997 (الى سقوط حكومة المؤسّس والأب الروحي للإسلام السياسي..نجم الدين أربكان.
هذا الانقلاب لم يتّم وإن كان وُصِفَ بـِ"انقلاب ما بعد الحداثة"وهو الذي ادى (كـ"رد فعل" الاسلامويين الاتراك)،الى تشكيل حزب"العدالة والتنمية"،في خروج وانشقاق على"حزب الرفاه"وزعيمه نجم الدين اربكان..قادَه عبداالله غلّ واردوغان واسماء مهمة اخرى..دفعها اردوغان الى الظل والعزلة في النهاية.ما علينا..
بصراحة محمولة على زهو وغرور...أعلن اردوغان بعد ادائه اليمين الدستورية امام البرلمان،لذي لم يعد صاحب القرار الاول والاخير في النظام"الرئا سي"الذي بدأ للتّو في تركيا:انه"أغلَ ق باب النظام القديم نهائياً"وانه مُصرّ على"النضال من اجل بناء تركيا جديدة،تحصد ما زرَعَه الآباء،عندما كانت لدينا امبراطورية شاسعة..سُلجوقِية عُثمانية تحكم مساحات واسعة عبر ثلاث قارات" .
هذا خطاب يتّكِيئ على رؤية ايديولوجِية توسّعية،محكومة بحنين مَرَضِيّ الى الماضي،تترافق مع خطوات وسياسات وإجراءات يعكف إردوغان..وقد امتلّك بين يديه صلاحيات مُطلقة،لم يُخطئ كثيرون خارج تركيا وخصوصا من داخلها عندما وصفو نظامّه الرئاسي بـِ"نظام الرجل الواحد"،يريد عبره ومن خلاله واستخداماً انتقائياً صلاحيات غير محدودة، إعادة تشكيل تركيا (ومحيطها الإقليمي) وِفق رؤية تستلهم"المجد"العثماني المزعوم،وبناء دولة شمولية تقوم على قياسِه. ولعل العبارة التي وردت في خطابه امام البرلمان تُفصح عن"ماهية"المجتمع"الاردوغاني"الذي يريد بناءه:"،احدى اهم اولوياتنا،انشاء اجيال واعية،تُدِرك من اين أتت؟وأين توقّفت؟وإلى أين تُريد الذهاب"..ولم يكن استدراكه"الى جانب التقدم في كافة المجالات،لاسيما الديمقراطية والحريات"..سوى عبارة زائدة وتجميلية لا معنى لها،إذا ما عاد المرء الى الوراء اسبوعا واحدا،وقبل يوم واحد من حفل تنصيبه كأول رئيس للنظام الرئاسي الجديد،عندما استغَلَ قانون الطوارئ المفروض منذ محاولة الانقلاب المزعوم،لفصل اكثر من ثمانية عشر موظفا عسكريا ومدنيا وفي سلك القضاء،ليُضافوا الى مئتي الف"مطرود"بتهمة"التعاطُف"مع الانقلاب.
من المُبكر التكهن ما اذا كان اردوغان سيُحقّق حلمه في ترؤّس الاحتفال بمئوية قيام الجمهورية التي اسّسها اتاتورك(2023،(لكن ماحقّقه بِطيّ صفحة الاتاتوركية والنظامالبرلماني،والتأسيس"لنفسه""جمهورية ثانية"بنظام رئاسي, يضعه على قدم "المساواة والاهمية"مع اتاتورك،يصعب تجاهل تبعاتِه وأكلافه على الإقليم والمجتمع التركي، الذي بات مُنقسِماً على نحو أفقي وعامودي.ما يُنذِر بحدوث ازمات..مُتوالِدة ومُتدحرِجة،قد تأخذ طابعا أكثر عنفاً وشِدة، مما يحاول انصار اردوغان تجاهلها والتقليل من شأنِها.
kharroub@jpf.com.jo