Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-May-2019

خوض حرب أميركية مع إيران سيكون أمَّ كل المصائب

 الغد-ماكس بوت* – (الواشنطن بوست) 20/5/2019

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
خلال رعب حديث الحرب مع إيران الذي تصاعد في الأيام الأخيرة -حيث سربت الإدارة الأميركية المناقشات الجارية لنشر 120.000 جندي في المنطقة لمحاربة إيران، وتحدثت عن معلومات استخباراتية تزعم أن إيران كانت تضع صواريخ على قوارب صغيرة من أجل مهاجمة السفن الحربية الأميركية -بدا هذا كله بالنسبة لكثير من الناس شبيهاً تماماً بقصة العراق. وقد عمد الرئيس ترامب إلى تخفيض التوترات مؤقتاً قبل أن يقوم بتصعيدها مرة أخرى بتغريدة أرسلها يوم الأحد، والتي كتب فيها: “إذا كانت إيران تريد القتال، فسيكون هذا هو النهاية الرسمية لإيران. لا تهددوا الولايات المتحدة مرة أخرى!”.
ويبدو أنصار ترامب مولعين بالقتال بالمقدار نفسه؛ فقد حذر السيناتور ماركو روبيو (جمهوري من فلوريدا) من أن “الهجوم = رداً حاسماً”، وقال السناتور توم كوتون (جمهوري من آركنساس) إنه “إذا قامت إيران بشن هجمات عسكرية ضد الولايات المتحدة أو ضد حلفائنا في المنطقة، فإنني سوف أتوقع بالتحديد رداً مدمراً ضد إيران”. ولم يعلق جون بولتون، مستشار الأمن القومي، علناً -فهو يفضل أن يحيك مؤامراته في الخفاء- لكنه لم يتنكر لفكرة مقاله الافتتاحي الذي نشره في صحيفة نيويورك تايمز في العام 2015، وكان عنوانه: “لتوقفوا قنبلة إيران، اقصفوا إيران”.
لكن تبجح المتنمرين هذا يبدو منفصلاً تماماً عن الواقع. وكنت قد قضيت الأسبوع الماضي في دراسة القدرات الإيرانية، ولا أرى بعد هذه المراجعة أي خيار عسكري يمكن اعتباره حاسماً أو منخفض التكلفة. وما أراه، بدلاً من ذلك، هو أم كل المآزق والمستنقعات: صراع من شأنه أن يجعل حرب العراق -التي أشعر الآن بالأسف الشديد الآن على دعمي السابق لها- تبدو وكأنها “نزهة” بالمقارنة.
تستطيع الولايات المتحدة، بالطبع، أن تقصف إيران -على الرغم من أن ذلك لن يكون منخفض المخاطر مثل قصف العراق في العام 2003. فإيران تمتلك أكثر شبكات الدفاع الجوي التي واجهتها الطائرات الأميركية تطوراً -بطاريات S-300 روسية الصنع. كما تستطيع القوات الجوية والقوات البحرية الأميركية أن تفوز بلا شك، لكن ذلك لن يكون سهلاً وقد يؤدي إلى خسارة طيارين وطائرات بعدد أكبر مما اعتدنا سابقاً.
في النهاية، بعد أن يتم تحييد الدفاعات الجوية الإيرانية، سوف تكون الولايات المتحدة قادرة على قصف البنية التحتية العسكرية والاقتصادية لإيران. ولكن لأي غاية؟ في العام 2012، قدرت مجموعة من الدبلوماسيين والجنرالات السابقين أن الغارات الجوية الأميركية يمكن أن تؤخر البرنامج النووي الإيراني “لمدة تصل إلى أربع سنوات”. لكن الاتفاق النووي فعل أفضل من هذا بكثير: فقد فرض قيوداً على البرنامج النووي الإيراني لمدة 15 عاماً، وأدى إلى القضاء على 97 في المائة من المواد الانشطارية التي تمتلكها إيران. وإذا كان الهدف الأميركي هو إيقاف البرنامج النووي الإيراني، فإن على الولايات المتحدة أن تعاود دخول الاتفاق النووي بدلاً من قصف إيران.
لكن إدارة ترامب وضعت أجندة أكثر طموحاً؛ طالب وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إيران بوقف تطوير صواريخها، والتوقف عن تهديد حلفاء الولايات المتحدة، ووقف دعمها للجماعات الوكيلة في جميع أنحاء المنطقة. ومن الصعب أن نرى كيف يمكن أن يفرض القصف وحده الامتثال الإيراني. كانت الولايات المتحدة قد قصفت فيتنام الشمالية وكمبوديا ولاوس لسنوات، وأسقطت عليها من القنابل ثلاثة أضعاف ما أسقطته جميع الدول خلال الحرب العالمية الثانية، لكنها مع ذلك خسرت حرب فيتنام. وعادة ما تكون الهجمات الجوية حاسمة فقط عندما تقترن بهجمات برية.
تفتقر الولايات المتحدة، تفتقر إلى خيار بري واقعي في إيران، الأكبر بكثير من العراق من حيث المساحة والسكان. (يبلغ عدد سكان إيران حوالي 83 مليون نسمة، وتبلغ مساحتها نحو 617.000 ميل مربع؛ وفي المقابل، كان عدد سكان العراق في العام 2003 ما يقرب من 30 مليون شخص، وتبلغ مساحة ذلك البلد نحو 170.000 ميل مربع). وتشير حسابات مكافحة التمرد -القائمة على افتراض تخصيص 20 جندياً لكل 1000 نسمة- إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها كانوا في حاجة إلى وجود حوالي 600.000 جندي في العراق. (لم يكن هناك أكثر من 180.000 في الحقيقة). ووفق هذه الحسابات، سوف تحتاج للسيطرة على إيران إلى نشر أكثر من 1.6 مليون جندي. وهذا العدد يساوي أكثر من ضعف القوة النشطة للمنخرطين في الخدمة الفعلية (656.403) في سلاح مشاة البحرية والجيش الأميركي مجتمعين، وسوف يساعد عدد قليل جداً من حلفاء الولايات المتحدة. ربما تتمكن من إسقاط الحكومة الإيرانية بعدد أقل بكثير من القوات. لكنك إذا غادرت مباشرة بعد ذلك، وهو ما فضل بولتون عمله في العراق، فإن النتيجة ربما تكون إما الفوضى على غرار ليبيا، أو ظهور نظام جديد مناهض لأميركا.
وحتى لو لم أنك لم تضع جندياً أميركياً واحداً على الأرض في إيران وتمسكت ببساطة بخيار الغارات الجوية، فإن الحرب لن تكون تمريناً تطهيرياً يخاض بضغطة زر بالنسبة للولايات المتحدة. وقد أوضح تقرير صدر في العام 2011 عن مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية كيف يمكن لإيران أن ترد باستخدام التكتيكات “غير المتماثلة”.
تستطيع إيران أن تستخدم مزيجاً من صواريخ كروز المضادة للطائرات، والطائرات من دون طيار، والغواصات، والقوارب الصغيرة، والألغام “لإغراق” السفن البحرية الأميركية في مستنقع المياه المحصورة للخليج الفارسي. ويمكن أن تستهدف إيران القواعد الأميركية في المنطقة بترسانتها التي تضم أكثر من 2.000 صاروخ. ويمكن أن تقوم أيضاً بشل شبكات الكمبيوتر الأميركية بواسطة الهجمات الإلكترونية. ويمكنها أن تستخدم حزب الله وجماعات أخرى لشن هجمات إرهابية في الخارج. وقد ترسل ميليشيات محلية مسلحة بالصواريخ والسيارات المفخخة لمهاجمة نحو 19.000 جندي أميركي منتشرين في العراق وسورية وأفغانستان. ويمكن أن تطلب من الحوثيين في اليمن إطلاق وابل صاروخي ضد المملكة العربية السعودية، ويمكن أن تأمر حزب الله بإطلاق 150.000 صاروخ على إسرائيل.
في الرد على ذلك، سوف تقوم الولايات المتحدة بـ… ماذا؟ إطلاق بضعة صواريخ كروز إضافية، وإسقاط المزيد من القنابل؟ من الصعب أن نتخيل أن يطلق -حتى ترامب نفسه- العنان لهولوكوست نووي من أجل “إنهاء” إيران حرفياً.
كان الجنرال ديفيد بترايوس قد قال خلال غزو العراق في العام 2003: “أخبروني كيف ينتهي هذا”. ولم تكن لدى إدارة جورج دبليو بوش أدنى فكرة. وبالمثل، ليس لدى صقور إيران اليوم، داخل وخارج إدارة ترامب، أي فكرة عن كيف يمكن أن تنتهي الحرب مع تلك الدولة. وسيكون الأفضل، في هكذا حالة، عدم المجازفة ببدء حرب من الأساس.
 
*كاتب عمود في صحيفة الواشنطن بوست. كبير زملاء جين كيركباتريك لدراسات الأمن القومي في مجلس العلاقات الخارجية، ومحلل الشؤون العالمية لشبكة سي إن إن. وهو مؤلف كتاب “The Road Not Taken: Edward Lansdale and the Tragedy American in Vietnam”، ومنافس نهائي على جائزة بوليتزر للعام 2019 في السيرة الذاتية.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: A war with Iran would be the mother of all quagmires