Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jan-2019

جلال برجس: «سيدات الحواس الخمس» تنتصر للأنوثة وتُعلي من قيمة المكان
الدستور  - نضال برقان -
يؤكد الروائي والشاعر الأردني أهمية الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، كونها «أعادت شريحة كبيرة من الناس إلى فعل القراءة»، ويرى أن «ليس هنالك من مدينة تقوم وفق معايير المدنية الحقة إن لم تأخذ المرأة فيها حقها، وبالتالي تتحقق المساواة التي ستؤدي بالطبع إلى ما يريده كل إنسان».
«الدستور» التقت الروائي والشاعر جلال برجس، وحاورته حول الرواية، ووصولها للقائمة الطويلة لـ»البوكر العربية»..
* نبدأ من الحدث الأكثر أهمية في المشهد الأدبي العربي، وهو إعلان القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية 2019، التي تضمنت روايتك الثالثة «سيدات الحواس الخمس» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر). كيف تنظر إلى هذا الحدث وما الذي تنتظره منه؟
- القارئ والكاتب على حد سواء يلاحظان أن الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) قد أعادت شريحة كبيرة من الناس إلى فعل القراءة وهذا ما نريده ككتاب؛ إذ نطمح دومًا إلى أن تصل كتبنا لأكبر عدد منهم وهذا ما أنتظره من هذه الجائزة لأقول لقرائي ما أحلم به عبر ما أكتب، ولنتشارك سويًا بتأمل الحياة من زوايا جديدة. هذا من جانب أما من الجانب الآخر فإن الجائزة العالمية للرواية العربية قد فتحت بابًا على الآخر من خلال الترجمة إلى اللغات الأخرى هذا الفعل الذي يؤدي بالطبع إلى إمكانية أن يقرأنا الآخر، فكثير من الروايات التي وصلت القائمة الطويلة والقصيرة وتوجت إحداها ترجم منها الكثير إلى العديد من اللغات، وأخذت دور النشر الغربية تنتبه إلى ما يكتب روائيًا على الصعيد العربي.
 * بالعودة إلى الرواية، فإن لسان حالك فيها، كان يقول: إن المدن لا يمكن أن تتطور من دون نسائها. ترى ما أهمية هذه (الرؤية) بداية؟ وكيف وجدت استقبالها من قبل المجتمعات العربية وهي مجتمعات ذات طابع ذكوري بطبيعة الحال؟
- تأتي أهمية هذه الرؤية من عمق ما  آل إليه حال الإنسان العربي في هذه المرحلة والمرأة ممن تأذوا من مفرزات هذه المرحلة المربكة. فإن كنا نسعى إلى زمن جديد يؤثثه النور لا الظلام علينا أن ننظر عميقًا فيما يحدث. ليس هنالك من مدينة تقوم وفق معايير المدنية الحقة إن لم تأخذ المرأة فيها حقها، وبالتالي تتحقق المساواة التي ستؤدي بالطبع إلى ما يريده كل إنسان. قلت هذا في الرواية وقد وجد استحسانًا كبيرًا، ووجد معارضة أيضًا تنطلق من البعد الذكوري في هذه المسألة، لكن هل نستسلم، بالطبع لا فأنا أحلم ببلاد لا مرجعية فيها إلا الإنسانية والأرض المشتركة التي تضمنا جميعًا.
* جعلت المكان، في «سيدات الحواس الخمس»، واحدا من أبرز عناصر الرواية، فهو ذات شخصية واضحة وأليفة، ونكهة مميزة، الأمر الذي لا نجده في الكثير من السرديات الحديثة. كيف تنظر إلى المكان وأهميته بوصفك روائيا؟
- المكان هو الحضن الذي إن تهشم سيتراجع الدفء، وتضيق نظرتنا لأنفسنا ولما حولنا، فلولا الشجرة هل كان للعصفور أن يستريح من الطيران ويتأمل ما يحدث حوله.  حينما وجدت أن وطني كمكان وحضن أخذت أيادي الفساد والتطرف تمتدان إليه أطلقت صرختي عبر هذه الرواية فوقف غاليري الحواس الخمس بوجه مجموعة سليمان الطالع التجارية، إنه صراع حتمي بين النور والظلام لهذا أذهب دائمًا في ما أكتب روائيًا إلى جعل المكان بطلًا في الرواية لأنه المرتكز الأول ليس فقط في الأعمال الروائية إنما أيضًا في حياتنا التي نكتب منها ولأجلها.
* في رواياتك الثلاث ثمة حكايات، تتداخل وتتقاطع، تتقدم وتتأخر، في رواياتك ثمة حكّـاء أصيل. من أين تأتي بكل تلك الحكايات؟
- لا أدري هل هذا قادم من طبيعة البيئة التي عشت فيها؛ إذ تداخل فيها الريفي بالبدوي ومؤخرًا حياة المدينة، أم من علاقتي العتيقة بجدتي التي وجدت فيها حكاءة بالفطرة. هذا سؤال مربك على أي حال لكنني حينما أقف أمام نبع يتدفق ماؤه من بطن الحجر لا يمكن لشيء أن يسعفني لمعرفة مصدر هذا الماء سوى المخيلة.
* تحمل الرواية دعوة لمواجهة الزائف والمخادع والمراوغ في حياتنا (مجموعة سليمان الطالع)، من خلال انحيازنا لما هو حقيقي وصادق وواضح (غاليري الحواس الخمس)، ما يجسد مواجهة بين ضدين: الخير والشر، النور والظلام، وهي مواجهة محسومة لصالح مالك القوة في النهاية، وهنا نتساءل: ماذا يمكن أن يفعل الإنسان العربي لمواجهة الخراب/الفساد في الراهن والمعيش؟
- ليس هنالك من مواجهة محسومة برأيي، ولو حدث ذلك فعلًا لما بقي الجاني بكل مجازاته حذرًا من انتفاض الضحية في لحظة ما. لهذا صغت مقولة الرواية الرئيسة بكل إيمان بأن الأسئلة لا بد أن تجد إجاباتها ذات يوم. يمثل سراج عز الدين بإدارته لـ (غاليري الحواس الخمس) فعلًا ثقافيًا يواجه (سليمان الطالع) بإدارته لـ(مجموعة سليمان الطالع التجارية). الثقافي الحقيقي، يواجه التجاري الزائف. وهنا تحضر إجابة سؤالك حول جدوى مواجهة الثقافي للفساد بكل ألوانه. فحينما نطرح الأسئلة المقلقة حيال هذا الأمر فأننا نشكل بداية مواجهة حقيقية لهذه المعضلة التي من شأنها أن تهشم البنى الاجتماعية، وتأخذ المستقبل نحو المجهول.