Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Mar-2017

رمزية القيادة في معركة الكرامة - علي سلامة الخالدي
 
الراي - القائد الموهوب يبقى رمزاً خالداً في الذاكرة الوطنية, تتداول الأجيال مداد كلماته التي توازي دماء الشهداء, وخير مثال على ذلك ما قاله الملك الراحل الحسين بن طلال في تحليل معركة الكرامة «في فجر ذلك اليوم مشى الصلف والغرور بألوية من الحديد ومواكب من النار, فكانت الأسود تربض في الجنبات وعلى أكتاف السفوح وفوق القمم, بيدها القليل من السلاح والكثير من العزم والعميق من الإيمان بالله والوطن, وتفجر زئير الأسود في وجه المد الأسود..الله أكبر..»
 
اليوم نقرأ تاريخ قائد سطر ملحمة استعادة الكرامة الوطنية, أشفى صدور الرجال, إنتشل الأمة من مستنقعات اليأس والإحباط, أشعل جمر الأمل من تحت رماد الهزائم, لهذا يؤكد علماء النفس والاجتماع على أهمية دور القائد في تطور الشعوب ونموها وتحقيق أهدافها الحيوية, فهو يلعب دور المحرك الرئيسي للجيش, لما يمتلكه من فن التأثير في المرؤوسين, بحيث يحصل على طاعتهم الراضية وثقتهم الكاملة وتعاونهم المخلص, يوجههم نحو أهداف وطنية عليا, فبقاء القائد مرهون بتحقيق النجاح والنصر عسكرياً وسياسياً واقتصادياً, فالنصر هو نقطة الارتقاء بالجيش ونقطة الالتقاء برضى الشعب وهو المبرر الأخلاقي لاستمرار شرعية حمل الأمانة.
 
رمزية الملك القائد في معركة الكرامة دلالة على كمال العقل والعلم والخلق وحسن العبارة وقوة الحجة والعدل والصدق والأمانة والرحمة, فكسب العقول والقلوب, ليس مستبداً يحكم بالحديد والنار, ولا يترك الحبل على الغارب, بل نهجَ الشوى وحرية الرأي, معتمداً على قدراته الشخصية ومعرفة نظرية وخبرة عملية, أثارت إعجاب الشعب والجيش, استطاع بالقليل من السلاح والكافي من التدريب إذكاء مشاعر النخوة والكرامة والثأر وشحذ الهمم والحماس, فأقبل الجيش على خوض غمار المعركة بقلوب ثابتة وعزم لا يلين, لأن الثأر نقطة دم لا تتعفن ولا تسوس.
 
القائد الذي يتواصل دوماً مع جنوده, قادر على كسب احترامهم, يعرف أنهم يتحلون بصفات البسالة والجلد والصبر والاحتمال والإقدام, يخلق لديهم الرغبة على تقبل الموت التي تأباه النفس البشرية المجبولة على حب الحياة, لكنه دفعهم إلى التضحية بأرواحهم لإنارة طريق أمة تعيش في عصر الانكسار.
 
نحن كمسلمين نؤمن أن النصر والتوفيق والنجاح من الله جل وعلا مع الأخذ بالأسباب, فكان النصر في معركة الكرامة هو النموذج العسكري للنصر الرباني لجيش عظيم من الأسود يقوده ملك بطل, ينحدر من قيادة رمزية ممتدة ذات سلالة طاهرة نقية, تتكئ على شرعية دينية, تتدثر بعباءة نبوية.