ليبيا وتغيير الخريطة*د. عبد الحميد مسلم المجالي
الراي-تدخل ليبيا التي طالت أزمتها مرحلة جديدة بتحرك الجيش الوطني بقيادة الجنرال حفتر الى طرابلس لتطهيرها كما يقول من الجماعات الارهابية.
والجماعات الارهابية التي يتحدث عنها تتألف من بقايا «داعش» و«القاعدة» و«الإخوان» المسلمين وجماعات اخرى متحالفة معها تسيطر على العاصمة.
وكان تحرك الجيش مفاجئاً ولم يكن متوقعا، اذ كان الليبيون ينتظرون عقد مؤتمر عام يوم الرابع عشر من هذا الشهر لوضع خريطة سلام للأزمة، كما اعلن حفتر بعد اجتماع ابوظبي انه سيتم قريبا اعلان حكومة وحدة وطنية لحكم البلاد.
غير انه يبدو ان حفتر تلقى ردودا سلبية من طرابلس حول ذلك. وكان قد خطط للعملية العسكرية في طرابلس منذ وقت وحان تنفيذها.
والجماعات الارهابية التي يتحدث عنها حفتر تمارس مواقف سلبية تقف عائقاً أمام التسوية السياسية. فكلما اتفق السراج رئيس حكومة الوفاق في الخارج على ترتيب سياسي معين، ووجه بفيتو من هذه الميليشيات التي تفشل هذا الترتيب لانه يتعارض مع مصالحها ووجودها. كما انها تسيطر على خزينة الدولة وتنهب منها ما تريد دون محاسبة او رادع. وتتلقى كذلك مساعدات مالية واسلحة من دول خارجية تساعدها على الاستمرار في هذه الممارسات التي تعيق توصل الليبيين الى السلام وانهاء ازمتهم. ويقول الجيش الوطني انه يحقق تقدما على الارض، رغم انه ما زال حول طرابلس ولم يدخلها فعليا. ويبدو ان المعركة ستطول زمنيا، ولكنها ستحدث خسائر كبيرة بين الجانبين. واذا ما نجح حفتر في هزيمة المليشيات وهو المتوقع، فان الاوضاع ستتغير لصالح انفراج سياسي يقلص من الحجم الزمني للازمة، بعد ان ترتفع ايدي الميليشيات عن رقبة السراج ويأخذ حريته في اتخاذ القرار. وهذه واحدة من النتائج الايجابية لما قد يحدث. أما الثانية فستقلص حجم الفساد المالي والاداري وهو ما يعطي الليبيين فرصة اكثر لتحقيق بعض التنمية وتقديم خدمات اكثر حيوية للمواطنين. والثالثة وهي مهمة ايضا فهي تعني طرد او تقليص نفوذ الدول التي تقدم المساعدات لهذه المليشيات مالياً وعسكرياً.
اذن نحن امام تحولات سلبية او ايجابية على الصعيد الليبي، وذلك يعتمد على نتائج العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش الوطني بقيادة حفتر، الذي اعلن ان العملية العسكرية ستستمر الى ان يتم تطهير طرابلس من الميليشيات. وان تم ذلك فان تغييرا في الخريطة الامنية والسياسية سيتم رسمه من جديد، رغم معارضة بعض القوى الكبرى في مجلس الامن والتي تتنافس هي الاخرى على النفوذ في ليبيا.
لقد طالت الازمة في هذا البلد العربي اكثر مما يجب لاسباب داخلية وخارجية، ولابد من اتخاذ قرارات حاسمة تحدث تحولا في اتجاهاتها مهما كانت نتائجها، وهو ما يحدث هذه الايام ودعونا ننتظر النتائج.