Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Nov-2017

وصفي استشهد ولم يمت - د. حسام العتوم

الراي -  كثيرون هم الذين يخلطون بين الاستشهاد والموت، ووصفي التل ونحن نتحدث بتاريخ (28 (تشرين الثاني 2017 عن ذكرى استشهاده، فانه المسؤول والزعيم الوطني الأردني والقومي العربي الذي اختار بمحض إرادته تحمل تبعات ضبط أحداث أيلول (1970 /1971 (خدمة للأردن ودفاعاً عن سياجه، ولم يخش الاغتيال فشكلت الشهادة بالنسبة لدولته طريقاً للمجد، ولم تنه حياته كما خطط المشبوهون في العتمة، ولم يمت كما هي نهاية عمر كل إنسان، وأحب الأردن وقدم حياته من أجله ووضع تاج العرش الملكي في عهد ملكينا الراحل الحسين العظيم على رأسه وجعله بوصلة له، وهدف وعمل على استقرار بلده، وساهم بقوة في إنقاذه، وعشق فلسطين، وكان قد انفرد بالتحذير من ضياعها وسط أنياب المد الصهيوني الإسرائيلي الشرسة، وكان الناصح بعدم دخول معركة خاسرة عام 1967 لتسمى لاحقاً بالنكسة الثانية بعد نكبة 1948 الأولى، وفي القاهرة ذهب ليدرس مع العرب أنجع الطرق لتحرير فلسطين بعدما فرض واقع المعركة خسرانة الرهان على القبول بنصيحته عدم خوضها. ومن لا يعرف معنى النصر الأردني في معركة الكرامة البطلة عام 1968 التي قادتها القوات المسلحة الأردنية الباسلة – الجيش العربي – بقيادة الحسين الراحل بالتعاون وميدانياً بقيادة الجنرال مشهور حديثة الجازي البطل، فإنها هدفت للدفاع عن أخوتنا غربي النهر وعن سلاح مقاومتهم، ولم تفرق وقتها (إسرائيل) بكامل كيانها وقتها بين كل ما هو فلسطيني وأردني، وكنا وسنبقى نعتبر أهلنا في فلسطين أهل لنا أعزاء، وبأن عدونا جميعاً هي الصهيونية والدول الاستعمارية المشابهة، ومع هذا وذاك لا نتفق مع إسرائيل هذه التي ترقد على أرض فلسطين العرب بصورة غير شرعية مرفوضة وتنادينا وتشجعنا على مواجهة إيران من طرف واحد، بينما هي ترفض مبادرة العرب للسلام التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية عبداالله بن عبدالعزيز عام 2002 في بيروت.

 
ولقد قبل مشهور حديثة الجازي بنصر الكرامة واعتذر عن دخول أيلول لقناعته بأن الخندق الأردني الفلسطيني الواحد يجب أن لا ينقسم، ولو قبل بدور الدرع الواقي الذي اختطه وصفي لتبدلت الأسماء ولأصبح هو شهيداً بدلاً من وصفي، فلكل زعيم وطني منهما مدرسة وطنية منفردة يحترم عليها.
 
ومن وسط أيلول المشؤوم وحتى لا نذهب بعيداً عدنا للوحدة الوطنية المقدسة، ولا زلنا نتمسك بأوتادها ونشرب من مياه نهرها، ونتفيأ تحت ظلالها، وهو المشروع الذي رسمت ملامحه عشائرنا الأردنية والفلسطينية عام 1950 ،واتخذ الطابع الشعبي في عمان وأريحا، وهدف لتمتين الخندق الواحد وصولاً لوحدة عربية تنطلق من نهر الأردن الخالد صوب المحيط العربي وخليجه، وكما أراد ذلك تماماً شريف العرب وملكهم الحسين بن علي بعلم واحد، وعملة واحدة، وجيش واحد، وجواز السفر الواحد، والمصالح الواحدة، المشتركة (كتاب الحركة العربية، سليمان الموسى، ص695.( فلماذا نحب وصفي، ولا زلنا نزور دارته في كل مناسبة سنوية بذكرى استشهاده وكأنه اغتيل أمس رغم مرور (47 (عاماً على رحيله؟ ولا زال الكثيرون منا يعتبرونه رئيس وزرائهم الذي لم يخل كرسيه بعد؟ لقد اشتهر وصفي التل بنظافة اليد والضرب بيد من حديد على الفساد والمحسوبية، ولأنه قبل التحدي ليس بما يتعلق بأيلول الغازي لأردننا من الخارج ورفع شعار (التحرير من خلال عمان) فقط، ولكن بوجه كل من ساند الفوضى لتنتشر وسط ديرتنا الأردنية فجاءت مقولته وقتها (لحّد وأنا أخو عليا – كتاب وصفي التل – أخو عليا – مالك سويدان، ص19.( ولمن لا يعرف وصفي، أنا شخصياً شاهدته عندما كنت شاباً صغيراً بعد زيارته لبلدتي (سوف) غرب جرش حيث حل ضيفاً على المرحوم حسن الكايد وزير الداخلية الأسبق في قصر والده علي باشا الكايد، ولاحظت وقتها حجم شعبيته وسط جمهورنا وقوة تصفيقهم لقدومه. ولقد كان مؤسساً لمسيرة الثقافة والإعلام في الأردن، فوقف وراء إنشاء مكتبة أمانة عمان، وكان مذيعاً، وكان مراقباً عاماً للمطبوعات والنشر، وساهم مباشرة في دمج الصحف الأردنية بكامل عمقها الفلسطيني مثل فلسطين والمنار وأنتج منهما الدستور بعمان، ودمج جريدتي الجهاد والدفاع لإظهار جريدة القدس، وساند بقوة صدور جريدة الرأي الأردنية الغراء عام 1971 وأراد لها أن تدافع عن الأردن كما الجيش. وترك للأجيال الصاعدة من بعده كتابه (فلسطين، ودور العقل والخلق في معركة التحرير). رحم االله وصفي والجنة مثواه..