Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Dec-2021

مكتب المستقبل

 الغد-ترجمة: علاء الدين أيو زينة

 
تقرير خاص – (الإيكونوميست) 4/12/2021
 
مقصورات المكاتب إلى الخارج. الحانات، والأحياء، وأجهزة الاستشعار إلى الداخل.
* * *
كان المكتب مكانًا يذهب إليه الناس لأنهم مضطرون إلى ذلك. كانت الاجتماعات تتم في غرف الاجتماعات وجاهياً، بالحضور الشخصي. واحتلت المكاتب الجزء الأكبر من المساحة. لكن مملكة “ديلبرت” و”ديفيد برنت” (1) أصبحت مهددة الآن. فقد جعل الوباء المكتب عرضة للمنافسة من العمل عن بعد، وأثار مجموعة من الأسئلة حول الكيفية التي ينبغي تصميمه بها في المستقبل.
ولنبدأ بما وُجد المكتب لأجله. في الماضي كان المكتب مكانًا يتواجد فيه الموظفون لينجزوا فيه أعمالهم، مهما كان الشكل الذي يتخذه. والآن، شرعت مفاهيم أخرى لدور المكتب في التزاحم على جذب الاهتمام. البعض يفكرون في المكتب على أنه موقع العمل الخارجي الجديد. والغرض منه هو جمع الناس وجاهياً حتى يتمكنوا من القيام بالأشياء التي يجعل منها العمل عن بُعد أكثر صعوبة: إقامة علاقات أعمق، أو التعاون في الوقت الفعلي في مشاريع محددة. ويتحدث آخرون عن المكتب كوجهة، كمكان ينبغي أن يجعل فكرة النهوض من السرير مبكرًا، للاختلاط بأشخاص قد يكونون مصابين بفيروس “كوفيد -19″، تبدو جذابة.
بعبارات أخرى، أصبح التصميم المخصص إلى حد كبير للأشخاص الذين يعملون في مكاتب متصلة متجاورة مع نفس الزملاء كل يوم يبدو وكأنه ينتمي جداً إلى شخصية العام 2019. والآن، مع حضور عدد أقل من الأشخاص وزيادة التركيز على التعاون، سيتم تخصيص عدد أقل من المكاتب للأفراد. وستكون هناك، بدلاً منها، المزيد من المناطق المشتركة، أو “الأحياء”، حيث يمكن للأفراد في الفريق العمل معًا بمرونة. (سوف يتطلب وجود المزيد من المكاتب المشتركة، حيث يتم تخصيص مكاتب للعمال عندما يكونون مطلوبين أو في نظام مناوبات بدلاً من إعطاء كل عامل مكتبه الخاص، مساحة تخزين للممتلكات الشخصية: قد تعود خزائن الأغراض الشخصية قريبًا إلى حياتك).
لجَسر الفجوات بين الفِرق، يتمثل أحد التكتيكات في تخصيص المزيد من مساحة المكتب لعرض عمل كل قسم، بحيث يمكن للأشخاص الذين لم يلتقوا على “زووم” رؤية أمثلة لما يفعله زملاؤهم. وثمة خيار آخر هو إغداق المشروبات على الجميع. ولك أن تتوقع تخصيص مساحة أكبر للتواصل الاجتماعي والمناسبات. ويبدو أن الحانات في المكاتب ستكون شيئًا جديداً. وتقول روبن كلير آفيا من شركة “غينسلر”، وهي شركة معمارية، إنها ترى الكثير من الطلبات للحصول على أماكن مثل القاعات الكبيرة، حيث يمكن لعملاء الشركات الحصول على “خبرات”.
ويجب أن تسمح تصاميم “مكتب- ما- بعد- كوفيد” أيضًا بالعمل المهجّن. يجب أن تعمل الاجتماعات مع المشاركين الافتراضيين مثل ما تفعل مع المشاركين بالحضور الشخصي: سوف تنتشر الكاميرات والشاشات والميكروفونات. وتتميز مكاتب “غينسلر” في نيويورك بوجود غرف اجتماعات صغيرة فيها شاشة عرض، ونصف طاولة تبرز من الحائط تحتها، مع مقاعد تتسع لأربعة أو خمسة أشخاص مرتبة بحيث يواجهون الشاشة، وليس بعضهم بعضا.
وسيكون التنويع ثيمة أخرى أيضاً. قد يخطط الناس للعمل في مجموعات في الصباح، لكنهم بحاجة إلى التركيز على شيء ما في فترة ما بعد الظهر. ويشبِّه رايان أندرسون، من شركة أثاث “هيرمان ميلر”، الفرق بين مكتب ما قبل الجائحة ومكتب ما بعدها بالفرق بين الفندق والمنزل. الفندق يتكون إلى حد كبير من غرف مخصصة للأفراد، بينما “يتم التفكير في المنزل على أنه مكان للأسرة على مدار سنوات، والذي يستضيف الكثير من الأنشطة المختلفة”.
كل هذا يعني الحاجة إلى المرونة. وتشكل محطات وصل الكمبيوتر المحمول إضافات بسيطة، لكنّ إصلاح أجزاء أخرى من أثاث المكاتب سيكون أكثر صعوبة. في الأصل، تميل المكاتب نفسها إلى أن تكون مقيدة بالأرضية بواسطة حزم معقودة من الكابلات والمقابس. وقد يحتوي مكتب المستقبل على مكاتب ذات عجلات، والتي يجب أن تتناسب مع كل تلك المشروبات الإضافية. ومن المرجح أن تكون غرف الاجتماعات أكثر مرونة أيضًا، بجدران يمكن أن ترتفع أو تنزلق.
إذا كان التواصل الاجتماعي والمرونة ثيمتين من ثيمات مكتب ما بعد الجائحة، فإن هناك ثيمة ثالثة هي البيانات. سوف يحتاج مديرو العقار والموارد البشرية على حد سواء إلى مزيد من البيانات لفهم كيفية استخدام المرافق، وفي أي أيام وأوقات يتجمع الأشخاص في المكتب. وسيطالب العمال بمزيد من البيانات حول المخاطر الصحية: جودة التهوية داخل غرف الاجتماعات، على سبيل المثال، أو التتبع المناسب للمخالطين إذا كان أحد الزملاء مصابًا بأحدث متحوِّر من “كوفيد – 19″.
وسوف تتدفق البيانات بكثرة استجابةً لذلك: من أجهزة الاستشعار والإضاءة في المكاتب، ولكن أيضًا من أدوات حجز المكاتب وتطبيقات إدارة الزوار. ويبدو أن مسألة من يملك البيانات عن شاغلي المكتب وما آليات الموافقة اللازمة لجمع هذه المعلومات على وشك أن تصبح أكثر إلحاحًا.
ضع كل هذا معًا، وعلى ماذا ستحصل؟ إذا كنت متفائلًا، فسيكون مكتب المستقبل عبارة عن بيئة فسيحة وتعاونية تجعل التنقل إليه يستحق العناء. وإذا كنت متشائمًا، فسيكون مبنى مليئًا بالسكارى الخاضعين لمراقبة شديدة. وفي الواقع، ستحدد الاعتبارات العملية -مقدار الوقت المتبقي في عقد الإيجار، والقيود المادية لتخطيط المبنى المعيّن، وعدم اليقين بشأن مسار الوباء- وتيرة التغيير. ومهما يكن ما يحدث، فإن المكتب لن يكون ما كان عليه.
 
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The office of the future
هامش المترجم:
(1) ديلبرت Dilbert هي سلسلة كتب مصورة كوميدية أميركية كتبها ورسمها سكوت آدامز، نشرت لأول مرة في العام 1989. وهي معروفة بروح الدعابة الساخرة في مكتب صغير لموظفين يديره بشكل دقيق المهندس ديلبرت، الذي يمثل الشخصية الرئيسية. و”ديفيد برنت” David Brent هو شخصية خيالية في مسلسل “المكتب” The Office التليفزيوني على شاشة “بي بي سي”. وبرنت هو مدير متوسط في مكتب لموظفين والشخصية الرئيسية في السلسلة، وهو رئيس معظم الشخصيات الأخرى في السلسلة. يركز جزء كبير من كوميديا المسلسل على خصوصيات برنت العديدة، ونفاقه وأوهامه الذاتية والترويج الذاتي العلني.