Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Mar-2017

الأزمة السورية تدخل عامها السابع: تسوية متعثرة ومعاناة إنسانية
 
عمان-الغد- دلف الصراع على سورية، أمس، عامه السابع، بينما لا ينبئ تداعي الاحداث أن الصراع أبعد ما يكون عن النهاية، خصوصا مع انقسام البلاد إلى مجموعة من الجيوب يحكمها أمراء حرب، وإن اصبحت للحكومة اليد العليا في ساحة القتال.
قلة من المراقبين ترى إمكانية لانتهاء الصراع قريبا، إذ لا أحد تقريبا يعتقد أن بوسع الرئيس بشار الأسد استعادة السيطرة على البلاد بأكملها، فضلا عن أنه لا أحد يتوقع التوصل لاتفاق سلام، بينما يبدو العنصر الاهم هو أن كل الأطراف الخارجية تأقلمت مع بقاء الرئيس السوري.
وفي افضل فرضياتهم، يتوقع مراقبون أن تخضع للمراقبة لفترة طويلة من الوقت، في مساحة كبيرة من الأراضي السورية التي ستقسم فعليا بين القوى المتناحرة.
وخلال مفاوضات متقطعة دارت على مدى خمس سنوات، بين الحكومة والمجموعات السياسية والمسلحة تحت رعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والآن برعاية روسيا وتركيا، كان "رحيل" الرئيس بشار الأسد هو النقطة الشائكة، أما الآن فقد أصبحت نقطة البداية هي بقاء الأسد، حسب مراقبين.
ويقول روبرت فورد السفير الأميركي السابق لدى دمشق، الذي استقال احتجاجا على "تردد" الرئيس السابق باراك أوباما في الشأن السوري وما يزال على اتصال بكثير من أطراف الصراع "علينا أن نكون واقعيين فهو لن يرحل"، مضيفا أنه "بعد حلب لا توجد أي فرصة فهذه هي نتيجة الانتصار العسكري الذي حققه."
وبعد اندلاع الأحداث في سورية، تنبأ زعماء غربيون من بينهم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بأن الرئيس بشار الأسد سيسقط بسرعة، بيد أن الرئيس السوري استمر في موقعه بفضل التفاف القوة الضاربة من الجيش والقوى الأمنية ونسبة كبيرة من السكان في دمشق وسواها من المدن، إضافة إلى الدعم الذي تلقاه من إيران وحزب الله اللبناني، وقاتل المجموعات المسلحة التي وجدت تمويلا اقليميا ليصل الوضع إلى طريق مسدود.
وقبل عام ونصف العام، شاركت روسيا في الحرب إلى جانب الجيش السوري لتتحول كفة الميزان إلى صالحه. إذ سقط في الحرب نحو 350 ألف قتيل، وأدت إلى نزوح نصف السكان عن ديارهم؛ ما وصف بأسوأ أزمة لاجئين في العالم وبلغت مستويات جديدة في الوحشية.
وساندت معظم القوى الكبرى في العالم والدول الإقليمية، قوات تعمل لحسابها في صراع معقد متعدد الأطراف، انقسمت فيه المجموعات السياسية والمسلحة بين معارضة وطنية ومعارضة دينية، تتمثل في التيار السلفي ثم انقسم كل معسكر إلى جماعات أخرى.
وازدحمت ساحة المعركة بالأطراف الدولية متمثلة في روسيا وإيران والولايات المتحدة وتركيا، وظل الرئيس بشار الأسد في موقعه يردد أنه سيستعيد كل شبر في بلاده التي حل بها دمار واسع.
ومنذ دخلت روسيا طرفا في المشهد السوري قبل 18 شهرا، تمكن الجيش السوري بدعم من إيران وحزب الله ليصبح في وضع قوي عسكري، الأمر الذي انعكس في استعادته السيطرة في كانون الأول(ديسمبر) الماضي على كامل مدينة حلب أكبر المعاقل الحضرية للمجموعات المسلحة، وبذا اصبحت حلب نقطة تحول كبرى في الصراع وحصرت المجموعات المسلحة في إدلب تقاتل جماعاتها بعضها بعضا.
ولا يتوقع آندرو تيبلر، المتخصص في الشأن السوري بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن يضغط أحد على الرئيس بشار الأسد لاسيما حلفاؤه في روسيا وإيران لترك الرئاسة، لكنه يتصور ما قد يكون بديلا لتغيير النظام.
ويقول آندرو "لا أتوقع أن تطلب منه روسيا أو إيران أن يتنحى، لكن علينا أن نتأهب لاحتمال أن يتعرض الأسد في هذا المناخ المتقلب للاغتيال، بسبب كونه هو شخصيا حائلا أمام التسوية."
وقال الرئيس السوري في مقابلة عما إذا كان فكر في الرحيل عن سورية، فرد بالنفي قائلا إنه "بعد ست سنوات مررت بأصعب الأوقات وكانت في 2012-2013 لم أفكر في الرحيل بتلك الفترة، فكيف يفكر فيه الآن".
ويرى السفير السابق فورد، الذي كان يتوقع حتمية انتهاء حكم الرئيس السوري، أن نقطة الضعف في وضعه الحالي الذي يبدو حصينا تتمثل في أن "خصومه لن يقبلوا قط استمرار حكمه".
وفي مقابل كل ذلك، يظهر ما يبدو أنه إجماع دولي جديد يساند الجيش السوري، متمثلا في الأحداث الجارية حول مدينة منبج الشمالية. فهذه المدينة انتزعها من أيدي تنظيم داعش في العام الماضي، مقاتلون أكراد تدعمهم ضربات جوية أميركية، وشكل الأكراد الجانب الأكبر من قوات سورية الديمقراطية، التي تحظى بدعم من الولايات المتحدة وتضم وحدات حماية الشعب التي تربطها صلات بحزب العمال الكردستاني.
ودفعت تركيا التي تقاتل حزب العمال منذ أكثر من 30 عاما، بقواتها إلى المنطقة في آب (أغسطس) إلى جانب ميليشيا "الجيش السوري الحر" الذي دعمته في مواجهة الجيش السوري.
وكان هدفها(تركيا) المعلن هو تطهير المنطقة الحدودية من مقاتلي تنظيم داعش، ومنع تحقيق وحدات حماية الشعب مكاسب على الأرض وهو الهدف الأهم بالنسبة لها.
وبدورها دعمت روسيا الجيش السوري في التحرك باتجاه منبج الملاصقة لأراضي وحدات حماية الشعب، غير أن الولايات المتحدة أرسلت وحدة مدرعة صغيرة للفصل بين حلفائها من الأتراك والأكراد، وهو ما يعني في واقع الأمر الإقرار بتحرك القوات السورية صوب منبج.
ويظهر ذلك كيف تنجر بعض القوى الدولية الرئيسة في سورية، مثل: روسيا والولايات المتحدة وتركيا عضو حلف شمال الأطلسي، إلى وضع غير مريح تقف فيه صفا واحدا رغم التنافس الشديد فيما بينها، واختلافها على كيفية تسوية الحرب السورية.
ويقول مراقبون للوضع في سورية، إن وقف إطلاق النار الحالي غير المستقر الذي توصلت إليه روسيا وتركيا قد يتعزز لكنهم يعتقدون أن الرئيس السوري سيتحرك في نهاية الأمر للقضاء على المجموعات المسلحة التي دفعت للتركز في ريف إدلب. وقال روبرت فورد السفير الأميركي السابق لدى دمشق، بعد أن أجرى مناقشات أخيرا مع خبراء روس مطلعين على سياسة موسكو، إنهم "يعتقدون أن الجيش السوري مرهق، وإنه سيكون من الصعب على الأسد استعادة السيطرة على بلاده بأكملها.
وأضاف أنه "لا بد من حدوث تحول عن المركزية وهذا وارد بالطبع في مقترح الدستور الذي طرحه الروس، إذ إنه لا يمكن للأسد حتى أن يأمل في إدارة سورية بقبضة السيطرة المركزية الحديدية التي كان يديرها بها في وقت من الأوقات، غير أن الأسد رفض هذا المقترح".
وفي ظل هذا تصبح النتيجة المرجحة هي استمرار التقسيم الفعلي لسورية حتى إذا استمر هو في تحقيق مكاسب إضافية.
ورأى فورد، أن "السبيل الوحيد لتفادي التقسيم دون إبرام اتفاق سلام، هو أن تستعيد الحكومة السورية البلاد كلها وهذا قد يستغرق سنوات."
ورغم أن الحدود غير مستقرة فسيحتفظ الأسد وحلفاؤه -على الأرجح- بالسيطرة على حلب في الشمال حتى درعا في الجنوب، بما في ذلك المنطقة الساحلية والعاصمة دمشق، ومن غير المرجح أن يعود الكثير من الملايين التي فرت من تلك المناطق، إليها قريبا.
وتحتفظ تركيا وقوات درع الفرات بجيب في أقصى الشمال، بينما تحتفظ المعارضة المتحالفة معها بجيب كبير في إدلب إلى الغرب من حلب، وتسيطر وحدات حماية الشعب الكردية السورية على إقليمين في الشمال الشرقي وعفرين في الشمال الغربي.
ويزيد من هذا الوضع غير المستقر اعتماد الولايات المتحدة على وحدات حماية الشعب الكردية في الحملة، التي بدأت تتكشف فصولها لاستعادة الرقة المعقل الرئيس لتنظيم داعش في شمال شرق سورية. وقال مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس، إن "قوى كانت تطالب بإسقاط الأسد، تزداد تقبلا لفكرة استمرار حكمه ولو بشكل ضمني". غير أن لانديس، يرى أنه "حتى إذا كانت الولايات المتحدة وروسيا وجيران سورية، يقبلون بقاء الأسد في جزء من سورية، فليس معنى ذلك أنهم سيحتضنونه أو يسددون فاتورة إعمار سورية"، لافتا إلى أن "العالم الغربي كله يكره بشار الأسد وسيضغط عليه اقتصاديا، حتى يصبح مثلما كان العراق في عهد صدام حسين."-(وكالات)