Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Dec-2017

حتى لا نقع في فخ جديد في قضية القدس - بلال حسن التل

 الراي - حذرت في المقال السابق, من الوقوع في فخ صهيوني جديد, يلهينا عن جوهر قضية القدس, فيصبح هدفنا هو القرار الأرعن, للرئيس الأمريكي ترمب, بنقل السفارة الأميركية إلى القدس باعتبارها عاصمة إسرائيل الموحدة والأبدية, فنحصر جهدنا بإلغاء القرار أو تجميده, كما هي عادة الرؤساء الأميركيين في تأجيل تنفيذ القرار منذ أن اتخذه الكونغرس الأمريكي قبل عقدين ونيف من الزمان, وهذا فخ يجب أن ننتبه جيدا من الوقوع فيه, بعد أن أجادت الحركة الصهيونية وحلفاؤها نصب هذا النوع من الأفخاخ, التي ساعد وقوعنا فيها الصهاينة على تحقيق أهدافهم بالتدرج وبأسلوب القضم.

فكما قلنا في المقال السابق: فإن جوهر قضية القدس ليس في الصفة السياسية التي يريد المحتل وداعموه صبغ القدس بها, لكن جوهر القضية هو في احتلال فلسطين, فهذا هو أصل المشكلة التي سعى الصهاينة إلى إلهائنا عنه, عبر مراحل صراعنا معهم حول فلسطين, فقد قبلنا ابتداءً بالنقاش حول وعد بلفور, وهو النقاش الذي أدى إلى تركيز جهد عربي كبير لاستثناء مساحات من الأرض العربية من الوعد, بدلاً من الإصرار على رفضه ومقاومته بكل السبل الممكنة, وفي ظل النقاش حول وعد بلفور تعاظمت الهجرة الصهيونية إلى فلسطين, وكان هذا هو الفخ الأول.
 
وبعد وعد بلفور وقبل نكبة أيار عام 1948 وقعنا أكثر من مرة في الفخاخ الصهيونية, عندما وافقنا على إيقاف ثورات الشعب الفلسطيني خاصة ثورة 1936 ,وتوهمنا أن الدخول في مفاوضات مع الصهانية ورعاتهم سيحقق لنا مكاسب, وفي الحالتين أعني وعد بلفور وإيقاف الثورات نسينا أن هدف الصهاينة احتلال فلسطين, بينما صار هدفنا إيقاف الهجرة أوتقنينها وليس منع وقوع الاحتلال.
 
وبعد أن تعاظم دور الأمم المتحدة في قضية فلسطين, وصارت هي قناع وسلاح الحركة الصهيونية ورعاتها, لتحقيق هدفهم في تحقيق وعد بلفور, وقعنا في سلسلة من الأفخاخ ذات الطابع الدولي, وأول هذه الأفخاخ الاعتقاد الزائف بأن المجتمع الدولي سيخوض معركتنا ويحفظ حقوقنا, وقد فاتنا أن لا أحد يخوض حرب غيره, وقد رأينا كيف أن المجتمع الدولي غالباً ما ينحاز إلى الباطل, وإلى من يصنع الحقائق على الأرض بالقوة, وتاريخ صراعنا مع العدو الصهيوني أكبر برهان على ذلك, وأن كل ما تفعله بعض مكونات المجتمع الدولي هي بيان استنكار لفعلة المجرم, وتعاطف مع الضحية, يليه تعامل مع المجرم بحكم المصالح, لذلك فإن من المهم عدم الوقوع في فخ الاعتماد على المجتمع الدولي لإنقاذ القدس, وإحقاق الحق, فتجربتنا مع هذا المجتمع طويلة ومريرة, إليكم بعض محطاتها من فلسطين بالذات:
أليس المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة هو من أصدر قرار تقسيم فلسطين, أي أنه أعطى صفة دولية لوعد بلفور, فأقر مبدأ قسمة الحق بين اللص وصاحب الحق, وعندما لم يكتف اللص بما قُسم له لم يستطع المجتمع الدولي أن يفعل له شيئاً ليردعه, بينما وقعنا نحن في الفخ فصرنا نطالب بالتقسيم ونسينا أصل القضية وهو الاحتلال, وكان هذا أول تسليمنا بالهزيمة.
 
وفي أثناء حرب 1948 تدخل المجتمع الدولي, وفرض الهدنة الأولى التي كشفت الأيام فيما بعد أنها فرضت لإنقاذ العصابات الصهيونية, وسقطنا نحن مرة أخرى في الفخ فصارت القضية عندنا بعد الهدنة الثانية الدفاع عن الهدنة, واتهام المحتل باختراقها, ونسينا أن وجود المحتل هو أصل المشكلة.
 
وبعد نكبة 1967 صار الهدف التفاوض على ما احُتل في حزيران, والعودة إلى خطوط الرابع من حزيران, وكأننا سلمنا للمحتل والغاصب بما احتله سابقاً, وهذا واحد من أخطر الأفخاخ التي وقعنا بها, والتي نجم عنها سقوطنا بالكثير من الأفخاخ, فبعد أن اقتصرنا التفاوض على ما احتل من أرضنا عام 1967 ,صرنا نفاوض على وقف الاستيطان وهذا فخ آخر من فخاخ الصهاينة.
 
الفخ الأكثر خطورة, والذي وقعنا به, فأوصلنا إلى القاع, هو فخ المفاوضات المباشرة والتي دخلنا بها مع العدو الإسرائيلي, خاصة في «طبعة» أوسلو, فبعدما كان العدو الصهيوني يتوسل الاعتراف به, أعطيناه هذا الاعتراف مجاناً, وأجلنا قضية القدس واللاجئين والحدود والمياه إلى مفاوضات الوضع النهائي, التي لم تأت ولن تأتي, فمقابل ماذا إذن اعترف المفاوضون في أوسلو بإسرائيل نيابة عن أبناء فلسطين, ومن خلفهم كل أبناء الأمة؟ ونتيجة لهذا الفخ صار همنا أن يستأنف المحتل المفاوضات معنا, ونسينا أن أصل المشكلة هو وجود هذا المحتل وأن الحل يكمن في زوال هذا المحتل, الذي كان قبل أوسلو يتوسل أن نعترف به. ما تقدم كله وغيره يجب أن ينبهنا إلى خطورة عدم الوقوع في فخ جديد في قضية القدس, وقرار الرئيس الأميركي بنقل سفارته إليها, فنزيد ابتعاداً عن جوهر قضية