Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Jun-2020

قصتان قصيرتان

 الدستور-محمد عارف مشّة

 
 ظلان ملتصقان
 
لا رغبة له بالكلام. لا رغبة له بالصمت. لا رغبة له في فعل أي شيء. حالة تنتابه كثيرا ولا يجد لها تفسيرا. ينثر الرجل الأوراق التي أمامه فتتطاير في الهواء بحركات بلهاء يضحك لها الرجل وهو يقضم أظافر يده اليمنى بأسنانه. ينظر للمرآة التي أمامه فينفجر ضاحكا على هيئته حتى سقط على ظهره من كثرة الضحك. نظر جواره فوجد الحذاء. صوّب الحذاء باتجاه المرآة وقذف به فانهارت المرآة شظايا. ازدادت ضحكاته بعدد شظايا جسمه المنثور من المرآة.
 
تفقّد الرجل أنفه فوجده مازال في مكانه. تفقد أذنه فلم يجدها. ذعر قليلا وهمس لا بأس فلي أذن أخرى. تفقّد الأذن الثانية، فلم تعثر يده على أذنه. نظر إلى يده فوجدها لا تشبه يده. ندم لأنه هشّم المرآة إلى شظايا ولم يتأكد أهو وجهه الحقيقي أم وجه شخص يشبهه. صرخ بأعلى صوته مذعورا فجاءت زوجته. نظر صوبها فلم يجد لها ملامح يعرفها. نظرت نحوه، خرجت من الغرفة مذعورة وسأله زعيقه: من أنتِ؟
 
نظرت له بخوف وذعر طفلة وقالت ثانية: من أنتَ؟
 
أجاب بدهشة رجل عجوز متسائلا: أنا؟
 
نعم أنت. قالت هي
 
ضحك حتى دمعت عيناه ثم أجاب: لا أعرف
 
من أنت؟ سألها
 
لا أعرف. أجابت
 
كبرت الدهشة في عيني الرجل فاتجه إلى المطبخ وعاد يحمل سكينا. أخرج لسانه من فمه وقال ألآن عرفت من أنا.
 
سال الدم وامتلأت الغرفة بدم غامق. نظر نحو زوجته فوجدها لا تشبه زوجته. نظرت الزوجة فوجدته يشبه ماعزا توشك على الذبح. انفجرت ضحكة على فم الرجل قنبلة. انفجرت في عين المرأة غيمة حزن... ومازالت الغيمة ترسم على الجدار ظلّين ملتصقين.
 
 جداران
 
البرد شديد. الشارع شديد الظلمة. لا أحد في الشارع سواي وظلي الذي يطاردني. خوف ما يتسلل فيّ. شيء ما أجهله. تتسارع خطاي. يزداد لهاثي المحموم رعبا. التفت خلفي ولا شيء سوى الظلام. أنظر عن يميني ويساري مذعورا ولا أجد غيري. أدندن ببعض كلمات أغنية بالكاد أحفظها فتفتقدها ذاكرتي المثقوبة. أردد بعض أبيات من الشعر كنت أحفظها فلا أجدها. أستذكر بعض آيات المعوذات. الرعب يلفني والمكان. لا شيء. لا أحد، الظل يطاردني. يندلق رعبي من أصابع قدمي المرتجفتين.
 
أسرع الخطى علني أصل شارعا فيه بعض الضوء. تخذلني قدماي. تخذلني عيناي. عيناي مغمضتان. فمي مطبق كما الخوف الجاثم فوق صدري. أخاف من فأر مذعور يهرب من بين قدمي ولا يخرج صراخي.
 
يصلني الجدار. يرتطم بي. يصرخ الجدار متألما. يسيل الدم من رأسي. يسير الجدار أمامي. أًتبعه. يرتطم رأسي بجدار آخر معلق فوق عدة جدران. ولا أستيقظ..