Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Dec-2017

عقيدة الهيكل وراء قرار أميركا بخصوص القدس المحتلة - عماد مكي

 الراي - قرار يوم 12/6 لترمب هو قرار عقائدي وديني لا سياسي وهو يخدم فئتين شديدتي التدين في أميركا والعالم. أولهما هو جزء كبير من جمهور اليهود المتشددين خصوصا في دولة الاحتلال الإسرائيلي وثانيهما وهو الأكبر عددا هو جمهور الانجيليين الأميركيين في أوساط البيض في أميركا، والذين لهم بعض الوجود الضعيف في دول عربية مثل مصر. يعتقد الإنجيليون الاميركيون، وهم كتلة كبيرة صلبة داعمة لترمب في كل خطواته، ان بسط السيادة اليهودية (وليست الإسرائيلية) تمثل اول خطوة حقيقية تجاه عودة المسيح ونهاية العالم وفق اعتقادهم السائد.

ثاني تلك الخطوات هي هدم المباني الاخرى غير المعبد اوهيكل سليمان وثالثها إعادة بناء الهيكل، وفق عقيدتهم. تتبع ذلك خطوة اهم وهي مرحلة الحروب الضارية والمواجهات التي تعرف لديهم باسم «ارماجدون» او حروب نهاية العالم والتي ستنتهي بعودة المسيح وانتشار المسيحية الإنجيلية في الأرض وتحول الناس للمسيحية — بما فيهم اليهود انفسهم — وانتهاء الدولة اليهودية واستبدالها بأخرى مسيحية خالصة. وبحسب تلك الكتلة الضخمة التي تتركز في الجنوب ووسط أميركا–لكن لها تواجد مؤثر في كل الولايات–فان ما يقوم به ترمب ما هو الا تحقيق – نصا – ل»عودة المملكة» ونبوءة نهاية العالم» وان من لا يؤمن بهذه النبوءة فانه لن يكون له «مخلص».
 
وحتى كتابة هذه السطور يقوم هؤلاء الإنجيليون بدعوة غيرهم من الاميركان الى «الخلاص» قائلين ان هذا وقت خلاص ارواحهم بالايمان بهذه النبوءة. ويذهب الكثير منهم لخلط الأمور فيؤكد الان في احاديثه في أميركا ان نهاية العالم تبدأ بالتسليم العالمي – بما فيه من بعض المسلمين والعرب– بان القدس المحتلة ما هي الا عاصمة دولة الاحتلال الصهيوني.
 
ودلائل البعد العقائدي الذي يختار العرب والمسلمون في المنطقة العربية تجاهله متعددة ومتواترة. فكبير مراسلي «شبكة البث المسيحي»، وهي شبكة تليفزيونية وإعلامية أميركية رائجة، ديفيد برودي قال بعد قرار ترمب :«لقد وفى ترمب بوعوده للإنجيليين مرة بعد مرة. وبوفائه بوعده لهم بخصوص القدس يصبح ترمب الرئيس الاكثر قربا من الإنجيليين على الاطلاق في التاريخ». وتقول الكاتبة والمؤلفة الاميركية ديانا باتل باس المتخصصة في دراسة الأصولية المسيحية وأيدلوجية نهاية العالم في الكنائس الإنجيلية البيضاء :-»لعقود كان يتوق المتدينون الإنجيليون لهذا الإقرار.
 
فهم يعتقدون انه مهم من اجل إعادة السيطرة على جبل المعبد. وهذا مهم لهم كذلك لان إعادة بناء المعبد هو الحدث الذي سوف يدشن احداث سفر الرؤيا (او كتاب النبوءات في الكتاب المقدسي المسيحي) وانتهاء العالم...ان ترمب يأخذهم الان الى ذروة التاريخ والى حيث انتصارهم المؤكد...ان الناس يعتقدون ذلك حقا ومنهم من ضحى بحياته من اجل ذلك وهم يتغنون بذلك في كنائسهم». وأضافت ديانا باتل باس:» ان ما يقوم به ترمب ليس تحقيق وعد انتخابي بل هو ينفذ وعدا دينيا». وما يؤكد ذلك وجود الكثير من المستشارين الإنجيليين لترمب وهم يأخذون نبوءات نهاية العالم بشكل حرفي ومنها ان السلام في هذا العالم لا يهم وان ما يهمهم هو عودة المسيح وكل ما عدا ذلك فهو امر «مزيف» و «غير حقيقي».
 
ووفق من يتابعون هذه الفئة المؤثرة في أميركا فان هناك الملايين من الأميركيين من انصار ترمب يؤمنون بذلك ايمانا شديدا في ولاية مثل تكساس وتعتبر «مدرسة دالاس الدينية « احد معاقلهم. والجمهور الاخر وراء قرار ترمب هو من المتشددين اليهود ومنهم منتمون للحزب الجمهوري وممولون كبار من اثرياء اليهود في أميركا والعالم أمثال ملك القمار اليهودي والصهيوني شيلدون ادلسون صاحب كازينوهات القمار في مدينتي لاس فيجاس وفي ماكاو بالصين.
 
ان نظرة العرب والمسلمين للقرار الأميركي بالاعتراف بسيادة الاحتلال اليهودي على القدس المحتلة على انه قرار سياسي محض هي نظرة قاصرة. ويذهب البعض لفهمه الى تفسيرات براجماتية ترى انه تصرف لتشتيت الانتباه عن ازمة ترمب الداخلية او انه قرار يخدم المصالح الاميركية الاستراتيجية. اما لماذا لا تعترف الحكومات والأنظمة العربية والنخبة الفكرية في الدول الإسلامية بالبعد الديني في قرار ترمب فهذا موضوع المقال القادم.