Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Dec-2018

يد حديد وعين حمراء* رمزي الغزوي
الدستور - 
ماذا لو سقطت فردة حذائك وأنت تلحق قطاراً منطلقاً من محطته؟!. وماذا لو ركبته، وقد أصبحت نصف حافٍ، أي بفردة حذاء وحيدة. ماذا ستفعل؟!، هل كنت ستقفز وراءها وتضيع رحلة انتتظرتها طويلاً؟!. أم أنك ستبلع غلبك بستيرة، وتعوضه ببيع الفردة المتبقية في سقف السيل، حيث كل شيء يباع ويشترى على البسطات أيام الجمع.
هذه أسئلة افتراضية بالنسبة لنا. ولكنها كانت إجابات حية قدمها محرر الهند (الماهاتما غاندي). قدمها بسرعة بديهته وفطنته، فعندما كان يجري ليركب قطاراً سقطت فردة حذائه، فما كان منه إلا خلع الثانية ورماها جوار الأولى، على سكة القطار. وحين تعجب أصدقاؤه من فعلته، قال لهم: أحببت للفقير الذي سيجد الحذاء، أن يجد الفردتين معاً، فينتفع  بهما، فلو وجد واحدة لن تفيده، ولن أستفيد من أختها أنا.
أردت أن أذكركم بهذه القصة الإصلاحية لزعيم كان يركض وراء القطار ويغزل ملابسه بمغزله، ويسير للبحر ليحصل على الملح، الذي احتكرته سلطات الاحتلال البريطانية لإذلال الناس. أحببت أن أذكركم بالإصلاح الهندي القديم، كي أنقلكم إلى مقاومتهم الفساد بطريقة جديدة.
فقد قامت منظمة (الركيزة الخامسة) الهندية غير الحكومية، قبل فترة بتوزيع أوراق نقدية بقيمة (صفر روبية) على المواطنين. فالتقارير تشير إلى أن بضعة ملايين من الهنود يضطرون سنوياً لدفع الرشوة إلى موظفين حكوميين، كي يتسنى لهم الحصول على خدمات بسيطة، كاستصدار وثيقة الولادة، أو رخصة قيادة. وهذه الأوارق لا تختلف عن الورقة الحقيقية فئة خمسين روبية. غير أنها تحمل عبارة: اقطع وعداً بعدم قبول أو إعطاء رشوة.
فعندما يطلب منك موظف ما رشوة، فما عليك إلا أن تناوله الورقة (صفر دينار)، وكأنها ورقة الخمسين، وهو بدوره سيدسها بجيبه على عجل، ولكنه حين يخرجها ويقرأ ما عليها، فقد يندم ويعود لرشده ويخزه ضميره.
نحن نحمد الله، فأمورنا لم تصل إلى هذا الانسحاق الفسادي العلني المشهر. ولكننا كذلك لا نستطيع الاستفادة من حكمة الماهاتما غاندي، ولا تبني طريقة تفكيره الجمعي بشأن فردتي الحذاء مثلاً فثمة من يقبل أن تقطع أرجل الفقراء واياديهم كلها في سبيل حذائه اللامع، ولهذا دعونا نفكر كيف نستطيع الإفادة من فكرة وقوة عزيمة الركيزة الخامسة الهندية!.
ما زلت أعتقد أن مكافحة الفساد تحتاج قبل التكتيك والذكاء، تحتاج قبل كل شيء إلى إرادة حقيقية. إرادة نكتبها على قبضاتنا المشهرة القوية، وفي عيوننا القادحة بالغضب الأحمر. إرادة تقول: سنقطع دابركم من (القرمية) أيها الفاسدون.