الراي - احتج أحد المواطنين قبل أسبوع على الوضع الإقتصادي, حين قام بتحطيم عداد الماء والكهرباء في منزله.. هذا حقك سيدي, حطم ما تشاء فالغضب أحيانا يأسر العقل ويجعلنا نخرج عن طورنا.. ولكن دعني أذكرك بشيء مهم..

 

وصفي التل حطموا قلبه, وقد قيل إن الطلقة الغادرة اخترقت البطين الأيسر.. ولكنه استشهد عاشقا حتى في لحظاته الأخيرة, وحين تمر من أرض الكمالية وتشاهد ضريحه تشعر بالعشق.. والدمعات حتى الدمعات إن سفحتها.. تنزل ذابلة (هيمانة) فالشهداء لا تحزن عليهم وإنما تفتقدهم.

 

ومسلم مطير, من قرى الكرك البعيدة.. حين كان يعطي الإشارة لضابط المدفعية كي يسدد في معركة الكرامة, اكتشف أنه بين الدبابات الإسرائيلية, وكان بإمكانه أن ينسحب.. أو يجد حفرة ويرتمي فيها, ولكنه الوطن والحب والعسكرية.. فنادى في اللاسلكي وقال للضابط في المدفعية السادسة:- سدد حيث أنا حيث إشارة اللاسلكي وسقط شهيدا.. وقيل عنه إنه كان مثل تفاح الجنة أشهى الرجال وأطهرهم وأكرمهم.

 

حطم ما تشاء من عدادات:- ولكن تذكر كيف بني هذا الوطن وكيف وصل إليك.. تذكر شقاء العسكر, وهم يخرجون من كتائبهم حتى يبنوا المدينة الطبية, تذكر كيف أن سلاح الهندسة استفز وفي شهرين فتح طريق الشمال وعبدها.. تذكر عطالله غاصب فقد فتت عظام يده, ولفها (بالفلدة) العسكرية وأكمل القتال.. وطلب منه أن يغادر لتلقي العلاج ووقف النزف.. لكنه رفض حتى تدمر آخر دبابة غريبة دخلت أرض الشمال.. وقتها أعطب ما يقارب ال (56) دبابة وهو على رأس اللواء..

 

تذكر النقيب فريد الشيشاني... حطم الحاجز الإسرائيلي على أرض الجولان, ووصل أرض فلسطين.. وقد قيل إن الطلقات, كانت تشق جسده.. وفي يده قنبلة يدوية, ولم يسقط إلا بعد أن قذفها.. وكان ابن اللواء اربعين.. (لواء الله) ولواء الحب والصبر والحلم.

 

تذكر.. تعب الأردني, وهو يبني بين شجيرات السرو (الجامعة الأردنية) وقتها ضحك العرب منا, وقالوا هل وطن صغير بحجم هذا الوطن يقوى على بناء جامعة؟ وبنيناها.. وكان الحسين يتابعها أول بأول.. حتى غدت أكبر جامعة عربية وأفضل الجامعات.. من لا شيء بنيت سوى الحلم والإرادة والإصرار..

 

وتذكر كيف أصرت الخدمات الطبية, أن تعلم أبناء القرى المنسية الطب وترسلهم إلى بريطانيا في أواخر الستينيات, كي يعودوا إلى وطنهم ويصبح نظامنا الصحي أفضل نظام في العالم العربي.. وهذا البلد الفقير يصبح, أقوى بلد عربي.. من حيث العلاج والخدمات الصحية..

 

حطم يا صديقي ما تشاء فهذا حقك.. لكن ما بنيناه في كل هذه السنوات العجاف لن نتركه لمدون على الفيس بوك, كي يشق صفنا الوطني ويعكر مزاج البلد.. لن نترك كل هذا الإرث, لمراهقة ومتصابية في نفس الوقت، تمارس علينا المزاودة في حب الأردن وتشتم فلانا وعلانا.. لن نتركه لمراكز ممولة من سفارات الغرب.. تتحدث عن الحرية.. وهي أقرب ما تكون للجاسوسية.. لن نتركه لمن يدين اناسا على حبهم للملك.. منذ متى كان الولاء خيانة, وشق الصف الوطني فضيلة..

 

لن نترك هذا البلد لمن يمارسون مراجلهم على الفيس بوك, وينخرون كل القيم السمحة التي بنيناها ورسخناها في مجتمع حي متسامح, لمن يدعون أنهم (إعلاميون) واخر كتاب قرأوه كان في المدرسة, لمن احترفوا الجهل وأسسوا منابر أسموها مواقع صحفية.. وسرقوا وعينا, وكتبنا.. وسرقوا نبضنا العاشق لهذه البلد.

 

أنا أجزم أن المرحلة القادمة, بحاجة (لشدشدة) بحاجة لضبط الإيقاع.. وإحكام القانون فروح عطالله غاصب, ودم فريد الشياشني ومسلم مطر.. ووصفي, كل هؤلاء العمالقة لن يسامحونا, إن سلمنا إرثنا الوطني.. وسلامة المجتمع, وما بنيناه في هذه الدولة.. لشلة من المشككين الطارئين.. الذين أنتجتهم (مراجل) ما يسمى الفيس بوك..