Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Feb-2018

سيادة القانون: الفجوة ما بين الإرادة السياسية والتطبيق - مايك مسعود ودكتور عمر الداوود

 الراي - إننا ومن موقع المراقب والخبير، لم نُفاجأ مطلقاً من غضب جلالة الملك عبد االله الثاني من النتائج الفعلية الملموسة للأوراق النقاشية الملكية وما حققته من أهداف لغاية الآن من خلال ترجمتها لإستراتيجيات وبرامج عمل في كافة القطاعات الإقتصادية. وانطلاقاً من تخصصنا، فإننا سنجتهد في تناول الورقة النقاشية الملكية السادسة لإستنطاق النتائج التي حققتها على الأرض و محاولة الوقوف على الأسباب التي أدَّت لذلك، فإن أصبنا فلنا أجران وإن أخطأنا فلنا أجر.

 
ونود في البداية أن نُؤكد على حقيقة يجهلها الكثيرون وهو أنه لا يوجد حتى الآن ملك او رئيس أو أمير يمثل رأس الهرم للنظام السياسي في بلده أصدر أو أعلن شفاهة أو كتابة توجُّها سياسياً كما فعل جلالة الملك عبد االله الثاني في الورقة النقاشية السادسة. هذا ما أكده رئيس المعهد الأميركي لمكافحة الفساد في عمَّان خلال ندوة متخصصة تم عقدها في الشهر الماضي تحت رعاية الدكتور عبداالله النسور رئيس الوزراء السابق والتي أعلن خلالها المعهد الأميركي لمكافحة الفساد اعتماد الورقة السادسة في منهاجه الخاص بتأهيل المدراء لمكافحة الفساد.
 
لذلك، فإن موضوعية التقييم تقتضي الإقرار بأنه يوجد في الأردن إرادة ورغبة وقرار سياسي ومن أعلى هرم في منظومة الحكم باعتماد مبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة والشفافية واعتماد نظم الإدارة الفعالة والتطبيق الفعّال للرقابة الداخلية والحاكمية الرشيدة والارتقاء بآلية اتخاذ القرار وذلك في القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني. هذا بالإضافة إلى اعتماد مبدأ الكفاءة ومحاربة الواسطة والمحسوبية والفساد، وتطبيق إصلاحات ادارية وفنية في قطاع القضاء والمحافظة على فعاليته واستقلاله. اضافة الى التأكيد على مفهوم سيادة القانون وربط مفهوم الولاء والمواطنة الصالحة بمقدار الالتزام بالقانون واحترام سيادة واستقلالية القضاء ومحاربة الواسطة والمحسوبية والفساد. لقد ورد كل ذلك في الورقة النقاشية الملكية السادسة.
لكن، ماذا حدث منذ أن تم إصدار الورقة النقاشية السادسة بتاريخ ١٦ تشرين أول عام ٢٠١٦؟ ونحن نعتقد أن السؤال المنهجي الذي يجب ان يجد جواباً علمياً ودقيقا ومستقلاً هو: كيف كان الحال الخاص فيما تم ذكره أعلاه يوم ١٦ تشرين أول ٢٠١٦؟ نحن لا نملك اجابة على هذا السؤال ولَم نطلع على أي دراسة علمية مستقلة ومعتمدة بذلك. لكننا نملك الشواهد عن جزء مما حصل على ارض الواقع منذ إصدار الورقة النقاشية السادسة. لكن قبل ذلك، لا بد من التأكيد على مايلي:
1 .كل شيء لا يُقاس، لا يمكن إدارته.
2 .إن منظومة القيم السائدة في أي مجتمع تحدد مدى الإستجابة للتغيير في السلوك حتى في الإلتزام بالقوانين
3 .إن قناعة المواطن والمسؤول في جدية وصدقية القرار السياسي تلعب دوراً محورياً في نتائج اي سياسة سواء كان ذلك في وزارة، او شركة، او مؤسسة.
4 .إن الفساد اصبح صناعة واقتصاداً عابراً لحدود الدولة الوطنية، له مصالحه المرتبط بعضها في غسل الأموال وتمويل الاٍرهاب.
5 .إن الفجوة في الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة لا يمكن جسرها إلا من خلال النتائج الإيجابية للمبادئ والأسس التي جاءت في الورقة النقاشية السادسة.
6 .إننا نعتقد بانه لا يمكن الحصول على كل النتائج المرجوة من الورقة النقاشية السادسة قبل فترة زمنية معقولة تعتمد على جدية وآلية ومنهجية التنفيذ.
وعودة للسؤال الذي طرحناه آنفاً، فإننا رصدنا ولاحظنا الأحداث التالية منذ نشر الورقة النقاشية الملكية السادسة:
1 .محاضرات وندوات عديدة جداً لا سيما عند صدور الورقة النقاشية السادسة
2 .مقالات صحفية وتغطية إعلامية محلية مكثفة لا سيما عند صدور الورقة النقاشية السادسة
3 .صدور كتيب يحتوي على العديد من الأوراق النقاشية الملكية من قبل منتدى الفكر
العربي
4 .الإعلان عن تعاون هيئة مكافحة الفساد مع جامعة أردنية أو أكثر لتدريس الأوراق النقاشية الملكية
5 .لم نطلع على ترجمة للورقة السادسة في مؤسسات القطاع العام من خلال وضع استراتيجيات وخطط وبرامج عمل شاملة
6 .باعتقادنا بأنه لم يتم القيام سنوياً بقياس علمي ومنهجي معتمد عَلى مستوى المؤسسات في القطاع العام أو الشركات المدرجة أو غير المدرجة في السوق المالي أو مؤسسات المجتمع المدني للنتائج الاقتصادية الذي أحدثته الورق النقاشية السادسة.
7 .وجود حالة عدم مبالاة لدى القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني للمبادرة
والابداع في وضع الورقة النقاشية السادسة كأساس محدد لسياساتها، وأعمالها واستراتيجياتها.
8 .عدم قيام الجامعات الاردنية بتطوير مساقات يتم طرحها كمتطلب جامعة تعتمد
على ما جاء في الورقة النقاشية السادسة تماشياً مع أهمية دور الشباب، قادة المستقبل.
إنَّ ملاحظاتنا هذه ليست شاملة. كما ان المساحة المُتاحة لنا لا تمنحنا مناقشة الأسباب التي برأينا تقف خلف ذلك. إلا انه، وبرأينا فإن الأسباب التي أدت الى النتائج التي
لم ترتقي لتوقعات جلالة الملك عبداالله الثاني وغضبه منها تتمثل فيما يلي:
1 .عدم قيام الجامعات الاردنية بإعداد البرامج والخطط اللازمة وعلى الصعيدين الاداري
والأكاديمي بغرض وضع الورقة النقاشية السادسة كأساس للعمل الإداري و دمج الطلبة والارتقاء بوعيهم حول طبيعة واهمية المفاهيم والمبادئ الواردة فيها
2 .عدم قيام القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني بالمبادرة في دمج مفاهيم ومبادئ الورقة النقاشية السادسة في استراتيجياتها وخططها وبرامج عملها. وذلك من خلال تطبيق أفضل ممارسات الحوكمة والرقابة الداخلية ووضع سياسات وقاية من الفساد.
3 .عدم قيام مؤسسات القطاع العام باعتماد سياسة وقاية من الفساد تستند الى تصميم وتطبيق فعال لمبادئ الحاكمية الرشيدة وأنظمة الرقابة الداخلية.
4 .عدم قيام الدولة بتصميم وتنفيذ حوافز اقتصادية لشركات القطاع الخاص لتشجيعها على تطبيق مبادئ ومفاهيم الورقة النقاشية السادسة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لماذا لا تقوم الحكومة بما يلزم بغرض تصنيف مؤسسات وشركات القطاع الخاص تبعاً لإلتزامها وتقيدها وفق ما ينطبق عليها للمبادئ الواردة في الورقة السادسة. وتبعاً لذلك، تقوم الحكومة بتوجيه مشترياتها من الشركات التي تلتزم بذلك.
5 .عدم قيام الحكومة بالإتصال الفعّال مع المواطن بغرض إزالة الأوهام والمفاهيمالمغلوطة حول طبيعة  ومفهوم الفساد ومحاربته وإدارة فعالة لتوقعات المواطن من سياسيات الحكومة ذات الصلة بشفافية، ومسؤولية ومحاسبة تماهيا مع مبادئ الورقة النقاشية السادسة.
6 .إظهار حزم مؤسسات الدولة في محاربة التهرب الضريبي
7 .إصدار تشريع يصبح بمقتضاه الفساد لا يسقط بالتقادم
8 .التحقق من تصميم وفعالية إجراءات الرقابة الداخلية المتصلة بإشهار الذمة المالية
9 .دمج المواطن بشكل جوهري في برامج الدولة الخاصة بمحاربة الواسطة والمحسوبية والرشوة والفساد إن سيادة القانون والنزاهة والشفافية والمسؤولية والمحاسبة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب دون أي اعتبار الا للكفاءة يعتبر متطلباً أساسيا لمحاربة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي أصبح متطلباً دوليا أكثر من أي وقت مضى. إن بناء الاْردن الحديث يستحق العمل الجاد من قبل الجميع من خلال ممارسة المواطنة الصالحة والتعبير عن الولاء من خلال احترام سيادة القانون ومحاربة الفساد.
*مدير المعهد الأميركي لمكافحة الفساد - الشرق الأوسط وافريقيا
mike@THEAACI.com
*مؤسس والمدير العام لمركز القانون والحوكمة
ofd@lawgovcenter.com