Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-May-2018

عن «لقاء» بومبيو - فرج.. أو ما كَشفَته «هآرتس» - محمد خروب
الراي - التوقيت الذي اختارته صحيفة «هآرتس»الاسرائيلية لنشر الخبر المثير عن اجتماع تم في واشنطن الشهر الماضي بين مايك بومبيو، رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA (قبل تسلّمه منصب وزير الخارجية
ورئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطيني ماجد فرج، يصعب وصفه بأنه توقيت مقصود يُراد منه خلط الأوراق على الساحة الفلسطينية، التي تشهد صراعاً محموماً ومفتوحاً على وراثة الرئيس محمود عباس‘ إثر المتاعب الصحية التي يعانيها والتي فتحت النقاش الصاخب على «مرحلة ما بعد عباس»، رغم ان الأخير غادر المستشفى التي مكث فيها اكثر من أسبوع, وسط تقارير غير شفّافة ومتناقِضة عن حاله الصحية, التي يبدو انها تُخفي حقيقة ما هو عليه الرئيس ابن 82عاماً.
أهمية كشف هآرتس الذي يرقى الى درجة سبق صحفي, تكمن في تناقض (حتى لا نقول وصفاً آخر) خطاب
السلطة الفلسطينية, التي اعلنت اكثر من مرة وعلى لسان «كبار» قادتها بمن فيهم عباس نفسه, انهم
يقاطِعون ادارة ترمب ويقفلون ابواب الاتصال والحوار معها, بعد ان فقدت صفة الوسيط «النزيه» في الصراع
مع اسرائيل, وان اتصالات او حوارات كهذه مرهونة بـ»تراجعها» عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل,
وضرورةعدم تنفيذ قرارها نقل سفارتها الى المدينة المحتلّة.
كل هذا بدا ضرباً من الدعاية والعلاقات العامة, اذا ما تأكّد خبر لقاء فرج مع بومبيو, وبخاصة ان الصحيفة الاسرائيلية نقلت عن مسؤولين فلسطينيين ان المحادثات بينهما «جرت بمعرفة الرئيس الفلسطيني وعدد محدود جدا» من المسؤولين الفلسطينيين، ولن تكون أهمية تُذكر للتبرير غير المقنِع بل المتهافت الذي ساقه هؤلاء بالقول:إن اللقاء عُقِدَ على «المستوى الأمني المهني»، وكأن هناك فصلاً بين «السياسي»
و»الأمني» الذي دأب مسؤولو السلطة التذاكي في شأنه عند المنعطفات الأساسية، التي واجهتها
وتواجهها القضية الفلسطينية, وبخاصة المرحلة الراهنة التي دشّنها الرئيس الأميركي, عندما تخلّى قولاً
وعملاً عن حل الدولتين واعترف بالقدس عاصمة لدولة العدو ونقل سفارة بلاده اليها, ولم يتردّد في القول إن
القدس هي المدينة التاريخية التي اتخذها اليهود عاصمة لهم منذ زمن سحيق. تماماً كما تولّى مسؤولو
السلطة تبرير استمرار التنسيق الامني الذي لم تغادره صفة «القداسة» التي خلعها المسؤولون
الفلسطينيون عليه، رغم إمعان حكومة نتنياهو في استيطانها وتهويدها للقدس ومصادرة الأراضي
والتنكيل وارتكاب ابشع انواع التصفية الجسدية وجرائم الحرب بحق الشعب الفلسطيني.ودائما كان يقال:
إن ذلك التنسيق في مصلحة الشعب الفلسطيني، دون ان يلمس الفلسطينيون تلك المصلحة على ارض
الواقع,اقلّه في ما خص الاقتحامات والاعتقالات واستباحة المناطق المُصنّفة «A «وفق اتفاق اوسلو البائس.
ما يبعث على الغضب هو ذهاب «المصادر» الفلسطينية التي استندت اليها الصحيفة.. بعيداً. في الحديث
عن «الزاوية الأمنِيّة الوطنية» التي تدفع واشنطن وتل ابيب لدراسة التطورات على الساحة الفلسطينية، ما
يعني في نظر هؤلاء ان ماجد فرج قام بمهمة «توضيح المواقف» قبل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني
(عُقِدَ في الثلاثين من نيسان الماضي) وخصوصاً قبل تسلّم بومبيو منصبه خلفاً لريكس تيلرسون في وزارة
الخارجية.. ويكتمل المشهد «سوريالية» عندما لم تستبعِد الصحيفة الاسرائيلية ان يكون لقاء بومبيو – فرج
اشارة الى «رغبة واشنطن بضمان الاستقرار(يقصدون استقرار السلطة بالطبع بعد مغادرة عباس – منصبه».
ليس ثمة ما يهم «مهندسو» صفقة القرن وواضعو خطة تجفيف المصادر المالية للسلطة وخصوصاً وكالة
الغوث الدولية (الاونروا),والذين لا يعترفون بأن الضفة الغربية «محتلة» بل مجرد «مناطق» متنازع عليها، سوى
استقرار اوضاع السلطة, اي الانتقال «السلس» لشخص آخر دون حدوث صراع او حرب وراثة, والإبقاء على إرث
السلطة(إقرأ إرث عباس) دون تغيير, واذا ما حدث تغيير كهذا فيجب وبالضرورة ان يكون نحو مزيد من التمسّك بـ»الاتفاقات الموقّعة» وعدم اتخاذ اي «اجراءات احادية» الجانب, ومواصلة «نبذ العنف والتنسيق الامني» والتعاطي مع «صفقة القرن» بإيجابية، وهي ليست مجرد مطالبات او تمنّيات اميركية (اقرأ اسرائيلية)
بل هي شروط على اي «شخص» يريد تقديم اوراق اعتماده والحصول على مباركة اميركية اسرائيلية لخلافة
عباس..تعهّد الإلتزام بها. اما ما تقوم به حكومة نتنياهو من تهويد وأسرَلة وفرض حقائق ميدانية في القدس والضفة وغور الاردن, فهي خارج النقاش وتمارسه دولة العدو من باب «السيادة الوطنية».. ولا داعي لإثارته في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها المنطقة، واذا ما رغب الوريث العتيد في مناقشة امور كهذه, فيجب عليه أولاً «العودة» إلى طاولة المفاوضات وبدون شروط مسبَقة, وبما يستبطِن الاعتذار من واشنطن وإبداء فعل الندامة على قرار المقاطعة (الذي ثبت انه غير حقيقي وغير جاد, بعد لقاء فرج مع بومبيو... إذا ما تأكّد).
ربما يثير كشف الصحيفة الاسرائيلية هذا نقاشا وجدلا على الساحة الفلسطينية وبخاصة اذا ما قرأ فيه
المنخرطون في حرب «الوراثة» انه مثابة ضوء اخضر ليتقدم «فرج».. الصفوف، ما يعني حسم «المعركة»
مبكرا،وان كان لم يُعرَف بعد إن كان الضوء الاميركي الاخضر (المُفترَض) يعني توريث فرج المناصب «الثلاثة»
التي يشغلها عباس الآن... (رئاسة السلطة، وحركة فتح ومنظمة التحرير)؟ ام انه سيتم توزيعها كـ»جوائز ترضِية» كي يبقى صاحب «الرقم واحد» في مرحلة ما بعد عباس؟.
أسئلة افتراضِية وقراءة قد تكون غير دقيقة, اذا ما سارعت السلطة الى نفي ذلك. او صدر النفي عن إدارة ترمب. لكن كما يُقال عن حق: «لا دخان بدون... نار».
kharroub@jpf.com.jo