Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jul-2018

مَن حَرَّك ويُحرِّك.... تظاهُرات العراق؟ - محمد خروب

 الراي - تتواصل الأزمة السياسية المُتدحرجة في العراق، الناتجة في الأساس عن عدم القدرة على تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات 12 ايار الماضي، في الوقت ذاته الذي لم تجد الاحزاب المُتنفِّذة والاجهزة الأمنية والإدارية العراقية، جواباً على السؤال المُمِضّ الذي طُرح منذ الثامن من تموز

الجاري (اندلاع التظاهُرات), وهو: مَن يُحرِّك التظاهرات الشعبية العارمة؟. تلك التظاهرات غير المسبوقة في عديدها وشموليتها الجغرافية وخصوصاً انطلاقتها من مدن وبلدات الجنوب، الذي ظن
كثيرون من قادة هذه الاحزاب وبخاصة تلك التي تتّكئ على الخطاب المذهبي انه (الجنوب) مضمون بل ممسوك، وبالتالي، فإن الخشية قائمة من مدن وبلدات الوسط والغرب ناهيك عن"الشمال"الكردي، الذي تلقّى ضربة موجعة وربما كانت ستكون قاتلة، بعد الخطيئة الكبرى التي قارفها رئيس اقليم كردستان العراق السابق مسعود بارزاني، بإصراره على اجراء استفتاء 25 ايلول الماضي. والذي انتهى بكوارث سياسية واجتماعية
وعسكرية، فضلاً عما لحق بسمعة ونفوذ ومكانة "كاك مسعود".. شخصياً.
وإذ دخل المرجع الأعلى علي السيستاني على خط الازمة المفتوحة ذات البعدين الاجتماعي والسايسي، عبر خطبة الجمعة الاخيرة التي ألقاها ممثله عبدالمهدي الكربلائي، ما اثار مخاوف قادة
الاحزاب"الفائزة"في الانتخابات والتي فشلت حتى الان، لاسباب ذاتية وصراعات شخصية وانعدام ثقة
وارتهان معظمها لعواصم اقليمية واخرى دولية، فإن تحذير السيستاني بان "موجة التظاهرات
المطاِلبة بالاصلاح ستستثمر في المستقبل, وقد تتطوَّر الى اشكال جديدة"، تعكس ضمن امور
اخرى، خطوة مثيرة ولافتة اقدم عليها المرجع الاعلى بانضمامه – أو ميلِه – لصفوف المتظاهرين
وتراجعِه (نسبياً) عن تقديم الدعم للطبقتين السياسية والحزبية، اللتيْن افرزهما الاحتلال الاميركي،
وهما مَن واصلتا الإمساك بالعراق حكومة وجيشاً واقتصاداً وأمناً وغيرها من الملفات طوال خمسة
عشر عاماً، لكنهما لم تُسجِّلا اي نجاحات تذكر، بل أوصلتا العراق لِيكون على"رأس"اكثر دول
العالم...فساداً، وِفق تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذاتِ الصلة.
في سياق الدعم (النسبي وغير المحسوم دائماً) الذي اعلنه السيد السيستاني لمطالب
المتظاهرين الذين هم في معظمهم بسطاء وفقراء ومعدومين وفق تحقيقات الاجهزة الاستخبارية
العراقية التي نقلتها الصحف والمواقع العراقية، وهم الذين يوصفون بـِ"جيل الاحتلال"او"جيل
الحواسم"، والتي تنحصر مطالبهم في توفير الماء والكهرباء والأمن والوطائف، برز ايضاً ما جاء في
خطبة الجمعة، دعوته لتشكيل حكومة تكنوقراط (اي غير حزبية) وتحديداً لصفات رئيس الوزراء
الجديد، ومنه "ان يكون حازماً وقوياً، يتّسم بالشجاعة الكافية في مكافحة الفساد المالي والاداري،
الذي هو الاساس في ما يعانيه البلد من سوء الاوضاع"، وبالتالي"يجب عليه (رئيس الحكومة الجديد)
ان"يعتبر ذلك واجِبه الاوّل ومهمته الاساسية، ويشن حرباً على الفاسِدين وحُماتهم".
توصيف لوظيفة رفيعة كان الأولى ان يكون (التوصيف) عنوان"المرحلة السابقة"التي بدأت مع احتلال
العراق، وبخاصة ان شعارات"الديمقراطيين العراقيين...الجدد"الذين جاؤوا على ظهور الدبابات
الاميركية، كانت وردِية، تعِد العراقيين بنظام ديمقراطي وشفاف، يأتي قادته عبر صناديق الانتخابات
ويلتزمون القانون وتداول السلطة، ويطمِسون على كل تفرقة او ممارسات ذات طابع طائفي او مذهبي او عرقي، لكنهم عمقّوا من كل هذه الامراض التي ادّعوا انها سبب انهيار العراق وتأخُّره وانعدام الخدمات واحترام القانون فيه. وها هي النتائج مكتوبة على الحائط بعد خمسة عشرعاماً من"التغيير". الذي تمّ على يد المحتل الاميركي، المدعوم من بعض العرب.
المشهد العراقي بات محكوماً – اراد الساعون لتشكيل الكتلة الاكبر ام لم يريدوا – بما يريده "جيل
الاحتلال"، مِن الشباب الذين ضاقوا ذرعاً بكل الوعود (اقرأ الاكاذيب) التي ضخّها ويضخّها هؤلاء، ويبدو انهم لن يقبلوا العودة إلى ما كان العراق...عليه، قبل الثامن من تموز الماضي. وانهم في صدد كتابة جدول اعمال جديد، يجب وبالضرورة ان يلتزمه هؤلاء الذين يُكيدون لبعضهم من أجل الفوز بكعكة السلطة ونعيمها، ولم تعد تُقنِعهم القرارات السريعة والمُرتجّلة التي تزعم توفير اربعة مليارات من الدولارات لرفع منسوب الخدمات (المُنهارة اصلاً)، وهم ما يزالون يطرحون أسئلة لايجدون اجوبة عليها: اين ذهبت مليارات تم دفعها على مشروعات وَهمِية..لم تُنفّذ؟