Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Jun-2019

دمٌّ على الأيادي.. مَن أوصَل السودان الى مُربّع المَجزرَة؟ (2-2)*محمد خروب

 الراي-لا يجد السؤال حول دوافع المجلس العسكري أو قُل أحد اجنحته (إذ بات مؤكداً ان المجلس العسكري غير موحّد, وتتنازعه اهواء شخصية وتحالفات مُريبة واخرى محمولة على اصطفاف إقليمي) الى ارتكاب مجزرة كتلك التي شهدها فجر الاثنين الاسود، على نحو أطاح التفاهمات والاتفاقات التي تم التوصل اليها, بعد ماراثون مضن من المفاوضات بين العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير, التي أمسكَت بقرار المعارَضة واستطاعت بنضج سياسي ومرونة ثورية وليس مراهقة سياسية او الذهاب الى أقصى انواع التشدّد والرفض, اللذين يمنحان العسكر وخصوصاً عسكر السودان, اصحاب الباع الطويل في الانقلابات وقيادة الثورة المضادة وإطاحة المسارات الديمقراطية على قلّتها في المشهد السوداني, منذ «حكم» الجنرال ابراهيم عبود قبل نصف قرن مروراً بالرئيس المُتصهّيِن الجنرال جعفر النميري, وصولاً الى قائد ثورة الإنقاذ التي دبّرها بلؤم وخبث الإسلامويين المعروفَيْن الشيخ المُتقلِب حسن الترابي).

 
ما يثير الريبة في ان ما جرى, كان مُدبّراً ومخططاً له مُسبقاً, هو مسارعة الجنرال البرهان الى «إلغاء» كل الاتفاقات السابقة مع قوى الحرية والتغيير, ثم إعلانه المفاجئ المُتعارِض اساساً مع تفاهمات العسكري مع قوى الحرية والتغيير, عن اجراء انتخابات برلمانية خلال تسعة اشهر, بمشاركة القوى السياسية والحزبية «كافة»، الأمر الذي عكسَته إشارته الى ان الشعب السوداني يُقرّر مَن يمثله، ما استبطَن رغبة من المجلس بالرهان على فلول النظام المخلوع, ومحاولة لاستنهاض رموزه, التي تشاركها الحركات الاسلاموية كَثورة مضادة..مناصِرة وداعِمة «حِقدها» على قوى الحرية والتغيير, إذ تُنكِر عليها تمثيلها الحراك الشعبي وتبنيها برامج طموحة تقود الى نظام مدني, يقطع الطريق على العسكرة ويضع المؤسسة العسكرية وخصوصاً الأمنية تحت رقابة وإمرة المستوى السياسي المُنتخَب بدل ان تكون مثابة دولة داخل دولة.
 
تراجُع الفريق البرهان عن قراره الغاء الاتفاقات والتفاهمات التي تم التوصل اليها مع قوى الحرية والتغيير, ثم إعلانه استعداده مواصلة المفاوضات دون شروط مسبقة، عكس ضمن امور اخرى شعوراً نسبياً بالهزيمة, ليس فقط في ما كشفته ارقام شهداء مجزرة الإثنين الاسود وبشاعة ما ارتكبته ميليشيات الجنجويد بحق المتظاهرين السلميين. والتي أُريد منها كسر حدة الاحتجاجات, ووضع قوى الحرية والتغيير في مأزق عدم وجود ميدان تُسلّط عليه الاضواء, ويكون عنوانا للعالم أجمع كي يقف على عظمة وقوة الحشد الشعبي السوداني السلمي والراقي, الذي لم يجنح للعنف.مُحبِطاً محاولات العسكر استدراجه لعسكرة الثورة ومنحه التبرير الكافي للانقضاض.
 
فتح المجلس العسكري ابواب الانتقادات اللاذعة على نفسه, وهو رغم ما يحاول إبداءه من قوة والايحاء بانه يحظى بدعم محور اقليمي عربي معروف, إلاّ انه بات أعجز من ان يفرض شروطه او يتجاوز القوة الاخلاقية والمعنوية وخصوصاً الحضارية التي هي عليها قوى الحرية والتغيير, وخصوصاً تجمّع المهنيين السودانيين (النقابات) التي يُحاول كسرَها والحؤول دون تصدّرِها مشهد السودان الديمقراطِيّ الجديد.