Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Mar-2019

«الأشباه» ركبوا الموجة*حسين الرواشدة

 الدستور-ليست «الغيرة» الانسانية والحضارية  هي وحدها - فقط  - التي  تدفع احدنا الى الاحساس «بالعجز» أو «الخيبة» او المرارة من افتقارنا للبطل او الرمز او «الانسان المثال»، ولكن ثمة «اضطرارات» آدمية تجعلنا اليوم نبحث عن «نماذج» مهمة، تساعدنا على الالتفاف حول «فكرة» توحدنا وتحررنا من حالة «الانقسام» والارتباك، وقيمة هذا النموذج المطلوب ليست فقط «شخصية» او مرتبطة بشخص مهما كانت مواصفاته، وانما قيمته في «المبدأ» الذي يؤمن به ويناضل من اجله، وفي اخلاصه له واستعداده لدفع الثمن مهما كان باهظاً..

 المشكلة ليست في «فقر» التربة او جفاف «الارحام» او في غياب «الحواضن» وقلة «الامكانيات» وعجز الامكانيات، وانما المشكلة في اصرار مجتمعنا على تكسير «رموزها»، وتهشيم «عقولها» ونبذ «دعاة» الخلاص فيها، وكأن امتنا تمارس فريضة «تحطيم» الاصنام، وتتعبد بها، ليس لأن هؤلاء اصنام ودعاة شرك، وانما لانهم «يوقظون» ضميرها العام ويحركون نوازع الاخلاق فيها، وهي لا تريد ذلك؛ لانها استمرأت حالة الاستعباد وطاب لها العيش في عصر «الرق» من جديد، ولهذا فهي احرص ما تكون على «الاخلاص» لجلاديها والاحتفاء بقاتليها، كما انها احرص ما تكون على «معاقبة» رموزها واقصائهم وتشويههم تحت اي ذريعة أو عنوان.
نسأل دائما : لماذا غابت «النماذج» الانسانية الملهمة عن عالمنا العربي فيما لا تزال ذاكرتنا التاريخية مزدحمة بأسماء الفاتحين والمنتصرين، هل «القوة» وحدها هي التي مكنتنا من حفظ اسماء هؤلاء الذين حرروا بلادنا أم ان ثمة «جوانب» انسانية ضلت طريقها الى ذاكرتنا ونحن نحتفي بهم، جانب «السلام» والحرية والعدالة مثلا، هذه التي تتفق كل الشعوب عليها، فيما قد لا تتفق على جوانب اخرى اختزلنا فيها - للاسف - قيمة «الرمز» فلم يشاركنا في الاحتفاء احد.
حين افتقدت  الشعوب العربية «رموزها»  ونماذجها الملهمة خرجت وحدها لصناعة «البطولة» التي انتظرتها طويلا ولم تأت، لكن سرعان ما فوجئت بان «الاشباه» ركبوا الموجة،  فحولوا الثورة الى نقمة،  والحرية التي انتزعها الناس الى «سجون» جديدة..  وسط ذلك لم نجد – للاسف - «رمزا» او بطلا شعبيا عربيا واحدا يقف وسط الجماهير لكي يلتفوا حوله، ولم يكن مسموحا لهذا «البطل» ان يظهر او يتكلم.. فثمة مئات القناصين الجاهزين للانقضاض عليه.
باختصار، نحن بحاجة الى «رمز»  انساني عربي جديد،  يخرج من سجون الظلم والاستعباد،  ويرفع راية الحرية والسلمية، ولا يكون محسوبا على حزب او دين او طائفة، رجل يحظى باحترام الجميع لانه يمثل «ضميرهم» ويتحدث باسمهم، ولا يريد ان يحاسب او يعاقب وانما يريد فقط ان «يتصالح» مع  من يعيشون معه على ارض واحدة ومن يقاسمونه التشوق الى الحرية والكرامة والعدالة.. وهذه فقط.