Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Aug-2018

فكرة يهودية الدولة وإقرار قانون القومية - مجحم حديثة الخريشه

الراي -  دأبت حكومة إسرائيل في الآونة الأخيرة استكمالاً لمشاريعها وخطواتها التاريخية السابقة إلى الدفع في اتجاه إعلان إسرائيل"دولة يهودية"وفرض ذلك واقعاً على الأرض، والترويج له إقليمياً ودولياً، خاصة لدى الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية لضمان دعمها ورعايتها، ناهيك عن فرضها على الطرف الفلسطيني وجعلها شرطاً أساسياً لاستئناف المفاوضات الثنائية بينهما.

يسعى الكيان الصهيوني لإقامة الدولة اليهودية الخالصة ويقضي هذا المخطط بتطهير الداخل الإسرائيلي أو بمعنى أصح ما تراه"إسرائيل"مجالها المجتمعي الداخلي، من الوجود الفلسطيني المتزايد، لما له من انعكاسات خطيرة عليها في المستقبل العاجل والبعيد معاً، ذلك أن الهدف الرئيسي لهذا المخطط الكبير هو تحصين وتغليب العنصر اليهودي الصهيوني في داخل هذا الكيان المصطنع الزائل.
وعلى الرغم من إن هذا المصطلح (يهودية الدولة) ليس حديث العهد فان جذور الفكرة لم تبدأ مع وعد بلفور الذي يقول فيه:"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على ان يفهم جلياً انه لن يؤتى بعمل من شأنه ان ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف في فلسطين..." ان الخطورة في هذا الوعد انه لم يعترف بوجود الشعب الفلسطيني أصلاً، فهو يقول:
"الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين"وليس الشعب الفلسطيني أو الفلسطينيين وهذا كان تلبية لرغبة اليهود أنفسهم ارض بلاشعب لشعب بلا ارض وقبل وعد بلفور كان اليهود في فلسطين لا يشكلون أكثر من 5 %من تعداد السكان ولكن بفعل الهجرات غير الشرعية في تلك الحقبة أصبحوا يمثلون ما نسبته 15 %إذ أن بلفور أعطى ارض فلسطين لهذه الفئة مقابل تجاهله لنسبة 85 %من المسلمين والمسيحيين.
ولكن جذور الفكرة بدأت مع كتاب تيودور هيرتزل "دولة اليهود" في العام 1895 الذي وضع الحجر الأساس لظهور الصهيونية السياسية وتأسيس الحركة الصهيونية بعد انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية 1897م.
والسؤال المطروح اليوم هو ماذا يعني أن تصبح إسرائيل دولة يهودية: ان مجرد كون إسرائيل دولة الشعب اليهودي يعني إنها دولة لجميع اليهود حتى وان لم يكونوا مواطنين في دولة إسرائيل وهذا يشعر عرب الداخل بأنهم مواطنون ليسوا متساوين في "دولتهم "لأن هنالك مؤسسات يهودية خاصة تعمل من اجل المواطنين اليهود مثل "الوكالة اليهودية". كما ان دولة إسرائيل تخصص أموالاً لتعميق التربية اليهودية- الصهيونية بين اليهود المنتشرين في العالم.
ويلخص"أرئيل شارون"وجهة النظر الإسرائيلية والتي تؤكد على"يهودية الدولة"باعتبارها دولة خالصة نقية لليهود فقط، وليس للعرب مكان بها ولعل هذه هي النتيجة الجوهرية التي يمكن ان تعكس يهودية الدولة، حيث صرح بذلك وبشكل رسمي عام 2003 وسار من بعده رؤساء الحكومات في مطالبتهم بيهودية الدولة.
كما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق"أيهود أولمرت"أعلن خلال إحدى الجلسات التي عقدتها لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست بعد مؤتمر أنابوليس عام 2007 "ان نقطة الانطلاق لأي مفاوضات مع الفلسطينيين ستكون هي"الاعتراف بان إسرائيل هي دولة للشعب اليهودي"وأكد: أولمرت"على ذلك قائلاً: لن أجري مفاوضات مع من لا يعترف بإسرائيل كدولة للعشب اليهودي"، وسبق ان أعلن"باراك"في نفس اللجنة أن"إحدى العقبات التي تعترض التوقيع على اتفاق مع الفلسطينيين هو رفضهم الاعتراف بإسرائيل"كدولة يهودية". بعد ان تسلم نتانياهو رئاسة الحكومة في منتصف حزيران 2009 سارع إلى الإدلاء بالتصريح الآتي:"ان الشرط الأساسي لإنهاء النزاع هو الإقرار الفلسطيني العلني، الملزم والصادق بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي".
وأعلن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو بأن الخميس الأول من أيار 2017 سوف يكون موعد طرح مشروع قانون"دولة القومية اليهودية"على الكنيست في دورتها الحالية، وقد تم إقراره في 2018/7/19م ليكون بذلك القانون الأكثر عنصرية في تاريخ "إسرائيل" ويذكر ان هذه هي المحاولة الثانية لتشريع القانون فقد سبق في الدورة الماضية للكنيست ان حاولت الأحزاب المتطرفة طرحه على جدول الإعمال وتحديداً عام 2011 من قبل النائب (آ في ديختر والتف من حوله نواب من الائتلاف الحاكم والمعارضة إلا ان مستشاري الحكومة والكنيست القضائيين منعا مرحلياً (وليس بشكل دائم) طرح القانون.
ولا شك ان فكرة يهودية الدولة كانت حاضرة في أذهان الحكومات الإسرائيلية ونحن على وعي بها منذ فترة بعيدة سبقت إعلان قانون القومية اليهودية وانا ممن تناول هذا الموضوع في محاضرة سابقة لي ألقيتها عام 2003 بعنوان يهودية الدولة الإسرائيلية توقعت بها جميع ما حدث اليوم، على إنني ارغب بالقول بان قانون القومية (قانون أساس إسرائيل) في بنوده كاملة وعددها (11 (بنداً، ترتكز على إعلان القدس الكاملة والموحدة عاصمة إسرائيل وإعلان إسرائيل دولة مفتوحة أمام قدوم اليهود من الشتات وتطوير الاستيطان اليهودي وإعلان العلم والشعار والنشيد الوطني والعطل الرسمية واللغة العبرية رموز للدولة، جميعها نجدها مخالفة للتاريخ والمنطق والشرعية الدولية وتقع ضمن (إبادة العنصر) أي التدمير المتعمد للعنصر كلياً أو جزئياً بدوافع البعض العنصرية أو الدينية أو الاستعمارية وهي جريمة دولية بموجب ميثاق عقوبة جريمة إبادة العنصر الصادرة في كانون الأول عام 1948م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
يبقى القول ان عنجهية إسرائيل وعدم التفاتها وتقديرها لقوانين الشرعية الدولية وعلى الرغم من التذمر وإعلان الاحتجاج ضد انتهاكاتها سواء داخل إسرائيل أو خارجها لا يمكن أن يقود المنطقة والعالم لحالة من السلام، بل سيسير بها تجاه عواقب كارثية.
* وزير سابق