Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jul-2018

السلبطة والبلطجة - د. صلاح جرّار

 الراي - لكلٍّ من كلمتَيْ السلبطة والبلطجة دلالات سلبية تفهم من بناء الكلمتين وصورتهما وحتّى طريقة نطقهما، فالكلمتان يعتمد بناؤهما على السلبطة بمعنى الاستلاب والتعسّف في التركيب والنحت والاشتقاق، وهو بناء ينسجم مع دلالة الكلمتين، وكلمة سلبطة يمكن تفكيكها إلى عدة كلمات جميعها ذات دلالات سلبية، فمنها (السلب) و منها (السلطة والتسلط) ومنها (اللبط) بمعنى الضرب ومنها (البلطجة)، واجتماع هذه الدلالات السلبية يشكّل مزيجاً من المعاني السلبيّة في كلمة واحدة، فالسلبطة تعني في هذه الحال القيام بالسلب والتسلط والبلطجة، أو استخدام السلطة والنفوذ لسلب حقوق الآخرين وانتزاعها دون أيّ وجه حقّ. ويحدث هذا الأمر عادة على مستويات عدّة، منها أن يحصل شخصٌ على وظيفة وهو غير مؤهل لها أو لا تنطبق شروطها عليه مستغلاً نفوذه أو سلطته أو علاقته مع أصحاب النفوذ والقرار أو استخدام التهديد والوعيد والابتزاز. ومنها أن ينجو سارقٌ أو محتالٌ أو مجرم من العقاب مستغلاً مكانته المالية أو الاجتماعية أو السياسية وعلاقته بمن يملكون قرار غضّ الطرف عنه متجاوزين القوانين والأحكام والتشريعات دون أيّ مبالاة، وغالباً ما يكون هؤلاء المتسلبطون ممّن يتباهون ويتفاخرون بتسلّطهم على الناس وانتزاعهم ما ليس من حقوقهم واستهتارهم بالقوانين السارية وعدم اعترافهم بأي حقّ لغيرهم.

والبلطجة مكوّن من مكوّنات السلبطة، وفيها سلبٌ لحقوق الآخرين ظلماً وعدواناً ولكن باستخدام التهديد والإرهاب والإيذاء البدني كما هو في حال السلبطة وكلمة البلطجة مشتقة من كلمة (بلطجي) وهي كلمة
تركية مؤلّفة من كلمتين هما: بلطة، وهي الأداة المعروفة، والمقطع (جي) الذي يستخدم في التركيّة للنسبة إلى المهنة خاصّة، وتطلق كلمة (بلطجي) في التركيّة على الجندي الذي يسبق الجيش ويمهّد الطريق له بقطع الأشجار التي تعترض طريقه.
وأرى أن العلاقة بين معناها في التركية ومعناها الشائع في البلدان العربيّة حالياً هي استخدام العنف والإيذاء وإلحاق الضرر بالآخرين من أجل تحقيق الأهداف، فالبلطجي في الجيش يستخدم البلطة لقطع الأشجار بينما البلطجي في دلالاته السلبية ربما يستخدم البلطة لتهديد الناس وإيذائهم وانتزاع حقوقهم.
وبينما يعتقد كثير من الناس أن كلاً من السلبطة والبلطجة هي صفات للأفراد فقط، فإننا أصبحنا نرى دولاً تمارس هذين الفعلين الشنيعين، والأدهى من ذلك كلّه أن الدول التي تمارسهما هي الدول العظمى مثل
الولايات المتحدة الأميركية التي لا يتردّد رئيسها في ابتزاز كثير من الدول عن طريق التهديد والوعيد والإملاءات والإكراه وأحياناً عن طريق الحصار والقتل والقصف والتدمير.
إنّ المجتمع الذي تنتشر فيه حالات السلبطة والبلطجة هو مجتمع فاسدٌ ومهدّدٌ بالانهيار، كما أنّ العالم الذي
توجد فيه دولٌ عظمى تمارس السلبطة والبلطجة على ألسنة رؤسائها هو عالمٌ فاسدٌ وساقطٌ ومهدّد بالفوضى والخراب.
salahjarrar@hotmail.com