Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Feb-2019

دموع النفاق تنهمر على النسوة* ماهر أبو طير

 الغد

يخجل الرجال من وضع أسماء زوجاتهم، على بطاقات الدعوات لحفلات زفافهم، لكنهم يسارعون بذلك عند اول قرض، حين يحتاجها كفيلة له في المصرف، او حين تقترض من اجل عائلتها، او لتغطية نفقاتها، واسم الزوجة في الحالة الأولى محرج ومعيب اشهاره، واسمها في الحالة الثانية، مفخرة عز نظيرها ولم لا، فالدنانير لا بد آتية.
لافتة هي قصة المال في الأردن، فالكل يتباكى على الغارمات، ولا أحد يحدثك عن الغارمين، وكأن غرق الرجل بالديون مسموح، وغرق النسوة غير لائق، هذا رغم من ان القصة أعمق من ذلك بكثير، هي قصة التغيرات في البلد، التي باتت تعصف بالكل، رجالا ونساء.
في كل الأحوال، نريد من الجهات ذات الصلة ان تعلن لنا عن عدد النساء المقترضات من المصارف والمؤسسات المختلفة، بما في ذلك صندوق المرأة، واية صناديق، ونوعيات القروض، ونسب السداد، وكم امرأة في السجن، وكم امرأة ملاحقة، او تحت المحاكمة، إضافة الى عدد اللواتي استفدن فعليا من سيولة المصارف او صندوق المرأة، وبقية الصناديق، لإنشاء مشاريع نجحت فعليا، او تعثرت لاحقا؟
هل كل قصة المشاريع الصغيرة ذات جدوى حقا، ام مجرد أفخاخ صيد، ولماذا يتم السماح بمواصلة اقراض النساء، بهذه الطريقة، بعد ان ثبت ان هذه الطريقة كارثية؟
ما من بيت في الأردن الا وغارق في الديون، السيارة واقساطها، او الشقة والتزاماتها المصرفية، وفي حالات ثانية قروض العلاج، او التعليم بعد ان باتت اغلب العائلات غير قادرة على تعليم أكثر من ابن او ابنة، في الجامعة، الا عبر الاستدانة، فتتورط العائلة بعشرات الآلاف من الدنانير، مقابل وظيفة بمئتي دينار، هذا إذا توفرت أساسا، وهي وظيفة براتب هزيل، توفر لصاحبها فقط السبب للهروب من المنزل، بعيدا عن الألسن اللاذعة من عائلته التي تسأله عما يفعل آناء الليل واطراف النهار؟
كم عدد العاملين والمتقاعدين من اغلب القطاعات، الذين لم يرهنوا رواتبهم أساسا للمصارف، مقابل قروض مختلفة، وهل يمكن لجهة متخصصة ان تعلن لنا عن عدد المدينين ممن يتم تحويل رواتبهم من القطاع العام او حتى الخاص، الى المصارف والصناديق المختلفة، مقابل قروض مختلفة، يتم استعمالها لغايات محددة، سرعان ما يستجد غيرها؟
عمان المحسودة زورا وبهتانا لا يفهمها أحد، لأن عمان اليوم مرهونة بشققها وسياراتها للمصارف، وللمفارقة فإن منطقة شرق عمان الموصوفة بالفقر، أحسن حالا، لأن الاقتصاد فيها بسيط، وحيوي، وغير معقد، وأهلها اعتادوا مسبقا على إدارة حياتهم بطريقة منطقية وضمن مستوى محدد، فلا ينفقون الا بعقل، ولا يتورطون في مظاهر استهلاكية.
التباكي على قروض النساء، يتسم بالنفاق، لأن الرجال في اغلب الحالات هم السبب في ذلك، وهم يذرفون دموع التماسيح على النساء اليوم، فوق ان الظاهرة بحد ذاتها، تعبر عن الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية التي اجتاحت البلد، ولم تترك الرجال، أيضا، من شرها وشرورها، وهم يستحقون حصتهم من هذه الدموع أيضا، من باب المساواة مع المرأة.
لهذا لابد ان يقال اليوم، ان الأصل الحديث عن ظاهرة غرق الافراد في الديون، ولماذا توسعت وتمددت، واخذت في طريقها كل شيء، حتى بات البلد مثقلا، ويتنفس تحت الماء.
لقد جرى ارهاق المرأة بطريقة متعمدة، عبر الزج بها في الحياة الصعبة الى الدرجة التي نجد فيها سيدات مطلوبات للقضاء، او سجينات، او ملاحقات، لأن إحداهن اضطرت ان تأخذ قرضا بذريعة مشروع صغير، قيمته لا تتجاوز الالف دينار، فيما غايتها سداد ايجار بيتها، او دفع رسوم ابنها، او علاج زوجها، او لاي سبب آخر، والكل يعرف ان المرأة هي عماد العائلة، اضعاف الرجل، وسقوطها في الديون، يعني سقوطا لكل البيت.
لقد تغير الأردن كثيرا في بنيته الاجتماعية والاقتصادية، حتى بات الأردن الجديد غير الأردن الذي عرفناه تقليديا، بما يؤشر على تغيرات جذرية مقبلة على الطريق.