Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Feb-2017

ترامب ومتاهة الشرق الأوسط ! - محمد كعوش
 
الراي - ما كتبه ونظمه ونشره الشاعر الراحل محمود درويش لم يكن مجرد شعر ونثر للقراءة العابرة ، بل كان عبارة عن دروس في استيعاب ومعرفة الفكر الصهيوني ، ولكن القيادة الفلسطينية لم تستفد من هذه الدروس والعبر ، حتى وصلت الى الطريق المسدود المعبد بحلم الدولة الفلسطينية وسلام الوهم ، وتركت الزمن الأسرائيلي يتحرك الى الأمام حرا متحررا من كل الضغوط العربية والغربية.
 
استغلت اسرائيل اللحظة التاريخية برهانها على الزمن ، حتى نجحت في استبدال مشروع السلام المدون في المعاهدة بصيغة قديمة هي « لا حرب ولا سلام ، وتركت قضية الشعب الفلسطيني معلقة على جدار الفراغ المفتوح أمام خيارات قليلة تتردد في استخدامها ، وهي خيارات تعرفها حكومة اليمين في اسرائيل وتستعد لمواجهتها في أية لحظة ، بدعم من الأدارة الأميركية الجديدة وغياب الدور العربي.
 
وبمناسبة ذكر الأدارة الأميركية الجديدة ، نرى ان تصريحات الرئيس ترامب غير الأيجابية والمنحازة الى جانب اسرائيل وأمنها ومصالحها ، قبل وخلال وبعد اجتماعه مع سيد الضوضاء نتنياهو ، أعادت قضية الشعب الفلسطيني الى المربع الأول ، وفصلت ما بين الماضي والحاضر ، وأدخلت القضية في متاهة سياسية جديدة هدفها منح اسرائيل المزيد من القوة والوقت ، وهو الواقع الجديد الذي سيزيد من تعقيدات المنطقة المشتعلة ، ويجر رجل الرئيس الاميركي الى متاهة الشرق الأوسط ، لأنه لم يقرأ تاريخ المنطقة بتمهل وتفهم وامعان ، مثل أي سياسي مبتديء.
 
لكن الثابت حتى الآن هو أن الرئيس ترامب الذي ينطلق من قناعاته الشخصية في التعامل مع مسألة الأحتلال الأسرائيلي لم يدرك أن الشعب الفلسطيني الذي يواجه آخر احتلال في الكون يؤمن بأن قوة الفولاذ غير قادرة على قهر قوة الروح وصلابة الأرادة ، كما لم يدرك الرئيس ترامب ، على ما يبدو ، أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع العربي الأسرائيلي ، وانها سبب هذه الفوضى العارمة في الشرق الأوسط ، وشرط تجفيف منابع العنف يكمن في ايجاد حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني.
 
نحن نعرف أن القلق على مصير اسرائيل ، وأمنها وسلامة شعبها ، هو العامل المشترك بين كافة رؤساء أميركا واداراتها المتعاقبة ، ولكن كل الرؤساء واصلوا المراوغة والتلاعب بالكلمات والتاجيل وترحيل الحل العادل ، لأنهم على قناعة بضرورة عدم الضغط على اسرائيل لفرض السلام العادل ، وتحقيق حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، ولكن رغم ذلك لم يخرج بينهم من يعلن الغاء حل الدولتين ، لأنه يدرك تبعات هذا القرار.
 
الحقيقة أن كل قرارات الرئيس ترامب غير موفقة ولا ايجابية ، للداخل والخارج ، لأنها قائمة على نسف الجسور وبناء الجدران ، لذلك نرى انقساما غير مسبوق في الشارع الأميركي ، كما نرى عدم ارتياح في الدول الأوروبية ، اضافة الى التوتر المتصاعد في علاقاته مع المكسيك ودول اخرى في شرق آسيا ، والسبب أن ترامب يعتقد أو يؤمن بأن الأقدار اختارته لأنقاذ أميركا واعادة بناء الولايات المتحدة الأقوى ، وبالتالي هو يطرب لأصوات الدهماء من اليمين المتعصب ، الذين يطبلون ويزمرون لقراراته المتسرعة ، دون ادراك عواقبها ، لأن الرئيس المسيحي المؤمن لم يأخذ بالوصية التي وردت في سفر الخروج وتقول « لا تتبع الجموع الى الشر «.
 
ولكن في النهاية ، ورغم الأنقسام الفلسطيني الذي لن ينتهي في الزمن القريب ، وهو الأنقسام الذي يعززه الأنقسام العربي وعملية تدمير الذات في الزمن المعاصر الأردأ في التاريخ ، اتوقع أن قرارات الرئيس الأميركي غير القابلة للتنفيذ ، ستنتهي الى طريق مسدود ، لأنها عكس حركة التاريخ ، وتنتهك المعايير الدولية وحقوق الأنسان ، ولأن عقارب الزمن لا تعود الى الوراء ، واعتقد أنه سيغير من نهجه ولغته ، عندما يدرك أن التغيير هو الثابت الأبدي حسب قول الفيلسوف الألماني شوبنهاور.