Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Apr-2017

التربية = فن وذوق وأخلاق! - ناديا هاشم العالول
 
الراي - قد يتفاجأ البعض من هذا العنوان لإرتباط هكذا مقولة بسواقة المركبات اي قيادتها – فالقيادة التي هي فن وذوق وأخلاق نجيّرها هنا للتربية.. ولم لا ؟ ونحن نقبع بين «مطرقة» حروب السير على الطرقات من جهة، و»سندان « الحروب الصغيرة والكبيرة التي ركبت موجة ربيع عربي تداخلت دواماته ببعضها البعض من جهة اخرى، كقُمْع إعصار ينطلق من نقطة صغيرة تتوالد دوائرها تدريجيا لتتعاظم كلما ارتفعت عن سطح الأرض، فتراه متنقلا شافطا كل ما في طريقه خالعا البيوت من أساساتها، والأشجار من جذورها، والبشر من رقابهم عبر حوّامات متداخلة متنامية لا تُبْقي اثرا للإنسان أوالمكان أو الزمان!
 
وتُعْتَبَرُ بلادُنا محظوظة لخلوها من الأعاصيرالعاتية، فمنطقتنا الجغرافية تكاد تخلو من مصطلحاتها المتعددة وفق قوتها ونوعيتها ونشأتها فبين ال «هاريكان» الى «التورنيدو» الى «تويست».. الخ، بغض النظر عن نشاط ثلجي هنا وهناك ب و»طوز» رملي نختبرها بسلاسة وفق فصول متباينة وبين الحين والآخر..إلا اننا والحمدلله ما زلنا على البَرَّ من هذه الناحية ولهذا نكاد نُصاب بالعيْن من الشعوب الواقعة دوما بمهب الأعاصير، دون ان تدرك الى ان منطقتنا العربية تتميز بأعاصير من نوع آخر: احتلال هنا وتهجير هناك إضافة الى تدمير البنية التحتية والإنسانية بفعل حروب مختلَقَة وصراعات منبثقة عن مصالح تحولت الى مطامع تدعس كل ما في طريقها، و أسوأ بكثير من اي إعصار طبيعي، وحتى من لم يقع ضحية للدمار تأثر إقتصاده وعانت بيئته..
 
يعني بالنهاية اننا لسنا بمحظوظين كما يعتقد الحاسدون وكيف لا؟ والفئات المتصارعة على السلطة بالبلاد العربية المجاورة غدت أدوات بأيدي الدول الأخرى وهي تنفِّذ برامج الأخيرة التوسعية، بينما العرب بكراهية بعضهم بعضا مستغرقين، وكأنه لا يكفينا المعاول الدولية الخارجية النازلة»طاخ طيخ» فوق رؤوسنا حتى صرنا نتسلّط على بعضنا بطريقة او بأخرى، فأصبحت السيارة التي نقودها أداة قتل من الطراز الأول بأيدي بعض السائقين لعدم التزامهم بقوانين السير، صحيح انهم لا يؤذون غيرهم عامدين متعمدين.. ولكن من يتعمد إهمال قانون المرور وتجاوز السرعة المسموح بها متسيّبا بين المسارب كأفعى متلوية بدون حسيب داخلي او رقيب ذاتي فهو مذنب لا محالة ولا بد من عقاب يتناسب والحالة!
 
إذْ كيف نطالب بان تكون قيادة المركبات فن وذوق وأخلاق في حين ان التربية الأصلية تفتقد للفن والذوق والأخلاق؟
 
فإما أن المربّي لا يتمتع بهذه الصفات ولا بأيّ واحدة منها على الإطلاق وفاقد الشيء لا يعطيه، او المتَلَقي للتربية هو بعينه عنيد رافض للانصياع لأية تربية ومفقود منه الأمل كما يقولون بالعامية «جِن مصبّر» لا يقبل سوى مشورة عقله!
 
ولهذا لا يمكن ان تكون التربية- توجيه الأجيال -بواد – والقيادة- توجيه السيارة -بواد آخر..
 
فالتربية مفروض أن تُجْبَل –تُمزَج- بكل قول وسلوك وفعل وعمل يقوم به الأفراد والجماعات دون فصلهما، وبخاصة ان المحصّلة الكليّة لإقتران الفن بالذوق بالأخلاق تنضوي تحت شعار ومضمون «الإلتزام» بمبادئ أي ّعمل نقوم به، سواء بقيادة المركبات الى قيادة الأفراد والأَسر والجماعات عبر توأمة ثلاثية للتربية تجمع الفن والذوق والأخلاق لتنزل علينا بركاتها على الصعد كافة السلوكية والعملية..
 
قد يتساءل البعض لماذا الفن أولا بمعادلة «السواقة» – القيادة -؟
 
لأن الابداع بأنواعه بما فيها الفنون تنبثق عن درجة عالية من الذوق الرفيع، ولهذا الفن والذوق يجمّلان الأخلاق إنْ وُجِدَتْ، فمثلا نحكم على شعب ما بأنه «»مذوِق بعكس شعب آخر، لتمتّع هذا الشعب بجماليات السلوك المجتمعة بثقافة جمعية تنضح فنا وذوقا، مجمّلة بذلك الأخلاق لتصبح أكثر رقّة وجمالا..وعندما نصف فردا أو شعبا ما بكثرة الذوق: يعني حسن المعاملة بعكس قليل الذوق: خشن المعاملة حتى لو تمتّع هذا الخشن بالأخلاق الحسنة من صدق وأمانة.. الخ
 
ولهذا لم يكتفوا بقولهم القيادة «أخلاق» إذْ لا بد من دعمها بحُسْن المعاملة، فقد يكون الإنسان أخلاقه جيدة ولكن سلوكياته خشنة كأنْ يطاحش ويدافش ويتجاوز وكلامه كالجَبِش – الحجارة-!
 
حاصرتنا هذه الأفكار ونحن نتألم لألم الأم الثكلى المختنقة بعبراتها على فلذة كبدها الشاب والذي قضى نحبه جراء سائق «طاير» بسيارته مطيّرا الشاب البريء العائد لمنزله!
 
حتى اثناء سيرنا كمعزّين متجهين لبيت العزاء بعد ايقاف مركباتنا جانبا، كدْنا نتعرض لخطر الدعس من قّبَل باصات مسرعة غير مراعية لقوانين السير ولا لكُتَل النساء المتشحة بالسواد، ولا للأب المكلوم، ولا للشارع السكنيّ الضيّق.. ولا ولا.. صمٌ بكمٌ عمْيٌ فهم لا يفقهون!
 
لقد بات بحكم المؤكد ان البعض يشكو من عنجهية صارخة نتيجة تربية ناقصة تفتقر للفن والذوق والأخلاق ليست على مستوى قيادة السيارة فحسب، بل على الصعد كافة رافعة شعارها: يحقّ لي مالا يحقّ لغيري!
 
hashem.nadia@gmail