Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Nov-2018

إصرار شخصي لمنع الحرب - عاموس هارئيل

 

هآرتس
 
الغد- في محادثات مغلقة، وبصورة استثنائية في عدد من خطاباته الأخيرة ظهر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو واضحا وصريحا. سيواصل القيام بكل ما في وسعه لمنع حرب مع غزة يراها خطيرة وغير ضرورية. في المقابل، مثلما لدى وزير الأمن ليبرمان، يعتمل لدى نتنياهو الخوف من الضرر السياسي، رغم اقواله هذا الاسبوع بأنه مستعد لاستيعاب الضرر. استطلاع شركة الاخبار أول أمس كان الاصعب على الليكود منذ ثمانية أشهر حيث هبط إلى 29 مقعدا.
في معركة الصد التي يديرها ضد مؤيدي الحرب في غزة، يجد نتنياهو ركيزة أمنة في رئيس هيئة الاركان، غادي أيزينكوت، كلاهما يظهران متوائمان تماما. رئيس الاركان هو الذي عرض هذا الاسبوع على وزراء الكابينيت وصفا واقعيا لتطور الاحداث. في هذه الحالة إسرائيل هي التي بدأت التصعيد. وبفضل ضغط من مصر ارسلته بعثة مخابرات إلى القطاع، كبحت حماس العنف في احداث يومي الجمعة السابقين في المظاهرات على طول الجدار. 
زعماء حماس كانوا راضين عن الزخم الايجابي الذي ادخله الوقود والأموال من قطر. وبالاساس من مضاعفة ثلاث مرات ساعات تزويد الكهرباء المقلصة للسكان. في إسرائيل قدروا بأن هذا سيمكن من التقدم أيضا في الاتصالات من اجل التوصل إلى تسوية بعيدة المدى.
رغم هذا الوضع الهش، تمت المصادقة مسبقا على العملية الخاصة لوحدة مختارة في خانيونس. عمليات كهذه تمر تحت رادار العدو عشرات المرات في العام في قطاعات مختلفة. الجيش يعتقد أن هذه العمليات حيوية وتبرر أخذ مخاطرة ثابتة بالتعقد ووقوع خسائر والأسر، حتى في ظروف استراتيجية حساسة. كشف المقاتلين من قبل دورية لنشطاء الذراع العسكري لحماس انزلق إلى معركة تبادل إطلاق النار قتل خلالها المقدم م. ونائبه، كما قتل سبعة فلسطينيين مسلحين وأصيب سبعة آخرون. الشجاعة التي اظهرها ضابط الاحتياط المصاب وباقي المقاتلين مكنتهم من الاتصال مع الطائرة المروحية التي انقذتهم وانقاذ حياة المصاب.
في نظر الجيش، رد حماس ربما هو غير مبرر، لكن كان يمكن تفهم اسبابه. حماس كشفت عملية سرية إسرائيلية في جبهتها الداخلية وتلقت إصابات كثيرة. ردها تضمن إطلاق 460 صاروخا وقذيفة، وبدايته إطلاق صاروخ مضاد للدبابات أطلق على حافلة على الحدود في يوم الاثنين ظهرا. رد الجيش بعدة هجمات جوية ضد اهداف لحماس والجهاد الإسلامي، منها بضعة مباني متعددة الطوابق في غزة. في المناقشات الأمنية وجلسة الكابينيت تم طرح ثلاثة بدائل: الامتناع عن الرد، توجيه ضربة وصفها الجيش بأنها ضربة شديدة أو شن معركة واسعة، إلى درجة "الجرف الصامد 2". الجيش ضباط قدامى سيقولون إن هذه دائما كانت هي الطريقة، أوصى بالبديل الثاني، الفوري في نظره.
عدد من الوزراء طلبوا من الجيش توضيح لماذا لم ينفذوا عمليات اغتيال لزعماء حماس. التفسير يرتبط أيضا بالضرورة التي بدأت بها جولة اللكمات الاخيرة. إسرائيل لم تخطط لها مسبقا، وفور اندلاعها نزل زعماء حماس تحت الارض وتم فقدان عنصر المفاجأة. ولكن الجيش ليس متحمسا على كل حال إلى العودة إلى الاغتيالات. 
هناك وزراء يعتقدون أنه يمكن ادارة معركة طويلة عن بعد، دون ادخال قوة برية إلى القطاع. رئيس الاركان يتوقع أن تأثير الدومينو يمكن القيام به بصورة اخرى: الفلسطينيون سيردون بإطلاق النار على منطقة تل أبيب الكبرى، والحكومة بضغط من الجمهور ستعطي تعليمات لتجنيد الاحتياط، وازاء استمرار التدهور أيضا ستعطي تعليمات بالدخول البري للقطاع. هنا سيحدث أمر من أمرين: إما أن تحتل إسرائيل القطاع وتتورط بأخذ ادارة الاحتلال بأيديها، وإما أن تتوقف عن القتال بعد بضعة اسابيع حيث تعود المفاوضات مع حماس بالضبط إلى نقطة البداية.
في هيئة الاركان لا يعتقدون أن عدد المصابين يقتضي شن حرب، وهم متفاجئون قليلا من التشوق الذي أظهره بعض الوزراء للعودة إلى ايام حرب لبنان الثانية وعملية الجرف الصامد. صحيح أنه قتل في هذا الاسبوع الضابط (م). وبعده عامل فلسطيني أصيب جراء صاروخ كاتيوشا لحماس في عسقلان، ولكن عدد الخسائر في الطرف الفلسطيني أكثر بكثير. 
حوالي 250 شخصا قتلوا هناك منذ بداية العام مقابل 3 قتلى في إسرائيل. في الجيش لم يوافقوا على موقف وزير الأمن المستقيل ليبرمان بأنه "حان الوقت لحرب لا مناص منها". حسب هذا المنطق، قالوا هناك، كنا سنقوم بعملية واسعة كل أسبوعين على مدى السبعين سنة الاخيرة. من الأفضل التقاط الانفاس والتفكير قبل القيام بعمل غبي. الحرب، يقولون في الجيش، يجب أن تكون فقط مخرجا اخيرا، بعد فحص جذري للبدائل الاخرى.
اريئيل شارون الذي كان أيزينكوت سكرتيره العسكري، شن حربا، عملية "السور الواقي" في الضفة الغربية، فقط بعد أكثر من 130 قتيلا إسرائيليا في شهر واحد، آذار الرهيب في العام 2002. حسب ادعاء المخابرات، أيضا حماس تفهم علاقة القوة العسكرية وكذلك هي تريد عدم الوصول إلى حرب بسبب معرفتها أن الثمن الذي سيدفعه الفلسطينيون سيكون باهظا بشكل كبير. والتزام مصر وقطر بالتوصل إلى تسوية ما يزال يمكن أن يؤدي إلى التوصل إلى اتفاق غير مباشر، يمنع الحرب ويبدأ بحل الأزمة الصعبة في القطاع. 
في حزيران 2016 بعد أسبوعين على تولي وزير الأمن لمنصبه، التقى ليبرمان في لقاء تعارف مع المراسلين العسكريين. خلافا لسلفه، موشيه يعلون، ليبرمان جاء إلى اللقاء وهي يرتدي بدلة وربطة عنق. هكذا اوضح بأنه ينوي الحضور لكل نقاش وكل زيارة في الجيش. المسؤولية تقتضي ذلك، لقد تعهد للمراسلين العسكريين بأن يلتقي معهم مرتين في السنة، عيد الفصح ورأس السنة.
من هنا انتقل وزير الأمن الجديد إلى اعطاء صورة عن الوضع الحالي، ومنها ظهرت اختلافات المقاربة بينه وبين من حل محله. المشكلة الرئيسية لإسرائيل، هكذا فاجأ ليبرمان سامعيه، ليست في لبنان أو غزة، هي تنبع من الشخص الذي يجلس في رام الله، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يستخدم ضدها "إرهاب سياسي" في الساحة الدولية. 
بالنسبة للقطاع، فإن الحرب ضد حماس هي أمر لا يمكن منعه، لكن إسرائيل يجب أن تشنها فقط عندما لا يكون خيار آخر. وعند حدوث ذلك، يجب أن تكون هي الحرب الاخيرة. يجب اسقاط حكم حماس ونقل السلطة إلى جهة اخرى، وإن كان ذلك ليس لأبو مازن. على هذا الشخص لا يمكن الاعتماد.
البدلة وربطة العنق هي أول ما ذهب كلما أخذ الصيف الأول لليبرمان بأن يصبح حارا. وزير الأمن اظهر أن السفر بسيارة الهامر المحصنة لقائد فرقة غزة وهو يرتدي السترة الواقية، هو تجربة لا تحتمل بالزي الرسمي. اللقاءات الدورية مع المراسلين تباعدت أكثر كلما تقادم في منصبه. وهذه استبدلت بمكالمات هاتفية قصيرة، التي فيها بعد الافتتاحية المعتادة لليبرمان عن الجنة والعسل، انتقل لمعرفة واقعية عن تعقد الوضع الاستراتيجي وقيود العمل الملقاة على إسرائيل.
ليبرمان يغلق الباب خلف فترة ولاية حزينة ومحبطة جدا. في المؤتمر الصحفي في الكنيست الذي أعلن فيه عن استقالته ظهر وكأنه يتنفس الصعداء بعد أن ازيل عن ظهره حمل ثقيل.