Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Oct-2018

في لبنان: صُعوبَة «استيلاد حكومة».. سُهولَة «استيراد أزمة»! - محمد خروب

 

الراي - اكثر من مئة يوم انقضت على تكليف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري,تشكيل حكومة جديدة فرضتها نتائج انتخابات السادس من أيّار الماضي،وبالتالي جعلت من حكومته القائِمة مجرّد حكومة تصريف أعمال، دون أن يلوح في أفق أزمة التشكيل المتدحرِجة,اي بوادر انفراج في حال انعدام الثقة السائدة والتي تُميّز المشهد اللبناني,الذي يصعب جمع شِتاتِه لاسباب كثيرة,تقف في مقدمتها تلك الصيغة البالية التي ما تزال تحتكم اليها النخبة السياسية والحزبية والدينية,المستفيدة مما توافَق عليه «قادة»لبنان بعد «استقلاله»،رغم الانتقادات اللاذعة التي تُوجّه الى تلك الصيغة القائمة على المحاصصة الطائفية والمذهبية،والتي لم تعد مبرراتها قائمة بعد اكثر من ثلاثة ارباع القرن,وبخاصة لجهة حصر رئاسة الجمهورية في الطائفة المارونية،ومنح رئاسة مجلس النواب للطائفة الشيعية،فيما أُسندَت رئاسة الحكومة الى الطائفة السُنيّة،رغم أن القسمة الضيزى هذه،استندت إلى معايير ديموغرافية (عددية) قيل إن الموارنة هم الأكبر عدداً،يليهم الشيعة وأخيراً السُنّة،مع اعتراف بباقي الطوائف والمذاهب التي يصل عددها (مع الطوائف الكبرى الثلاث)الى ثمانية عشرة طائفة،سواء كانت»أقليات كبرى أم صغرى».وفي ظل حقيقة أخرى تقول:ان عدد الموارنة قد تراجَع كثيراً،فيما تتقدّم الطائفة الشيعية الصفوف..عددياً ونفوذا،أما السُنّة فهم في المرتبة الثانية، لكن أحداً في لبنان لا يجرؤ المطالبة بإجراء تعداد سكاني جديد,يُضيء على حقيقة أعداد «الشعوب» اللبنانية.
لم يحدث ان طرأ تغيير يُذكر على تلك الصيغة المتقادمة رغم «الانقلاب» الذي أحدثه اتفاق على صلاحيات رئيس الجمهورية (الماروني),حيث أخذ منها لصالح مجلس الوزراء مُجتمِعا (اي الذي يرأسه سُنّي),مع بقاء صلاحيات الرئاسة الثانِية (الشيعية)على حالها، الامر الذي ترك صلاحية تشكيل الحكومة لرئيسها المكلف «السُنّي»,فيما يقوم رئيس الجمهورية بوضع توقيعه عليها.وإذ لا يملك حق «الفيتو» عليها, الاّ ان عدم «توقيعه» لا يسمح بإعلان الحكومة رسمياً.
هنا يكمن سر الازمة الراهنة,عبر تمسّك بها الحريري بصيغة يتيمة (بمعنى وحيدة) قدّمها لرئيس الجمهورية الجنرال عون,قام الاخير بـ»الإعتراض» على عدد الحقائب الممنوحة للاحزاب والكتل النيابية المشارِكة,وخصوصا انها صيغة لتشكيلة حكومية تحمل اسم المصطلح العربي الفاقد لجدواه وصدقِيّته وهي حكومة «ائتلاف وطني»,اي جامعة لكل او معظم القوى السياسية والحزبية.
ليس غريباً والحال المُعقّدة هذه,تمتّرس الافرقاء،وهم هنا زعماء الاحزاب الطوائفية,الذي يدّعي كل منهم حقه في «التمثيل»وعدد الحقائب و»نوعيتها»,أكانت سيادية او خدماتية,ام مجرّد حقائب ترضية «عددية» تحمل اسم «وزير دولة»,لا يعمل ولا دور او مهمات رسمية له.كما يجد هؤلاء الدعم من القيادات «الروحِية» التي تجد فرصتها للبروز,عبر الزعم انها تُدافع عن الطائفة والدور وعدم السماح «بالتعدّي» على صلاحيات أقرّها اتفاق الطائف (بالنسبة للطائفة السنية خصوصا)،فيما يواصِل ممثلو الطائفة المارونية المطالبة باستعادة «صلاحيات موقع الرئاسة التي سحبَها منه اتفاق الطائف,ولا يتورّع الاخرون سواء من الطوائف الرئيسية الثلاث ام تلك الطوائف ذات الدور والتأثير»الثانويين».والتي بدونها لا يستقيم «البعد الميثاقي»الذي يعني (وفق صيغة العام 1943 (ضمان تمثيل تلك الطوائف والمذاهب ذات الاقلية الديموغرافية العددية,سواء احتُسبوا على النصف الاسلامي (كالدروز)ام على النصف الآخر المسيحي (كالارمن والارثوذكس والكاثوليك وغيرهم).
قيل بعد اعتراض الجنرال عون على الصيغة الوحيدة التي قدّمها الحريري:ان الاول سينتظر حتى نهاية ايلول كمهلة نهائية للرئيس المكلّف ليدعو الى تشكيل حكومة اكثرية وليس حكومة ائتلاف او وحدة وطنية,ما يعني قيام مجلس النواب بتكليف شخصية سُنيّة اخرى,وهو امر قد لا يكون مُتاحا,اذا رفض الحريري الإعتذار عن التكليف واصطفّ الى جانبه, النواب السُنّة خارج اطار كتلته,التي لا تزيد عن 19 نائبا,وشاركهم في ذلك «الثنائي»
المتحالِف معه حتى الان,وهم سمير جعجع وجنبلاط (حيث يتوفر الاخيران على 24 مقعدا)وخصوصا اذا انضم اليهم (وهو سينضم) نبيه بري (حركة امل) الذي لديه 17 نائبا,كونه ليس على وفاق مع رئيس الجمهورية, وبخاصة مع تيار (الوطني الحر) ورئيسه صهر الجنرال عون.. جبران باسيل.
الأزمة «الحكومية» او ازمة النظام الطوائفي (وهذا هو الوصف الأدق) متفاقِمة,ومرشحة لتأخذ ابعادا اخرى, في ظل التدخلات الخارجية المعلنة وبخاصة تلك التي تجري في الخفاء.وذلك التي لا تتولّاه وسائل الاعلام الداعمة للتحالف»الثلاثي»الذي يبرز بوضوح دوره المعطل لتشكيل حكومة تنهض على تمثيل حقيقي ووازن,وفق نتائج انتخابات السادس من ايار والذي يمثله الحريري (تيار المستقبل) وجعجع (القوات اللبنانية) الذي يخوض معركة مُبكرة على موقع رئاسة الجمهورية,والثالث وليد جنبلاط (الحزب التقدمي الاشتراكي),وهؤلاء وفق ما يقول خصومهم ووفق ما استقرّت عليه تحالفاتهم الإقليمية,يلتقون مع قوى اقليمية ودولية ترى في ازمة تشكيل الحكومة فرصة سانحة لتصفية حساباتها السياسية,مع عواصم اقليمية اخرى كطهران وحليفها حزب االله وخصوصاً سوريا,على ما قال مسؤوليون أميركيون وعرب:بأنهم سيواجِهون «إيران» في سوريا والعراق....ولبنان.
kharroub@jpf.com.jo